"أهلاً بك في الجحيم"، بهذه العبارة بدأ ضابط الاحتلال التحقيق مع الطفل عدي رائد عوض (14 عاماً)، من بلدة بيت أمر شمالي الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة.
وكانت قوات الاحتلال اعتقلت قبل نحو أسبوع، الطفل عوض إلى جانب ثلاثة أطفال آخرين، بينهم طفل جريح، بعد اقتحام منازل ذويهم والاعتداء عليهم بالضرب المبرح.
وأفاد عوض في حديثٍ لوكالة "صفا"، بأن قوات الاحتلال حاصرت المنزل في ساعات متأخرة من الليل، بعشرات الجنود المدججين بالسلاح، وقاموا بتكيله وتعصيب عينيه قبل اعتقاله.
وقال "منعني الجنود من وداع والدتي وهددوا عائلتي بالسلاح عندما حاولوا منعهم، وقاموا بتعنيفي وضربي أمام والدتي وإخوتي الصغار".
وأضاف الطفل عوض أن الجنود اعتدو عليه أيضاً داجل الجيب العسكري وهو مكبل اليدين ومعصوب العينين، وقاموا بشتمه بألفاظ نابية.
وحول ظروف الاعتقال داخل قسم الأشبال في سجن عوفر، بيّن أنه التقى بأسرى أطفال من أبناء بلدته، حمّلوه رسائل لذويهم، لافتاً إلى أن القسم كان معزولاً بشكل كامل عن ما يحدث في الخارج ولا يوجد أي اتصال بين الأسرى وذويهم أو حتى المحامين.
وأوضح أنه أمضى أربعة أيام داخل السجن قبل الإفراج عنه بكفالة مالية، خسر فيها 4 كيلو غرام من وزنه، نتيجة ظروف الاعتقال القاسية.
واشتكى عوض من شح الطعام داخل السجن، مشيراً إلى أن إدارة السجن كانت تقدم أرغفة خبز صغيرة وعفنة، إذ يتشارك أسيرين في الرغيف الواحد.
وبين أنه تعرض للضرب والصراخ الشديد والشتم خلال التحقيق، ولم يسمح له بالاتصال مع محاميه أو ذويه، فضلاً عن قضائه ساعات في العزل وحرمانه من النوم.
وقال منسق اللجان الشعبية في بلدة بيت أمر يوسف أبو ماريا، إن أعداد حالات اعتقال الأطفال في البلدة زادت بشكل كبير منذ بدء العدوان على قطاع غزة في أكتوبر الماضي، رافقها تصاعداً لوحشية الاحتلال وعنجهيته أثناء عمليات الاعتقال وداخل السجن.
وبيّن أبو ماريا في حديثه لوكالة "صفا"، أن قوات الاحتلال نفّذت عشرات الاعتقالات في حق أطفال البلدة، منهم من لم تتجاوز أعمارهم 10 أعوام، وبعضهم جرى تحويلهم إلى الاعتقال الإداري.
وأضاف أن الاحتلال يستهدف الأطفال لترهيبهم وتخويف ذويهم، حتى لايتفاعلوا مع الحالة الوطنية القائمة، ولمنعهم من المشاركة في المواجهات التي تدور في البلدة بشكل شبه يومي.
وقال "اعتقلت قوات الاحتلال نجلي أبيّ، البالغ من العمر 17 عاماً مرتين خلال الحرب، واعتدوا عليه بالضرب المبرح ما أدى لنقله إلى المستشفى خلال اعتقاله، وأصدر في حقه أمراً بالاعتقال الإداري"
وأشار إلى أن ظروف الاعتقال التي يواجهها الأسرى الأطفال لا تقل قساوة عن الكبار، فالأطفال كمار الكبار يجوّعون، ويحرمون من الزيارات، ويتعرضون للضرب والإهانة.
وذكر أبو ماريا أن أحد الأطفال المعتقلين كان يذكِّر والدته بحال أطفال غزة لطمأنتها خلال لحظة اعتقاله، موضحاً أن الأطفال يزدادون تمسكاً بالمقاومة ومواجهة الاحتلال، كلما تصاعدت الانتهاكات ومحاولات الترهيب.
وأوضح أن بلدة بيت أمر تشهد حالة مقاومة متصاعدة، نتيجة التضييق على الأهالي ومحاولات السلب لأراضيهم، فضلاً عن الاقتحامات المتكررة وإغلاق الحواجز ومنع تنقل المواطنين.
وتعجب أبو ماريا من غياب المنظمات الحقوقية الدولية والمؤسسات الرسمية، عن توثيق ممارسات الاحتلال في حق الأطفال وانتهاكه لكل القوانين والمواثيق الدولية.
ووفق مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، فقد بلغ عدد حالات اعتقال الأطفال 540 حالة، منذ بدء العدوان على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، من أصل 9465 حالة اعتقال استهدفت مختلف الفئات في الضفة الغربية والقدس المحتلتين.