أصدر "مركز الدراسات السياسية والتنموية" ورقة تقدير موقف تناولت الدور المحوري الذي تلعبه مصر وقطر في إدارة الأزمات المتعلقة بقطاع غزة، سواء عبر التهدئة بين فصائل المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، أو من خلال جهود المصالحة الداخلية بين الفصائل.
وسلطت الورقة التي جاءت بعنوان "التفاوض في زمن الحرب: قراءة في مستقبل الوساطة المصرية-القطرية" الضوء على الخلفية التاريخية لدور مصر وقطر في ملف غزة، بدءًا من مواقفهما تجاه القضية الفلسطينية وصولًا إلى الوساطات التي قادتاها في مراحل مختلفة من الصراع، مع تحليل معمق للتحديات التي تواجه الطرفين في تحقيق اختراق حقيقي ومستدام في هذا الملف "الشائك".
كما قدمت الورقة قراءة استشرافية لمستقبل الوساطة المصرية-القطرية في ظل التغيرات الإقليمية والدولية، وتحاول الإجابة عن أسئلة رئيسية، أبرزها:
- ما العوامل التي تحكم دور مصر وقطر في غزة؟
- ما مدى فاعلية الوساطات السابقة التي قادها الطرفان؟
- ما السيناريوهات المحتملة لمستقبل هذه الوساطة في ظل التعقيدات السياسية والأمنية الراهنة؟
تحديات الوساطة المصرية-القطرية
ورصدت الورقة أبرز التحديات التي تواجه الوساطة، ومنها: التباين في المصالح بين القاهرة والدوحة، حيث تنطلق مصر في تعاملها مع الملف الفلسطيني من اعتبارات أمنية واستراتيجية تتعلق بحدودها مع غزة، فيما تركز قطر على البعد الإنساني والدبلوماسي، مستفيدةً من علاقاتها المباشرة مع قيادة حركة حماس.
كما ركزت على التعنت الإسرائيلي، ورفض الاحتلال تقديم تنازلات جوهرية في المفاوضات، ما يؤدي إلى إفشال العديد من المبادرات والهدن المؤقتة.
وأشارت إلى التغيرات في الموقف الدولي، خاصة في ظل تصاعد الضغوط الأمريكية على الدوحة، ومحاولات واشنطن التأثير على مسار المفاوضات.
وتطرقت إلى الوضع الداخلي الفلسطيني، حيث يشكل الانقسام السياسي بين الفصائل الفلسطينية عقبة أمام تحقيق نتائج مستدامة للوساطة.
السيناريوهات المستقبلية
وطرحت الورقة ثلاثة سيناريوهات محتملة لمستقبل الوساطة المصرية-القطرية في غزة، هي:
1. استمرار الوساطة مع تحقيق هدن مؤقتة غير مستقرة (وهو السيناريو الأكثر ترجيحًا).
2. تراجع الوساطة لصالح تدخل أمريكي مباشر، مما قد يؤدي إلى فرض تسوية تخدم المصالح الإسرائيلية أكثر من كونها عادلة للفلسطينيين.
3. فشل الوساطة واستمرار الحرب، وهو احتمال وارد في حال تشبث الأطراف المتنازعة بمواقفها دون تقديم تنازلات.
توصيات لتعزيز الموقف الفلسطيني
واختتمت الورقة بتوصيات تهدف إلى تعزيز الموقف الفلسطيني في المفاوضات، منها: توحيد الجهود الفلسطينية وتشكيل لجنة مشتركة للتفاوض، والاستثمار في التحركات الدبلوماسية لكسب دعم دولي أوسع، وإعادة صياغة الخطاب الإعلامي الفلسطيني للتركيز على الرواية الوطنية الموحدة.
كما أوصت بمواصلة الضغط الشعبي والسياسي عبر تنظيم فعاليات ومظاهرات تدعم المطالب الفلسطينية.
يأتي هذا التقدير في وقت حساس، حيث تواصل مصر وقطر جهودهما للتوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار، وسط تعنت الاحتلال الإسرائيلي وتزايد الضغوط الدولية لإنهاء الحرب.