لا تترك سلطات الاحتلال الإسرائيلي أي وسيلة إلا وتستخدمها لأجل تمرير مخططاتها وأجنداتها في مدينة القدس المحتلة، ولتمزيق النسيج الاجتماعي المقدسي، من خلال إغراء الناس بمصالح مادية فردية، ومسميات "مشبوهة ومنبوذة"، تتخذها كذريعة لأجل بسط نفوذها وسيطرتها على كافة مناحي الحياة في المدينة.
ومؤخرًا، شكلت بلدية الاحتلال في القدس "لجنة المخاتير" بالتعاون مع جهاز "الشاباك"، لتكون مرجعية للمقدسيين و"حلقة وصل" بين الاحتلال وسكان المدينة، بذريعة حل المشاكل العائلية ونزاعات ملكيات الأراضي.
وأكدت هيئة العمل الوطني والأهلي بالقدس أن بلدية الاحتلال وبالتعاون مع جهاز المخابرات تمضي في تشكيل قائمة من المخاتير المقدسيين في كل الأحياء والبلدات، تضم 20 مختارًا، جرى انتقاؤهم بعناية من المخابرات.
وقالت إن هذه الخطوة تندرج أيضًا ضمن محاولة تصدير هؤلاء المخاتير للمشهد الاجتماعي ليكونوا مرجعية المقدسيين، وليسهموا في حل المشكلات العائلية ونزاعات ملكيات الأراضي كمدخل لنفوذهم وسيطرتهم في المدينة.
وتهدف بلدية الاحتلال من وراء ذلك، إلى "جرّ المقدسيين للمشاركة في احتفالاتها ومهرجاناتها وبرامج التعايش التابعة لها، فتمسي بالتالي هي المرجعية الفعلية للحياة الاجتماعية المقدسية عبر أولئك المخاتير". وفق الهيئة
تخدم الاحتلال
مختار بلدة سلوان موسى العباسي يقول لوكالة "صفا" إننا نرفض بشكل قاطع تشكيل "لجنة المخاتير"، كونها تخدم مصالح بلدية الاحتلال، وليس المواطن المقدسي.
ويوضح أن المختار من يتم اختياره من قبل السكان المقدسيين، لتمثيلهم ورعاية مصالحهم واحتياجاتهم، وليس من بلدية الاحتلال التي تسعى للسيطرة على المدينة المقدسة، وتمزيق النسيج الاجتماعي.
ويشير إلى أن من تم تعيينهم ضمن "لجنة المخاتير" لا يعلمون شيئًا عن بلدة سلوان، ولا عن الملكيات في القدس أو غيرها.
ويُحذر العباسي من خطورة تشكيل هذه اللجنة على المجتمع المقدسي، وتحديدًا على أهالي بلدة سلوان، باعتبارها نقطة مواجهة ساخنة مع الاحتلال.
وحول جهود مواجهة هذه الخطوة، يؤكد العباسي أن اجتماعًا عامًا سيعقد بمشاركة لجنة الدفاع عن أراضي سلوان، ورابطة حمائل سلوان والأهالي لدراسة الموضوع ومدى خطورته، وللخروج ببيان وقرار موحد يوضح موقفنا ورفضنا لهذه الخطوة.
ورغم تشكيل "لجنة المخاتير"، إلا أن المقدسيين يرفضونها بشدة، ويطالبون بمقاطعتها كاملًا، باعتبار أن هؤلاء المخاتير ممثلين مباشرين للاحتلال محسوبين عليه، وليسوا جزءًا من الصف الوطني والمقدسي بأي حال، كما أنهم يخدمون بلدية الاحتلال ومشاريعها التهويدية في القدس.
حرب مفتوحة
ويأتي تشكيل "لجنة المخاتير" في سياق الهجمة الإسرائيلية المتواصلة على القدس، من أجل تغييب القيادات الوطنية والإسلامية عن المشهد، ومحاولة الالتفاف على الجماهير وأهل المدينة، وإيجاد بدائل يرضى عنها الاحتلال. كما يقول النائب في المجلس التشريعي المبعد عن القدس أحمد عطون
ويضيف عطون في حديثه لوكالة "صفا" أن هذه الخطوة تأتي أيضًا في سياق محاولة فرض التهويد والأسرلة، لأن الاحتلال يُدرك أن هناك حرب مفتوحة على القدس ليس فقط على الأرض والعقار والمقدسات، بل على الذاكرة ووجود الإنسان.
