web site counter

للكاتب يسري الغول

"شهادات على جدران حبيبتي غزة".. سردية فلسطينية تُوثق المعاناة تحت وطأة الإبادة

غزة-مدلين خلة - صفا
في سردية فلسطينية بلغة أدبية معاصرة وصفت الواقع وتجاوزت ما تراه العين من صور لتدمير وارتكاب جيش الاحتلال الإسرائيلي مجازر بشعة بحق المدنيين في قطاع غزة، فكانت الكلمة أبلغ وأشد وقعًا على النفس من الصورة.
في تلك السردية استعادت الحروف طاقتها التي سلبتها منها كاميرا التصوير، وكانت أعظم مأساوية وأكثر ايلامًا.
"شهادات على جدران حبيبتي غزة"، كتابة اختلط فيها وجع الكاتب بما عايشه على أرض الواقع، فكانت مزيجًا من الوعي واللاوعي.
واختلط في هذه الكتابة العقل بالجنون، وسلاسة الكلمة مع اضطراب اللغة، والرقة بالعنف.
وجع ومعاناة
متضادات جُمعت بكل نواقضها لتصف وحشية البشر وموت الضمير العربي والغربي، والعذاب الذي يتعرض له مليوني غزي، فكان القتل والتشريد والتعذيب الممنهج صنوفًا لا طاقة لبشر على حملها، فكان المخرج منها التحام الإنسان بالإنسان للنجاة معًا من مقصلة الحرب والدمار.
"سيوف صدئة.. شهادات حول الإبادة"، هي عبارة عن شهادات حول المقتلة والإبادة التي يتعرض لها شعبنا، لكن الناشر ارتأى أن يكون اسم غزة في العنوان، فكانت "شهادات على جدران حبيبتي غزة".
كانت جدران الحبيبة الموجوعة ممتلئة بشهادات الفقد والألم والقهر التي سجلت من شمالي غزة، مكان تواجد الكاتب، الذي كان أحد أبطالها.
شهادات جَمعت بين التقريرية والأدبية، وشكلت قصصًا صحفية ممزوجة بخليط من العمل الأدبي، لتوثق الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الغزيون على مدار أكثر من عام.
الكتاب الذي صدر عن دار فضاءات في الأردن للكاتب يسري الغول، وثق الإبادة الجماعية الإسرائيلية في قطاع غزة كما غيره من الكتب، إلا أن المختلف هنا أن بطل أحد هذه الشهادات كان القلم والصوت الذي صدح بجميع تلك الشهادات.
كتاب حصد بين طياته فصول الجوع والمعاناة التي تَعَرض لها الكاتب وأبناء شعبه الذين صمدوا شمالي القطاع ورفضوا النزوح جنوبًا.
واقع أليم
"شهادات على جدران حبيبتي غزة، ليست رواية تجمع الخيال دون الواقع، وإنما هو كتاب جمع الواقع الأليم الذي يتعرض له الغزيون، وكان ما يجري بلاغة واقع يعجز العقل البشري عن تصديق ما يحدث".. بهذه الكلمات بدأ الكاتب الغول حديثه حول شهاداتٍ على جدرانٍ دمرتها آلة الحرب الإسرائيلية.
ويضيف الغول، في حديثه لوكالة "صفا"، أن "الكتاب جمع شهادات حدثت مع الإنسان الفلسطيني الذي نزح تحت وطأة القصف والدمار وشاهد الموت مرارًا وتكرارًا، فضلًا عن قتل الاحتلال لكل مقومات الحياة بغزة".
ويوضح أن "هذا الكتاب نوع من توثيق السردية الفلسطينية، ومن كتابة التاريخ لكن بأسلوب أدبي يجذب انتباه القارئ للعنوان فيصل المضمون بطريقة سلسة بعيدًا عن جمود كتب الأحداث الواقعية".
ويرى الغول أن هذا الكتاب غير مقدم للعالم الغربي فحسب، بل لكافة الأجيال والشعوب على اختلاف لغاتهم وثقافتهم.
ويشدد على أن كتابه نوع من النضال بالقلم والدفاع عن فلسطين أمام آلة الموت التي تسعى من خلالها "إسرائيل" لمسح الهوية الفلسطينية وإلغاء الآخر. 
صمود رغم الإبادة
"كالعنقاء ينبعث من الرماد"، وصفٌ فضّل الكاتب الغول إطلاقه على الفلسطيني الذي تعرض للمجاعة وفتكت به صنوف العذاب فأبى إلا أن يكون متجذرًا في أرضه يرفض الرحيل عنها.
وحول أبطال الكتاب، يبيّن أنهم أشخاص حقيقيون، حدثت معهم كثير من المواقف المؤلمة والمزرية من قتل وإبادة وتدمير مثل رنا الحصري التي فقدت زوجها وأبناءها، وريم المغربي التي تم اختطاف زوجها وأبناءها من أمام عينيها ودعاها أحد جنود الاحتلال لأن تودعهم لأنها لن تراهم مرة أخرى.
ويتابع الغول أن "الكتابة عن هذه الحقبة والإبادة ضرورية، لأن كل كتابة تخرج من قطاع غزة هي الأكثر تأثيرًا وإيلامًا، ووصولًا إلى قلب القراء".
لم بكن الغول بعيدًا عما يحدث فهو بطل إحدى الشهادات التي دمر الاحتلال بيته ومكتبته الزاخرة، إلا أن ذلك لم يُغير إيمانه وقناعته بجدوى الصمود والثبات والتمسك بالأمل.
"الصمود هنا فريضة شرعية، فأنا الكاتب الوحيد المعروف في شمالي غزة، لذلك لا يمكن أن أنسحب وأتنازل وأخون حروفي، فإن خُنت قلمي مرة فسأخونه ألف مرة ولن أسمح لنفسي أن أخون هذا القلم، لأن هذا واجب أخلاقي ووطني وإنساني".
ر ش

/ تعليق عبر الفيس بوك