عندما استشهد القائد بكتائب القسام سعيد القطب عام 2004، كان "سيّد" آخر أطفاله يحبو على الأرض، وها هو اليوم غدا شاباً يافعاً يحتفل مع والدته وإخوته بنجاحه بالثانوية العامة بتفوّق وتحقيق وصية والده الشهيد.
في منزل الشهيد القطب بمدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، عمت الفرحة وعلت الزغاريد فيما اجتمعت العائلة والأقرباء للاحتفال بنجاح سيد وتفوقه بحصوله على معدل 91%.
وقال سيد لوكالة "صفا": "أشعر بفخر كبير في هذا اليوم لأنني رفعت رأس أمي وأعدت صدى صوت أبي بعد 17 سنة من استشهاده لأعرف الأجيال الجديدة عن جهاده وتضحياته".
وبدا سيّد سعيدًا بالمعدل الذي حصل عليه والذي سيمكنه من دخول التخصص الذي يرغب به.
وقال: "كانت سنة صعبة على جميع الطلاب، ولهذا كانت الفرحة عظيمة ومضاعفة".
وأضاف: "الصعوبات التي واجهتنا كانت دافعا لنا لبذل المزيد من الجهد وتحقيق ما نصبوا إليه".
ولعل أكثر ما زاد من صعوبة هذا العام هو الانقطاع المتكرر عن الدوام الوجاهي، وهو ما يؤكد سيد أنه كان مرهقا للطلبة وزاد من طول هذه السنة.
ويخطط سيد لدراسة هندسة الحاسوب، ويأمل أن يحقق في المرحلة الجامعية تفوقا أكبر، فهي المرحلة التي تعتمد عليها حياته المستقبلية.
ويعود سبب رغبته بهندسة الحاسوب إلى امتلاكه موهبة علوم الحاسوب منذ الصغر.
ويقول: "كنت دائما أهوى الجلوس إلى الحاسوب والبحث والبرمجة".
وازدادت هذه الهواية في السنة الأخيرة من الدراسة وبدأ سيد يدرس لغات البرمجة، وهو يحلم بأن يستطيع في سن صغير أن يبني عمله الخاص عن طريق هندسة الحاسوب.
ويفخر سيد بكونه ابن الشهيد سعيد القطب والاسم الذي منحه إياه والده تيمنًا بالمفكر الإسلامي سيد قطب.
كما يفخر بأمه التي لم تشعره يوما بغياب والده الذي تركه في عمر سبعة أشهر، ولم تجعله يحيا دور الضحية.
وقال: "كنت أتمنى لو أن أبي يقف إلى جانبي في هذا اليوم، وهو ما سيجعل الفرحة مضاعفة".
ودعا الطلاب للمثابرة والاجتهاد والمضي قدما لتحقيق أهدافهم وطموحاتهم، وأضاف: "أقول لأهالي الشهداء والأسرى: يجب علينا أن نكون قدوة وأن نظهر أننا قادرون على التفوق والنجاح وتحدي كل الصعوبات".
"أم محمد" والدة سيد، عبرت عن فرحتها بالقول: "الحمد لله على هذه النتيجة، فقد كانت مفرحة وضمن طموحنا بسبب صعوبة هذه السنة".
وأبدت فخرها بما أنجزه سيّد، وقالت لوكالة "صفا": "اليوم أشعر أنني قد أديت الأمانة التي تركها لي زوجي الشهيد، فقد نجح أصغر أبنائي وقبله نجح إخوته الثلاثة".
وبينت أن سيد كان على الدوام من المتفوقين والمتميزين بدراسته، ونتيجة لانشغالها بعملها خارج البيت، فقد دفعه ذلك للإحساس بالمسؤولية والاعتماد على نفسه وتنظيم وقته وتحديد ما الذي يريده.
وتستحضر أم محمد معيّة الله وتوفيقه لها في تربية أبنائها، وتقول: "مررنا بصعوبات كثيرة بعد استشهاد سعيد، لكن ربنا كان دائما معنا وأعانني على تربيتهم وتعليمهم، لأن سعيد ضحى بحياته من أجل وطنه ودينه".
وتضيف: "كان سعيد حريصًا على تربية وتنشئة أبنائه، وقد خصّ سيّد بالعلم في وصيته، وها هو سيّد يحقق وصية والده".