يتم الترويج لمشروبات الطاقة على أنها قادرة على منح مستهلكيها طاقة لا مثيل لها. وعلى الرغم من إقبال الكثيرين على استهلاكها، فإن العديد من الأصوات تدعو إلى تنظيم الإقبال عليها وتحذّر من تناولها باستمرار.
وقالت الكاتبة أنا فيلاراسا في تقريرها الذي نشرته مجلة "ميخور كون سالود" الإسبانية، إن مشروبات الطاقة اقتحمت أسواقنا منذ بضعة عقود ولقي استهلاكها رواجا واضحا. وبفضل ادعاءات الإعلانات، أصبحنا نعتقد أن هذا النوع من المشروبات سيكون حليفا لنا في أوقات التعب لزيادة نشاطنا. لكن، هل تعد هذه المشروبات ضارة؟ وهل لديها مخاطر على صحتنا؟
ما مشروبات الطاقة؟
لم يتفق المجتمع العلمي بعد على تعريف واضح لمشروبات الطاقة. ووفقا للوائح الحالية، فهي تندرج ضمن فئة المشروبات المنعشة. وضمن هذه الفئة، يقع تجميع كل تلك المشروبات غير الكحولية التي تحتوي على الكافيين، والتورين والفيتامينات خاصة فيتامينات بي، التي تكون في بعض الأحيان مصحوبة بمكونات أخرى، من قبيل الجنسينغ ومادة الغلوكورونولاكتون والكارنيتين والجنكة والغوارانا.
وأوضحت الكاتبة أن فئة هذه المشروبات تعد واحدة وهي من أولى المشاكل المطروحة، حيث يمكن أن يكون اسمها والإشهارات والدعايات والرسائل التي تنطوي عليها مضللة.
ولا تسمح الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية بالإعلان عنها بصفتها مشروبات يمكن أن تعزز الأداء البدني والفكري لدى الأشخاص، فيما اعترض البرلمان الأوروبي على أية إمكانية لتصنيف هذا النوع من المشروبات صحيا.
كيف تؤثر مشروبات الطاقة على الجسم؟
لمشروبات الطاقة تأثير منشط، ويمكن أن تزيد من الأداء الرياضي. علاوة على ذلك، يزيد استهلاكها من حدوث آثار جانبية سلبية. وعلى الرغم من أن العلامات التجارية المصنعة الرائدة تصر على سلامة المنتجات، فإن خبراء الصحة، من منظمة الصحة العالمية، يحذرون من أنها قد تشكل خطرا على الصحة العامة، كما ينصحون بتجنب استهلاكها خاصة بالنسبة للأطفال، وقد تلحق الضرر أيضا بمجموعة معينة من الأشخاص، خاصة الشباب الذين يقل سنهم عن 18 عاما والنساء الحوامل أو الأشخاص الحساسين للغاية للكافيين أو أولئك الذي يتناولون بعض الأدوية.
المخاطر الرئيسة لمشروبات الطاقة
يمكن تلخيص المخاطر الرئيسة لمشروبات الطاقة في ثلاث مجموعات، كل مجموعة تضم أضرارا عدة:
1- زيادة خطر السكتة القلبية واحتشاء عضلة القلب
بحسب دراسة نشرتها جمعية القلب الأميركية هذا العام، تغير مشروبات الطاقة التي تحتوي على الكافيين النشاط الكهربائي للقلب، وتزيد من ضغط الدم. وفي هذه الدراسة، جرى أيضا تقييم تأثير ارتفاع استهلاك مشروبات الطاقة على نظام القلب والأوعية الدموية، حيث ثبت أن استهلاك مشروبات الطاقة يرتبط بالسكتة القلبية واحتشاء عضلة القلب. ويمكن أن تكون مرتبطة حتى بما يعرف بسماكة الدم.
