web site counter

عمال المياومة بغزة.. وجه آخر لمعاناة أثقلتها حرب الإبادة

غزة- مدلين خلة - صفا
يجلس الأربعيني هشام جبريل على عتبة المنجرة التي كان يعمل بها، بعدما دمرتها جرافات الاحتلال الإسرائيلي أثناء اجتياحها البري لمخيم جباليا شمالي قطاع غزة يندب حظًا أوصلته حرب الإبادة إليه، بعدما فقد مصدر دخله وقوت أطفاله.
أحمالٌ وأعباء رمت بكاهلها على عاتق جبريل وكأن هموم الدنيا جميعها تركت الدنيا وهبطت على عاتقيه، يُفكر بأطفاله وعائلته، وكيف سيوفر لهم مستلزمات اليوم. 
قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، كان جبريل يعمل يوميًا 8 ساعات، بأجر يومي قد يصل في أسعد أيامه إلى 60 شيكلًا، لكن الحرب تركته متعطلًا عن العمل.
ظروف صعبة
يقول جبريل لوكالة "صفا": "نعاني كعمال يعملون بالأجر اليومي وضعًا صعبًا للغاية، بعد أن أبقتنا الحرب دون عمل، وقصف الاحتلال مكان عملنا".
ويضيف "أبسط الأمور التي تُذيب جراحنا عندما يطلب أطفالي شيئًا ولا أستطيع تلبية ما يطلبونه، فأقف عاجزًا أمامهم، في ظل وضعي المعيشي الصعب".
ويتابع "حاولت كثيرًا العمل في أي شيء، حتى أنني أصبحت أوصل المساعدات للناس على عربةٍ أجرها بنفسي، إلا أن إغلاق المعابر والحصار أعادني لنقطة البداية والعودة دون عمل".
ويشير إلى أن استمرار الوضع في القطاع على ما هو عليه، سيؤدي بالكثيرين لطرق أبواب الآخرين، من أجل تحصيل قوت أطفالهم.
ويؤكد أن صمت الدول العربية والعالم الدولي دفع "إسرائيل" للتمادي في جبروتها وطغيانها، ومحاربة الغزيين بطعامهم وشرابهم، في محاولة لاجبارهم على الهجرة، مشددًا في الوقت نفسه، على أن ذلك سيفشل.
مطالبات بالتعويض
ولا يختلف حال العشريني أسامة بدر عن سابقه، فهو الآخر يعاني أوضاعًا معيشية سيئة، بعدما فقد مصدر رزقه وأصبح متعطلًا عن العمل.
كان بدر يعمل في صالون للحلاقة، ويحرص على أن لا يتغيب ليوم واحد، حتى يستطيع إعالة أسرته قبل اندلاع الحرب.
يقول بدر لوكالة "صفا": "كنت أحرص على عدم التغيب ليوم واحد عن عملي، كوني أعيل أسرتي، وتخلفي عن ذلك يعني أننا سنبقى دون مال أو طعام وشراب".
ويضيف "مع دخول الحرب وهدم الاحتلال للصالون الذي أعمل به بقيت هكذا دون عمل، لا أعلم كيف سأوفر احتياجات العائلة".
ويردف "قررتُ بحكم خبرتي بالحلاقة الاستدانة وشراء عدّة الحلاقة، لكن مع النزوح المتكرر تم قصفها، ولم تعد موجودة، فعدت مجددًا لمربع البطالة".
" نعيش وضعًا لا نحسد عليه، حتى توفير طعام الصإفطار والسحور لا نقدر عليه، لذلك نلجأ إلى الحصول على الطعام من التكيات والمعلبات الموجودة، حتى نسد بها جوعنا".
ويطالب بدر الوسطاء بالضغط على الاحتلال والشروع بالمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، والبدء بعملية إعادة إعمار غزة، وتعويض المواطنين عن خسائرهم المادية.
الحصار والبطالة
المختص بالشأن الاقتصادي أحمد أبو قمر يقول إن الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ ما يزيد عن 17عامًا، خلق مشكلة كبيرة في البطالة، وضعف كبير في التوظيف في القطاعين الحكومي والخاص، لذلك فإن أغلبية المواطنين يعملون بنظام المياومة بأجر يومي داخل المحال التجارية والأسواق.
ويوضح أبو قمر في حديث لوكالة "صفا"، أن العمل بنظام المياومة حرم الكثيرين من الأمان الوظيفي قبل الإبادة، لكن بسبب الحرب فَقد هؤلاء مصادر رزقهم كاملًا دون أي تعويض يُذكر.
ويضيف "رغم المطالبات الكثيرة بوجود بيئة ناظمة لعمال المياومة وضمان حقوقهم، بوجود حد أدنى للأجور لهذه الفئة، وعقد عمل لا يقل عن عام بينهم وبين المُشغل، وأن تكون لهم مستحقات، لكن اليوم نراهم قد فقدوا أعمالهم تحت النار، ويحاولون العيش يومًا بيوم بأقل الإمكانيات، وهذا أمر صعب للغاية".
وخلال الحرب الإسرائيلية على القطاع، ارتفعت نسبة البطالة في صفوف عمال المياومة من 45% الى 80%. وفق أبو قمر
ويبين أن ارتفاع نسبة البطالة بينهم يمتد أثرها على الأسر من حيث عدم المقدرة على تلبية احتياجاتها الأساسية، وزيادة المشاكل بين أفراد الأسرة، مما يؤدي إلى تفكك النسيج الاجتماعي.
ويؤكد أن النهوض بالوضع الاقتصادي في قطاع غزة حاليًا، يتطلب فتح المعابر بشكل كامل، وإدخال المواد الخام دون قيود، ووجود جهة مخصصة لمتابعة أمور عمال المياومة.
ر ش

/ تعليق عبر الفيس بوك