كتب الشهيد إبراهيم الغولة أمنية أهالي قطاع غزة كافة، فبعد 10 أشهر من حرب الإبادة وما كانت عليه جثث الشهداء من حرق وتقطيع لأشلاء، بفعل قنابل جيش الاحتلال الإسرائيلي التي ألقيت عليهم، أصبح حلم كل غزي أن يكون جسده كاملا لحظة موته؛ حتى لا يعيق ذلك التعرف عليه.
لم يكن الغولة يعلم أن الخاطرة التي كتبها على صفحته الشخصية عبر موقع فيسبوك ستكون، بعد 5 ساعات، وصية يجاهد الجميع ليعلم مدى تحققها وهل خرج جسده وأفراد عائلته دون نقص.
فمن المعلوم أنه إن تدفن بقبر في مكان معروف، ويكون جسدك كاملا لا نقص فيه كبقية الناس عند موتهم، فهذا الطبيعي إلا في غزة، فما يلقيه الاحتلال يخترق الأجساد ويمزقها إربا صغيرة لا تعرف هوية صاحبها.
"لا أريد أن أنتهي بكيس، أريد أن أدفن في مقبرة معلومة"، تلك كانت آخر كلمات الشهيد الغولة الذي ارتقى مع أبنائه وزوجته بعد خمس ساعات من كتابتها.
العجيب أن جسد الشهيد الغولة، رغم رتل القذائف التي سقطت عليه، بقي كاملا ولم يقطع إلى أشلاء، فكان طلبه صادقا نابعا من قلب محترق على ما يحدث بغزة، فلبى الله له أمنيته الأخيرة وجعل صيتها يعم أرجاء البلاد.
تحققت أمنية شهيدنا الأولى، إلا أن شطرها الثاني لم يتحقق ولم يحظ الغولة بها كما لم يحظ أي شهيد من غزة، بعد أن كانت مقابر القطاع هدفا لآلة الحرب الإسرائيلية فدمرتها خلال عدوانها المتواصل.
وصية الشهيد التي كانت أمنية له قبل استشهاده، لاقت رواجا واستعطافا كبيرا من رواد مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينيين والعرب على حد سواء.
فكتب الناشط علي أبو شنب: "لم تنته في كيس يا إبراهيم
كانت موتتك برداً وسلاماً
بقيت جثتك كاملة دون نقصان
أصابعك العشرين كاملة
عيونك الجميلة
ذراعيك وقدميك
لكن قلبك فقط توقف
ورأسك بدمك تخضب
ستدفن في هذه الأرض يا إبراهيم
سيحتضنك رحمها الدافئ
اسمك شاهد وعمرك شاهد وعملك شاهد
وكلنا نشهد أنك من خيرة شباب #الشجاعية
ممن نفخر به في وطننا الذبيح
تحققت أمانيك يا إبراهيم
رحمك الله وتقبلك
شه.يداً يا إبراهيم
وإنا لله وإنا إليه راجعون".
أما هدى نعيم فكتبت، "يا حسرتي على أحلام شباب بلادي
يا حسرتي على زينة البلاد".
أما هالة عبدو فكتبت "قبل ساعات من استشهاده كانت أمنيته الأخيرة أن لا ينته بكيس. احكي لربنا كل شي، في جنات النعيم عند رب رحيم".