وهناك أدلة علمية أكثر على الآثار الضارة لمشروبات الطاقة. وفي كل هذه الحالات، يكون الجهاز القلبي الوعائي إلى جانب الجهاز العصبي هو الأكثر تضررا.
2- القلق والأرق وتشنجات العضلات
عادة ما تظهر الآثار الضارة للكافيين على الجهاز العصبي جراء استهلاك جرعات تصل إلى مئتي مليغرام أو أكثر، على الرغم من أن ذلك يمكن أن يختلف اختلافا كبيرا بين الأشخاص. وتجدر الإشارة إلى أن بعض مشروبات الطاقة تحتوي على ما بين مئة ومئتي مليغرام من الكافيين لكل واحدة، دون الأخذ في الحسبان أنها عادة ما تكون مصحوبة بمكونات محفزة أخرى يمكن أن تعزز تأثيرها.
3- زيادة خطر السمنة والتسوس ومقاومة الأنسولين
يعد السكر أحد المكونات الرئيسة لجميع مشروبات الطاقة، التي يحتوي معظمها على مزيد من السكر بنسبة أكبر من المشروبات الغازية العادية، التي تقدر في المتوسط بين عشرة و12 غراما لكل مئة مليلتر من المشروب. فإذا اعتبرنا أن العلبة تحتوي على 250 مليلترا، فإننا نتحدث عن حوالي 25 أو ثلاثين غراما من السكر لكل علبة. والجدير بالذكر أن بعض العلامات التجارية تبيع علبا بمقدار نصف لتر، مما يعادل حوالي ستين غراما من السكر، وهو معدل أعلى بكثير من الحد الأقصى للكميات التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية، التي تؤكد أن معدل السكر لا يجب أن يزيد على 25 غراما بالنسبة للأطفال والمراهقين.
وتجدر الإشارة إلى أن الآثار التي ينتجها السكر معروفة، حيث ترتبط على سبيل المثال، بالسمنة وتسوس الأسنان. بالإضافة إلى ذلك، ارتبط استهلاك السكر بظهور مشاكل أخرى مثل زيادة مقاومة الأنسولين (مما يزيد خطر مرض السكري) ومخاطر القلب والأوعية الدموية وتفاقم بعض المؤشرات الصحية مثل الدهون الثلاثية وضغط الدم.
ماذا يحدث للأطفال؟
أوضحت الكاتبة أن المراهقين والبالغين، إلى سن الثلاثين عاما الأكثر إقبالا على هذا النوع من المشروبات. في المقابل، كانت بعض البيانات التي قدمتها الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية في سنة 2013، مثيرة للقلق. وبحسب هذه البيانات، يستهلك حوالي 18% من الأطفال الذين يتراوح سنهم بين ثلاث وعشر سنوات مشروبات الطاقة، حيث يقبل حوالي 16% منهم عليها بشكل مفرط، وهو ما يقدر على وجه التحديد بحوالي أربعة لترات شهريا.
وبشكل خاص، يعد الأطفال الفئة الأكثر عرضة لهذه المخاطر، نظرا لصغر حجم أجسامهم وضعف مسارات عملية التمثيل الغذائي لديهم، بالتالي فهم أكثر حساسية للتسمم جراء الكافيين. وفي الواقع، تؤكد الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية أنه لا يمكن تحديد كميات آمنة من استهلاك الكافيين لدى الأطفال الصغار، ويطالب العديد من المختصين -بما في ذلك اختصاصيو التغذية وأطباء الأطفال والجمعيات الطبية- بتنظيم استهلاك هذه المنتجات.
من جهتها، تنظر بعض الحكومات، على غرار المملكة المتحدة، في إمكانية حظر بيع مشروبات الطاقة للأطفال دون سن 16 عاما. وليس من المستغرب أن نعتقد أن علبة واحدة من هذه المشروبات ستكون مثل إعطاء طفل ثلاثة أكواب من القهوة مع 12 ملعقة صغيرة من السكر.