لم يكن قرار النائب العام في السلطة الفلسطينية بالحجز على أموال مؤسسة "فلسطين" الغد التي يترأسها رئيس الوزراء السابق سلام فياض مفاجئًا، بل جاء في سياق تضييق وملاحقة وتحريض يتعرض له فياض منذ تنحيته عن رئاسة الوزراء قبل أكثر من عامين.
وكان فياض أنشأ عقب إزاحته من رئاسة الوزراء مؤسسة أهلية تنموية أطلق عليها اسم "فلسطين الغد" يقع مقرها في منطقة المصيون في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، حيث تعمل في مشاريع تنموية كثير منها مشاريع ريادية لها بصمات واضحة.
وضم فياض لمؤسسته عددا من الشخصيات البارزة التي أُقصيت من مواقعها في الحكومة لأنها محسوبة عليه عقب إزاحته من رئاسة الوزراء، فمثلا يشغل يوسف الزمر- الذي كان مراقبًا عامًا لوزارة المالية في عهده- مديرًا للمشاريع في " فلسطين الغد".
لها بصماتها
وقد وجدت " فلسطين الغد" رغم صغر عمرها الزمني موطئ قدم في العمل التنموي في فلسطين، وعملت في مجالات مهمة من قبيل الطاقة المتجددة ودعم صمود الفلسطينيين في الأغوار والقدس ومناطق خلف الجدار ولها بصماتها من خلال مشاريع لا يمكن إنكارها وإنكار أثرها.
ويوضح مطلعون عملوا مع "فلسطين الغد" لوكالة "صفا" أن تهمًا مثل "تبييض الأموال أو ما شابه" مما ساقه النائب العام لتبرير الحجز على أموال المؤسسة لا أساس لها من الصحة، "فالمؤسسة تعمل وفق أعلى معايير المحاسبة الدولية".
ويضيفوا أن "القرار سياسي بامتياز وغير مرتبط بتاتا بأية مخالفات إدارية أو مالية".
وكان مقر "فلسطين الغد" تعرض للدهم من جهاز الأمن الوقائي– وحدة أمن المؤسسات– صيف عام 2013 في أول رسالة تحذيرية من ديوان الرئاسة لفياض ولكن عناصر الجهاز لم يجدوا أية مخالفات حينها.
تحجيم فياض
وبحسب مصدر أمني تحدث لوكالة "صفا"؛ فإن ما دفع لاستهداف المؤسسة هو تحجيم الدور الذي يقوم به سلام فياض، "لأن الرئيس عباس أصدر قرارا واضحا بأنه لا يريد أي دور لفياض في فلسطين".
ويضيف المصدر أن "تقدير الموقف الموضوع على مكتب الرئيس من الأجهزة الأمنية يشير إلى أن فياض يسعى لبناء تحالفات وشراء موالين ورجال له من خلال بوابة هذه المؤسسة وسط تصور بأن فياض لم يتخل عن فكرة الترشح لمنصب الرئيس في حال شغوره".
ويشير المصدر إلى أن الأمر لا يقتصر على ذلك، فهناك حساسية مفرطة لدى ديوان الرئاسة من تدفق المال الإماراتي لفلسطين، وهناك متابعة أمنية خاصة لأي مال إماراتي يدخل لفلسطين على وجه التحديد، ولاسيما ما يدخل عبر مؤسستي خليفة والهلال الأحمر الإماراتي، وهناك مؤسسات أغلقت بسبب ذلك على اعتبار أن القيادي المفصول في الحركة محمد دحلان استخدم –وفق السلطة– مؤسسة خليفة لإدخال مساعدات وأموال لمشاريع لأنصاره لتقويتهم.
ويؤكد المصدر الأمني أن انفتاح "فلسطين الغد" على الدعم الإماراتي السخي أثار حساسية مفرطة عن أسباب ذلك وتوجهات الإماراتيين للعلاقة مع فياض، وأين موقع دحلان من هذه المعادلة؟ ولعل الدعم الإماراتي كان آخر ما استدعى تجميد حسابات المؤسسة.
وبحسب المصادر فإن معلومات مضخمة ترفع للرئيس حول حجم التمويل الذي يدخل "فلسطين الغد"، وأن فياض يدير مشاريع بمئات ملايين الدولارات، وهذه أرقام مبالغ فيها كثيرا، ومصادر تمويل المشاريع مصادرها واضحة وغالبيتها من المفوضية الأوروبية والوكالة الأمريكية للتنمية والهلال الأحمر الإماراتي.
وتؤكد المصادر أن فياض الذي قال إنه سيلجأ للقضاء سيكسب القضية ولن تتوقف مؤسسته عن العمل، لأنه من الناحية التقنية لا يوجد لدى مؤسسة فياض مخالفات، ولكن للسلطة حساباتها فيما يتعلق بالأجندات.