شكّلت طريقة استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار في اشتباك بمدينة رفح جنوبي القطاع نسفًا للروايات الإسرائيلية التي ساقها جيش الاحتلال والمستوى السياسي منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر 2023 حول "سعيه للنجاة بنفسه".
وبعد عام من قيادته معركة "طوفان الأقصى"، استشهد يحيى السنوار خلال اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال في حي تل السلطان غربي رفح.
ومثّلت الصور التي سرّبها جنود الاحتلال لواقعة استشهاده، وهو يرتدي الزي العسكري ويحمل سلاحه في ساحة المعركة، نسفًا لكل مزاعم الدعاية الإسرائيلية التي كانت تحاول التشكيك بصورته.
وروّجت الدعاية الإسرائيلية عدة روايات حول القائد السنوار وتحركاته سعيًا للتغطية على عجز استخبارات الاحتلال ودوله الحليفة في الوصول إلى الرجل بعد أكثر من عام على معركة "طوفان الأقصى"، ولاسيما في ظل انعدام المعلومات الاستخباراتية حول مكانه.
ووفق زعم الدعاية الإسرائيلية خلال الأشهر الأخيرة؛ كان القائد السنوار يحيط نفسه بعشرات الأسرى الإسرائيليين و"يختبئ" تحت الأرض، ويأخذ الأسرى معه حيثما حل وارتحل لاستخدمهم دروعًا بشرية لضمان حمايته من الاغتيال.
وعلّق الكثير من المسؤولين الإسرائيليين فشلهم في الوصول إلى السنوار منذ بداية الحرب على "الخوف من استهدافه وهو محاط بعدد كبير من الأسرى"، إذ قدموا روايات كاذبة تفيد بأن "الاستخبارات تمكنت من رصد بعض تحركاته لكنها امتنعت عن اغتياله خشية وجود أسرى حوله".
كما زعم الإعلام الاسرائيلي أن "السنوار منفصل عن الواقع ويسعى للنجاة بنفسه تاركًا شعبه يموت تحت القصف والدمار، وأنه يخشى المواجهة"، قبل أن يؤدي تسريب صورته بعد استشهاده بلباسه العسكري إلى نسف الرواية بالكامل.
وفي سياق الأكاذيب الإسرائيلية حول القائد السنوار نشرت صحيفة "معاريف" العبرية في السادس والعشرين من آب/ أغسطس الماضي تقريرًا نقلته عن دوائر استخباراتية إسرائيلية يدعي أن قائد حماس يتخفى بأزياء مختلفة خوفًا من الاغتيال.
وفي الخامس من أيلول/ سبتمبر الماضي نشرت القناة "14" العبرية تقديرات للأمن الإسرائيلي تزعم أن السنوار خطط للهرب إلى سيناء مع عدد من الأسرى عبر نفق أسفل محور فيلاديلفيا.
الطريقة "الاستثنائية" التي استشهد فيها السنوار دفعت محلل الشؤون الفلسطينية في قناة "كان 11" العبرية "اليؤور ليفي" للقول، وفق ترجمة وكالة "صفا"، إن: "قتل السنوار وهو بالبزة العسكرية في هذا المكان سيحفر في الذاكرة الفلسطينية"، مشيرًا إلى أن "الفلسطينيين يعتبرون السنوار أسطورة".
فيما أقر الناطق باسم جيش الاحتلال "دانييل هغاري" وقائد أركان الجيش "هرتسي هليفي" بعدم وجود أي معلومة استخباراتية حول مكان السنوار، وأن ما حصل "محض صدفة".
وقالت مصادر عبرية إن ثلاثة مقاومين اشتبكوا مع قوة من جيش الاحتلال بالرصاص والقنابل اليدوية؛ ما اضطر الجنود للانسحاب، قبل أن تطلق دبابة قذيفة باتجاه المبنى الذي كانوا داخله.
وذكرت إذاعة جيش الاحتلال أن الجنود لم يقتحموا المنزل المستهدف إلاّ بعد ساعات، وبعد أن أرسلوا طائرات تصوير صغيرة لترصد ما يدور داخله.
ونشر الناطق بلسان جيش الاحتلال تسجيلًا مصورًا يُظهر القائد السنوار مقنّعًا بالكوفية وهو مصاب ويجلس على "كنبة" داخل المبنى، وألقى عصًا باتجاه طائرة التصوير الإسرائيلية، قبل استهداف المبنى بعدة قذائف مدفعية.
وقالت مصادر عبرية إن جنود الاحتلال تعرفوا على هوية السنوار بعد اقتحام المبنى ورفع القناع عن وجهه.
ويرى مراقبون للشأن الإسرائيلي أن استشهاد السنوار بهذه الطريقة يدلل على فشل استخباري إسرائيلي كبير، إذ كانت دوائر استخباراتية إسرائيلية وأمريكية وغربية وإقليمية تبذل جهودًا "خارقة" على مدار الساعة للوصول إلى أي معلومة توصلهم إليه؛ ليتبين أنه يقاتل إلى جانب عناصره في الميدان.