web site counter

مراعي الضفة.. صراع غير متكافئ بين أصحاب الأرض ومستوطنين دخلاء

نابلس - خــاص صفا

قبل سنوات ليست بالطويلة، لم يكن مألوفا مشاهدة راعي أغنام يعتمر قلنسوة يهودية يرعى أغناما وأبقارا في سهول وجبال الضفة الغربية المحتلة، لكن المشهد تحول وبات ذلك الراعي الدخيل هو من يسيطر على المراعي ويتحكم بمصير رعاة الأغنام الفلسطينيين ويهدد حياتهم ومقدراتهم.

وإلى الشرق من بلدة عقربا جنوب نابلس، تمتد مساحات شاسعة من المراعي التي يقصدها مربو المواشي بحثا عن الكلأ لأغنامهم، ويقيمون في تجمعات سكنية يطلق عليها "خِرَب" تضم مساكن لهم وحظائر لمواشيهم، كخربة "يانون" وخربة "الطويل".

وعلى مدى عقود من الزمن، استطاع الرعاة الفلسطينيون الصمود في مواجهة محاولات الاحتلال الإسرائيلي إبعادهم عن مراعيهم بشتى الأساليب، حتى جاء الاستيطان الرعوي ليفرض عليهم واقعا أليما يهدد استمرارهم وبقاءهم في تلك المراعي.

ويؤكد راشد مرار، رئيس مجلس قروي يانون أنه لم تعد هناك أراض لرعي المواشي في يانون، بعد أن سيطر المستوطنون وجيش الاحتلال على 90% من مساحتها البالغة 16.5 ألف دونم.

ويشير مرار إلى أن يانون أصبحت محاصرة من جميع الجهات بالمستوطنات، وتم السيطرة بالكامل على جميع المراعي.

وبسبب تقسيمات اتفاق "أوسلو"، تضم يانون تجمعين سكانيين؛ هما يانون الشمالية المصنفة (ج) وتقطنها 5 عائلات مكونة من 23 نسمة، ويانون الجنوبية المصنفة (ب) وعدد سكانها 45 نسمة.

ويقول مرار: "الجيش والمستوطنون يمنعوننا من الرعي في أراضينا بحجة أنها مناطق عسكرية ومناطق تدريب، ثم ما تلبث أن تتحول إلى مناطق زراعية وسكنية للمستوطنين".

وفي حين يمنع أهالي يانون من إخراج مواشيهم من الحظائر للرعي، يأتي المستوطنون بمواشيهم للرعي بتلك الأراضي وفي حقول الزيتون لتلتهم الأغصان والثمار.

وأمام هذا الواقع الصعب، يجد أصحاب الثروة الحيوانية صعوبة في الاستمرار، فمنع الرعي أجبرهم على الاعتماد كليا على الأعلاف الجاهزة باهظة الثمن، ما يدفعهم للتخلص من رؤوس الماشية شيئا فشيئا.

ويقول مرار: "نعتمد في يانون على الزراعة والثروة الحيوانية، لكن لم يبق من الأراضي الزراعية إلا منطقة السهل، وما تبقى من حقول الزيتون ممنوعون من الوصول إليه وحراثته، وفي الموسم الماضي منعونا من قطف ثمار الزيتون".

ويشير إلى أن الثروة الحيوانية هي مصدر الدخل الأساسي لسكان يانون، فمنها ينفقون على التعليم والعلاج وغيره.

ويبين مرار أن عدد رؤوس الماشية في يانون الشمالية انخفض إلى 280 رأسا فقط، لكن إذا استمر الوضع الحالي فلن يبقى رأس غنم واحد.

ويقول: "أملك الآن 100 رأس غنم، وفي السابق كان عندي 150 رأسا، والسبب أنني في كل فترة أبيع جزءا من الأغنام لأشتري أعلافا لإطعام بقية الأغنام".

المضايقات والتهديدات التي يمارسها الاحتلال والمستوطنون في يانون لا تقتصر على المواشي، بل تمتد إلى السكان باعتبارهم المستهدفون بالأساس من تلك الممارسات بهدف إجبارهم على الرحيل.

ومن تلك المضايقات نصب الحواجز الطيارة على الطريق الرابط بين يانون وبلدة عقربا يقف عليه جيب عسكري لكن الجنود هم من المستوطنين بلباس عسكري، والذين يحتجزون الأهالي وينكلون بهم ويمنعونهم من المرور.

ويقول مرار: "نحن في سجن حقيقي للسكان والمواشي. لا أمان بالتحرك في يانون والخروج منها أو الدخول إليها".

كما يتعمد المستوطنون لتسيير مركبات "تركتورون" في ساعات الليل والنهار لاستفزاز الأهالي وتخويفهم.

وينهش الاستيطان أراضي الخربة ومؤخرا تم شرعنة المستوطنة التي تحمل الاسم 777 واصبح اسمها "جفعات ارنون" والتي تمتد إلى مناطق الأغوار.

كما تتواصل عمليات التجريف وشق الطرق الاستيطانية التي تخترق حقول الزيتون والمراعي، ونصب البيوت المتنقلة "كرفانات" فيها، في الوقت الذي يمنع أهالي يانون من البناء أو حتى وضع لوح من الصفيح.

ويقول مرار: "من يريد من الشباب في يانون أن يتزوج يضطر للتوجه إلى عقربا للبحث عن مسكن لأنه لا يمكن البناء في يانون الشمالية".

ويلفت إلى أن هذا الوقاع جعل غالبية عائلات يانون يقيمون خارجها، ففي حين توجد 5 عائلات في يانون الشمالية، يوجد في عقربا 25 عائلة تنحدر من يانون، والتي هجّرت منها قسرا بسبب مضايقات الاحتلال واعتداءات المستوطنين والمنع من البناء.

في خربة الطويّل شرق عقربا، لا يختلف المشهد كثيرا سوئ في دمويته، فخلال شهر واحد في ربيع هذا العام، ارتقى على أرضها 3 من رعاة الأغنام برصاص المستوطنين.

ففي مارس/ اذار من هذا العام استشهد فاخر باسم بني جابر، وفي أبريل/ نيسان استشهد الشابان عبد الرحمن ماهر بني فاضل ومحمد أشرف بني جامع، بعد أن هاجمهم المستوطنون محاولين منعهم من رعي أغنامهم.

ويعتبر رئيس بلدية عقربا صلاح بني جابر أن ما يجري في خربة الطويل وغيرها من مناطق الغور وشفا الغور هو استقواء المستوطنين بقوات الاحتلال على المزارعين ورعاة الأغنام العزّل.

وقال: "ما يجري في خربة الطويّل هو عملية ممنهجة بين مختلف أركان دولة الاحتلال، إذ تصدر الإدارة المدنية إخطارات الهدم وتنفذ الهدم فعليا، ويصادر جيش الاحتلال الاف الدونمات، فيما يمارس المستوطنون اعتداءاتهم على المواطنين".

وأكد أن ما بات يعرف بـ "الاستيطان الرعوي" يواصل التغول في مناطق (ج) في محاولة للسيطرة على مزيد من الأرضي في مناطق الأغوار بهدف تفريغها من سكانها.

غ ك

/ تعليق عبر الفيس بوك

تابعنا على تلجرام