غزة- مدلين خلة - صفا
في زاويةٍ اقتطعها من ساحة منزله المدمر جزئيًا، بفعل قذائف الاحتلال الإسرائيلي، التي التهمت النيران الجزء الأكبر من جدرانه، يقف المواطن جلال سعدالله أمام فرنه يقدم خدمات الطهي والخَبْز لسكان منطقته بمبالغ نقدية رمزية، يستطيع من خلالها توفير احتياجات ومتطلبات عائلته.
يقف سعدالله (35 عامًا) مدةً تتجاوز الـ 15 ساعة، أمام النار التي أضرمها بفرنه الحديدي، بعدما حوّله على الحطب بدلًا من الغاز، يُجاهد بحبات عرقه، لئلا يمد يده للناس.
محاولات لا يمل منها الغزيون لإيجاد سبل للعيش الكريم، تحت وطأة القصف والدمار، الذي لا يتوقف، هروبًا من واقعٍ إنساني مأساوي فرضه جيش الاحتلال منذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
تفاقم الوضع
يقول سعدالله لوكالة "صفا": إن "الناس تحتاج إلى من يخبز لهم الخبز والمعجّنات، وبعض صنوف الطعام التي تحتاج لاستخدام الفرن، ولا تستطيع العائلات استخدامه، بسبب نفاد الغاز، ورفض إسرائيل إدخاله، وانقطاع الكهرباء منذ عام ونصف، وأنا بحاجة إلى المال لإطعام أطفالي، لذلك فكّرت في تشغيل فرني، لأجل خدمة الجميع مقابل مبلغ مالي بسيط".
ويضيف "أتقاضى شيقلًا واحدًا مقابل كل خمسة أرغفة، وشيقلان مقابل كل صينية تحتوي على الكيك والحلوى والمعجنات".
ويتابع "بهذا المبلغ المالي البسيط أستطيع توفير لقمة العيش لعائلتي دون الحاجة إلى طلب المساعدة من أحد، عدا عن كوني أزلت همًا كان يقتل أهل غزة، بعد إغلاق المخابز أبوابها".
ومع استمرار الحرب على غزة، وتفاقم الوضع المعيشي والإنساني، لجأ الكثير من المواطنين لابتكار مهن جديدة، للتخفيف من معاناتهم وتوفير مستلزمات أسرهم بعد أن فقدوا مصادر رزقهم.
ظروف قاسية
ولا يختلف الحال كثيرًا عند الفتى محمد دكة، والذي آثر إلا أن يُساعد عائلته، في ظل الظروف القاسية التي يمر بها القطاع كجزء من تحمله المسؤولية تجاههم.
يقول دكة لوكالة "صفا": "أقوم بحفظ المواد الغذائية وبيع مكعّبات الثلج للمواطنين، في ظل عدم توفر الكهرباء لتشغيل ثلاجاتهم، بغية حفظ الطعام وشرب الماء البارد مع دخول فصل الصيف".
ويضيف "استعنت بثلاجة أمي (الفريزر)، لتجميد الماء وحفظ الأطعمة، بعد شراء جهاز طاقة شمسية يُوفر لي الكهرباء اللازمة لذلك".
ويردف "بدأ الأمر بتوفير مكعبات الثلج بهدف تلبية احتياجات المواطنين من شرب الماء البارد، لكن سرعان ما تحوّلت الفكرة لتشمل حفظ اللحوم والأطعمة، مقابل أجور رمزية لا تتعدى الثلاثة شواقل".
ويؤكد دكة أن الخدمة التي يقدمها لا تقتصر على المواطنين والنازحين في مراكز الإيواء فقط، بل شملت أصحاب المطاعم الشعبية الذين يخشون فساد أطعمتهم مع انقطاع الكهرباء".
ويشير إلى أنه لا يرفض طلب أي شخص يُريد حفظ طعامه داخل الثلاجة، لكنه يضع علامة كي لا يحدث أي التباس بين حاجيات المواطنين.
أما الشاب محمد أبو وردة فيكتنف زاوية على رصيف الشارع يجلس فيها على طاولته التي ملأتها الشواحن والكابلات الكهربائية، يستخدمها كنقطة شحن معتمدة في منطقته.
يقول أبو وردة: "أقوم بشحن هواتف المواطنين وبطارياتهم، وكل ما يحتاجون شحنه، مقابل شيقل واحد للجوال وشيكلان للبطارية وما فوقها".
ويضيف لوكالة "صفا"، "بهذه الشواقل البسيطة أستطيع أن أوفر ما تحتاجه عائلتي، وأيضًا توفير احتياجات الناس لشحن هواتفهم مع انقطاع الكهرباء وعدم وجود بدائل متوفرة في بيوتهم".
ر ش