web site counter

يمتد على مساحة 600 كم2

"القدس الكبرى".. أخطر مشروع استيطاني يلتهم المدينة ويحسم وضعها الديمغرافي

القدس المحتلة - خاص صفا

بينما ينشغل العالم بملفات إقليمية ودولية، تُسابق حكومة الاحتلال الإسرائيلي الزمن لأجل توسيع الاستيطان في القدس المحتلة ومحاصرتها بالمستوطنات والمستوطنين، وصولًا لحسم الوضع الديمغرافي والجغرافي فيها. 

ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، كثفت حكومة الاحتلال من تنفيذ المشاريع الاستيطانية في المدينة المحتلة والموافقة على أخرى، مستغلة إنشغال العالم بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتداعياتها. 

وناقشت الجهات التخطيطية في"إسرائيل" ما مجموعه 65 مخططًا هيكليًا استيطانيًا في القدس منذ السابع من أكتوبر، منها 25 مخططًا خارج حدود بلدية الاحتلال في المدينة و65 داخل حدودها، حسب تقرير نشرته مؤخرًا، هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.

ولتنفيذ أخطر مشاريعها في المدينة، بدأت اللجنة الوزارية الإسرائيلية للتشريع مداولاتها في مشروع قانون، لضم مستوطنات في محيط القدس، لإقامة ما يسمى "القدس الكبرى".

وحسب مشروع القانون الذي تقدم به عضو الكنيست دان إيلوز من حزب "الليكود"، سيتم إنشاء "مدينة القدس الكبرى"، والتي ستشمل مستوطنات في محيط القدس، مثل "معاليه أدوميم، بيتار عيليت، جفعات زئيف، إفرات، ومعاليه مخماس"، وغيرها.

وفي حال أُقر مشروع القانون، فإنه سيحول إلى الكنيست الإسرائيلية للتصويت عليه بقراءة تمهيدية، وإذا تم القبول به سيخضع للتصويت بـ 3 قراءات قبل أن يصبح قانونًا. 

حسم القدس

الباحث المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب يقول إن حكومة الاحتلال المتطرفة تستغل الظروف الإقليمية والدولية ووجود الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترمب في تمرير أجندتها على الأرض وتنفيذ مشاريعها الاستيطانية في القدس. 

ويوضح أبو دياب في حديث خاص لوكالة "صفا"، أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لا يستيطع رفض أي مشروع استيطاني يطرحه سموتريتش واليمين المتطرف، كونه بحاجة لهؤلاء من أجل البقاء في الحكم.

ويضيف أن نتنياهو يسعى لتجسيد فكرة "القدس الكبرى"، عبر تسريع وتيرة الاستيطان وزيادته بشكل أكبر، خاصة في شرقي المدينة المقدسة، ومحيطها أي بما يسمى مستوطنات "غلاف القدس". 

وخلال السنوات السابقة، حاول الاحتلال من خلال عمليات الهدم والطرد وسحب الهويات، تهجير المقدسيين من مدينتهم، إلا أنه فشل في تحقيق ذلك، لذلك يسعى لتنفيذ المشروع. 

وتصر حكومة الاحتلال على تنفيذ المشروع الاستيطاني، لأن الفلسطيينيين يُشكلون نسبة 40% من مجمل عدد السكان في القدس بـ"شطريها الغربي والشرقي" البالغ 950 ألف نسمة، وهؤلاء بنظرها، يشكلون "خطرًا مستقبليًا على المدينة"، وعلى مفهوم أنها "عاصمة للدولة اليهودية".

وحسب أبو دياب، فإن الحكومة المتطرفة تسعى من خلال هذا المشروع، إلى تقليل نسبة الفلسطينيين في المدينة، من خلال طرد نحو 150 ألف مقدسي يعيشون خلف جدار الفصل العنصري، وإحلال 150 ألف مستوطن مكانهم، بحيث تصبح نسبة الفلسطينيين في القدس 12%، مقابل 88% يهود. 

تفاصيل المشروع

ويتضمن المشروع الذي وصفه أبو دياب، بأخطر المشاريع الاستيطانية في القدس، ضم عدة كتل استيطانية ضخمة تقع في "غلاف القدس" لما تسمى "حدود بلدية القدس"، بهدف توسعة المدينة وتغيير الوضع الديمغرافي والجغرافي فيها، لصالح المستوطنين. 

ويبين أن المشروع يبدأ من جنوبي المدينة بدءًا من تجمع "غوش عتصيون"، الذي يضم 14 مستوطنة، ووصولًا لمشارف الخليل، وشرقًا تجمع "معاليه أدوميم" الذي يضم ثمانية مستوطنات تمتد من شرقي المدينة حتى غور الأردن، وشمالًا كتلة "جفعات زئيف"، التي تضم خمس مستوطنات. 

وبهذه التوسعة والضم، سيتم تغيير التركيبة السكانية في القدس لصالح اليهود، وسيصبح عدد الفلسطينيين أقلية ضمن أغلبية يهودية. 
وحسب الباحث المقدسي، فإنه مع ضم هذه المستوطنات ستمتد "القدس الكبرى" على مساحة تُقدر بـ 600 كيلو متر مربع، بما يعادل 10% من مساحة الضفة الغربية، مع أن مساحتها الحالية تُقدر بـ 126 كيلومتر مربع، بما يعادل 1.2% من مساحة الضفة. 

ويشير إلى أن الاحتلال استولى على آلاف الدونمات لأجل تنفيذ المشروع، ويعمل حاليًا على شق طرق جديدة للمواصلات، بغية تسهيل حركة تنقل المستوطنين. 

ويؤكد أن تنفيذ المشروع الاستيطاني سيقضي على أي احتمالية لإقامة دولة فلسطينية مستقبلًا، وسيقطع التواصل بين شمال الضفة وجنوبها، فضلًا عن محو الهوية العربية في المدينة المقدسة. 

ويسعى مشروع القانون إلى إضعاف وتهجير الفلسطينيين في القدس بشكل أكبر، من خلال فرض أغلبية ديموغرافية يهودية مصطنعة على حساب النسيج العضوي للمدينة وحقوق جميع أهلها. بحسب جمعية "عير عميم" اليسارية الإسرائيلية المختصة بشؤون القدس.

وقالت الجمعية: إن "مشروع القانون يسعى إلى تعزيز الضم غير القانوني وفقًا للقانون الدولي، ويشكل استمرارا لانتهاك إسرائيل الصارخ للقانون الدولي".

وأضافت أن "ضم مستوطنات الضفة الغربية بموجب مشروع القانون يؤدي إلى تفكيك الضفة، ويزيد من عزلة القدس الشرقية وسكانها عن بقية الأراضي الفلسطينية".

وحذرت من أن مثل هذا الضم سيشكل عقبة حاسمة أخرى أمام الحل السياسي المستقبلي.

ر ش

/ تعليق عبر الفيس بوك