ويتابع أن" الاحتلال يريد أن يقول للعالم بأنه يمارس الديمقراطية ويسمح لهذه الحريات بوجوه فلسطينية ومقدسية خارجة عن الصف الوطني والإجماع المقدسي، لتنفيذ أجندات برضا الاحتلال، لأنه سلوكه في المدينة غير مقبول في كثير من القضايا".
وبحسبه، فإن "الاحتلال أصبح يريد التدخل في أدق تفاصيل المشهد المقدسي وحياة السكان، ومشاكلهم الخاصة، وأن يملأ الفراغ، خاصة في ظل عدم وجود أي جسم فلسطيني بالمدينة".
ويوضح أن "هناك العديد من الخلافات لها بعد في موضوع العقارات والممتلكات بالقدس بحاجة إلى توثيق ومصادقة بعض الوجهاء والمخاتير المعروفين وطنيًا، وفي حال اُستغل هذا الظرف لمباركة الاحتلال في محاولة سرقة تلك الممتلكات وإعطاءهم نوعًا من الشرعية بوجوه مقدسية هي بالأصل متعاونة مع الاحتلال، فهنا تُكمن الخطورة".
ويحذر النائب عطون من محاولة الالتفاف على قضايا الناس، وممتلكاتهم وحقوقهم، تحت مُسمى أن هذا "الجسم فلسطيني مقدسي".
"لا يمكن من خلال مسميات احتلالية واضحة أن تستطيع حسم العديد من الملفات في القدس، لكن دومًا ما تبحث سلطات الاحتلال عن وجوه فلسطينية لتحقيق أهدافها وأجنداتها". وفق عطون
ويؤكد أن المقدسيين يُدركون جيدًا مدى مخاطر هذه القضية، لكن "من المؤسف جدًا أن تجد بعض دعاة النفوس أو ممن تم اختيارهم من قبل الاحتلال يتساوقون معه، فهذه الأجسام والمسميات منبوذة من الشارع المقدسي، وغير مقبولة لا عربيًا ولا إسلاميًا ولا فلسطينيًا".
ولهذه القضية، خطورة حقيقية على المجتمع المقدسي، كونها تهدف إلى تمرير مخططات وأجندات احتلالية على أهل القدس وقضاياهم الاجتماعية وخلافاتهم من أجل معرفة نقاط الضعف والإشكاليات التي تواجه المقدسيون. يحذر النائب عطون
مواجهة القضية
وحول كيفية مواجهة مثل هذه الإجراءات، يؤكد النائب المقدسي على ضرورة توعية المقدسيين، وتسليط الضوء إعلاميًا على هذه القضايا، والتأكيد على أهمية التمثيل الوطني والإسلامي والمقدسي في مدينة القدس، وعلى شرعية وجود الشخصيات المقدسية.
ويطالب بضرورة وجود مؤسسات راعية ومدعومة إسلاميًا وفلسطينيًا لمتابعة إشكاليات المقدسيين واحتياجاتهم وحقوقهم.
وأما عضو رابطة حمائل سلوان أحمد سمرين فيقول لوكالة "صفا": إن "لجنة المخاتير مشبوهة وغير مقبولة لدى المقدسيين، ولن يتم التعاون والتعامل معها بأي حال من الأحوال، كونها تنسجم مع أهداف الاحتلال ومخابراته".
ويضيف أن تشكيل هذه اللجنة يهدف إلى تسهيل تنفيذ مشاريع ومخططات الاحتلال الرامية للسيطرة الكاملة على المدينة المحتلة، وتهويدها، وطرد سكانها الأصليين.
وينبه إلى مخاطر هذه اللجنة على المقدسيين، وحياتهم الاجتماعية، مشيرًا في الوقت نفسه، إلى عدم وجود أي رابط بين اللجنة والسكان، وأنهم يرفضونها ولن يتعاونوا معها.