فيما كان طلبة جامعة النجاح بمدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة يستعدون للعودة لمقاعد الدراسة بداية الفصل الثاني، كان عدد من زملائهم يقبعون في مراكز التحقيق والاحتجاز التابعة للأجهزة الأمنية الفلسطينية.
الطالب منتصر طبنجة واحد من بين مجموعة من طلبة جامعة النجاح الذين طالتهم أحدث حملات الاعتقال السياسي التي استهدفت طلبة الجامعة.
واعتقل طبنجة من مكان عمله بإحدى محطات الوقود وسط نابلس، على يد قوة من الأمن الوقائي في الساعة الثانية فجرًا في الرابع عشر من يناير الجاري.
ويقول شقيقه معتصم لوكالة "صفا" أن شقيقه خضع للتحقيق في مقر الأمن الوقائي، قبل أن يتم تمديد اعتقاله صباحًا لمدة يومين، ثم مدد 18 يوما أخرى.
ويضيف أن الوقائي وجه لشقيقه التهم التقليدية التي توجه عادةً لأي معتقل، لتبرير تمديد اعتقاله، وأشهرها إثارة النعرات الطائفية وذم السلطة.
وهذا ليس الاعتقال الأول لمنتصر لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية، إذ سبق وأن اعتُقل مطلع العام الماضي.
ولعائلة طبنجة معاناة طويلة مع الاعتقالات السياسية، فشقيقه الأكبر معتصم تعرض للاعتقال في العام 2017، فيما تعرض شقيقه الأصغر مجاهد للاعتقال هو الآخر في العام 2018.
ويقول معتصم: "على إثر اعتقالي أصيب والدي بجلطة قلبية، وعند اعتقال منتصر في المرة السابقة أصيب والدي بجلطة ثانية، وأصيب بثالثة عند اعتقال مجاهد".
ويضيف أن والده المصاب أيضًا بالسرطان، لا يعلم حتى الآن باعتقال ابنه منتصر، إذ آثرت العائلة إخفاء ذلك عنه حتى لا يصاب بانتكاسة جديدة قد تكون قاتلة.
ويشير إلى أن منتصر- الذي التحق بجامعة النجاح في العام 2014 ويدرس تخصص المحاسبة- لا زال حتى الآن بمستوى سنة ثالثة بسبب ظروف العائلة.
ويبين أن ظروف العائلة أجبرت منتصر على دراسة فصل وتأجيل آخر، لمعاونة أشقائه في رعاية والدهم والتواجد إلى جانبه في مرضه.
ويلفت إلى أن منتصر لم ينتظم في جامعته بالفصل الأول، وقرر التسجيل للفصل الثاني، وسدد القسط الجامعي قبل أن يتم اعتقاله.
ويؤكد معتصم أن اعتقال شقيقه وغيره من طلبة الجامعات ليس له أدنى مبرر، ويندرج في إطار التنغيص عليهم والسعي لتدمير مستقبلهم.
ويتساءل عن حقيقة التهم التي وجهت لشقيقه الذي يعمل من الساعة الثانية عشرة ليلا وحتى السابعة صباحًا، ثم يعود إلى المنزل ليكون إلى جانب والده بينما يتوجه إخوته لأعمالهم.
ويقول: "آن الأوان لطي هذه الصفحة السوداء من تاريخنا، وأن تتوقف الاعتقالات السياسية التي تستنزف أعمار الشباب".
انتهاكات متصاعدة
وكان تقرير صدر مؤخرًا عن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالضفة الغربية، كشف عن تضاعف انتهاكات الأجهزة الأمنية بحق طلبة الجامعات خلال العام المنصرم 2019.
ووفقًا للتقرير؛ بلغ مجموع الانتهاكات 424 انتهاكًا مما تم رصده وتوثيقه، وشملت الاعتقال، والضرب، والسحل أمام حرم الجامعات.
وتعرض عدد من هؤلاء الطلبة لعمليات تعذيب وانتهاكات واسعة، ونقل عدد منهم لسجن أريحا.
وقال القيادي بحركة حماس وصفي قبها إنه منذ شهر ونصف سُجلت أكثر من 40 حالة اعتقال أو استدعاء للتحقيق لطلبة جامعات الضفة، غالبيتهم من أبناء الكتلة الإسلامية.
ويعد قبها، في حديثه لوكالة "صفا"، أن هذه الاعتقالات تندرج ضمن سياسة تجفيف المنابع التي يجري تنفيذها بالضفة ضد كل ما له صلة بحركة حماس.
ويضيف "السلطة لا تألُ جهدًا بملاحقة أي نشاط له علاقة بالعمل الإسلامي".
ويشير إلى أنه "بعد تجفيف العمل الخيري والنقابي العمالي، بقي المتنفس الوحيد هو العمل النقابي الطلابي من خلال القوانين واللوائح الداخلية للجامعات، والتي تكفل حرية هذا العمل".
ولذلك، فإن هذا العمل بات مستهدفا من خلال الاعتقالات والاستدعاءات ومصادرة المواد الدعائية والإعلامية، وفق قبها.
ويرى أن هذا "الاستهداف يندرج ضمن التنسيق الأمني، وهو ما جعل الكتلة الإسلامية مستهدفة من أجهزة السلطة أكثر من الاحتلال".
ويقول إن هناك استياءً في أوساط الطلبة المستهدفين من أن إدارات الجامعات لا تحرك ساكنًا للدفاع عن طلبتها وتصمت على استهدافهم.
ويؤكد أنه- ورغم الملاحقات- إلا أن "أبناء الكتلة الإسلامية يبدون إصرارا وتحديا كبيرين على ممارسة حقهم القانوني بالعمل النقابي والطلابي".