أجمع محللون سياسيون على أن استقالة أعضاء مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس وغابي آيزنكوت وحيلي تروبير، مثلت شهادة فشل للحرب التي تشنها "إسرائيل" على قطاع غزة منذ ثمانية أشهر.
واعتبر محللون، تحدثت معهم وكالة "صفا"، أن استقالة حزب "غانتس" من حكومة الطوارئ بمثابة هزة قوية لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وحكومته المتطرفة، وقفز من سفينة غارقة، ومن مغبة تحمّل تبعات فشلها المضاعف.
وتشكلت حكومة الطوارئ من تيارات متناقضة يمينية وعلمانية، بعيد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر الماضي، ووضعت شعارات كبيرة بالقضاء على حركة حماس وتحرير والأسرى من قبضة المقاومة.
وتأتى قرارات الاستقالة بعد انتهاء الفترة المحددة من غانتس وحزبه لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والتي من شانها اتخاذ قرارات إستراتيجية تتعلق بالحرب على قطاع غزة.
وشدد "غانتس" في قرار استقالته على عرقلة رئيس الحكومة لقرارات استراتيجية مهمة لاعتبارات سياسية.
وطالب نتنياهو بإجراء انتخابات مبكرة لتشكيل حكومة وحدة حقيقية صهيونية وطنية داعيا قادة الأحزاب إلى الوقوف بجانبه من أجل تحقيق هذه الخطوة.
واكد أن الانسحاب من هذه الحكومة جاء لأن رئيسها يمنع من التقدم نحو تحقيق نصر حقيقي.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي سامر عنبتاوي، في تصريح لوكالة "صفا" أن "غانتس انتقل من صفوف المعارضة إلى مقاعد الحكومة بقيادة نتنياهو رغم خلافه الشديد معه، بداعي حماية مستقبل وأمن دولة الكيان، لكن تبين له أن نتنياهو لا يستمع لأحد، وينفرد بكل قرارات الحكومة، وتبين له أن الحرب، هي حرب نتنياهو الشخصية وحرب المتطرفين معه".
ويقول عنبتاوي: "وبالتالي استقال غانتس ليعود إلى صفوف المعارضة، وليضغط بشكل أكبر على نتنياهو، ويضيّق عليه الخناق، ليعجل من إجراء انتخابات قريبة، تنهي حكم نتنياهو في الداخل الإسرائيلي".
الكاتب والمحلل السياسي سليمان بشارات يرى في حديث لـ"صفا"، أنه "كان من طموح غانتس لدى دخوله الحكومة، إظهار ضعف نتنياهو وأنه غير قادر على اتخاذ قرارات متزنة، لكن نتنياهو وهيمنته حالت دون ذلك".
ويضيف بشارات "بل على العكس، تبين له أنه تم استغلاله من نتنياهو بشكل كبير، كمظلة تجميل للحكومة، بأنها حكومة إجماع وطني، مع وجود الوزيرين المتطرفين سموتريتش وبن غفير".
تطرف حكومة الحرب
أما الكاتب والمحلل السياسي سري سمور فيرى أن "خروج غانتس وآيزنكوت من الحكومة الإسرائيلية تعني خسارتها لقياديين عسكريين مهنيين، وخروجهما سيزيد من تطرف الحكومة، كما سيزيد من عدم قبولها الدولي وعزلتها"، معتبراً أن وجود غانتس كان وجهاً مقبولاً جداً على الصعيد الدولي.
ويضيف سري سمور، في حديثه لوكالة (صفا)، أن "دخول غانتس وآيزنكوت للحكومة جاء أصلاً بإيعاز أمريكي لكونها حكومة طوارئ تشكل دفاعا عن الأمن الاستراتيجي لإسرائيل، لكن الحرب الآن وبشكلها الحالي وبتمرد نتنياهو على الإدارة الأمريكية، باتت تشكل خطراً على فرصة الرئيس الأمريكي جو بايدن للفوز بدورة رئاسية قادمة، وبالتالي تسعى أمريكا أيضا لإضعاف نتنياهو"
أما عن أثر هذه الاستقالة على الحكومة، فيرى عنبتاوي أن استقالة "غانتس وآيزنكوت" ستزيد من عزلة هذه الحكومة والضغط عليها بشكل أكبر، على المستوى الداخلي والخارجي.
اسقاط نتنياهو
ويعتقد أن السيناريوهات القادمة ستتمثل في توجهين، إما أن ينجح نتنياهو في تصعيد كافة الأمور بجميع الاتجاهات، ويرفض كل الحلول ويهرب إلى الأمام بتصعيد حربه على كافة الجبهات.
أما السيناريو الثاني كما يضيف عنبتاوي، فهو أن يستطيع هذا اللوبي المعارض الذي يتشكل الآن، من أن يسقط نتنياهو عن عرشه، وأن يتم التوصل إلى اتفاق، وبالتالي إجراء انتخابات قريبة ليواجه فيها نتنياهو مصيره في السجن أو المحاكمة على المستوى الداخلي والخارجي.
أما الكاتب والمحلل السياسي سليمان بشارات فيرى أن "قوة هذه الاستقالة على مجلس الحرب وحكومة الطوارئ ستظهر مع نزول غانتس إلى الشارع ومشاركته في التظاهرات، ومقدرته على تحشيد الشارع الإسرائيلي، كما حصل في مارس، ما قبل الماضي، قبيل الحرب، عندما بدت المظاهرات في أوجها أمام ما سمي وقتها بالإصلاحات القضائية، وهي ما ستبين في الأسبوع القادم إن كانت ستلتف حوله الجماهير، وبالتالي سيؤثر على الحكومة، وتباعاً على مجريات الحرب".
ويضيف الكاتب والمحلل السياسي سليمان بشارات، "واضح جداً أن الخطاب الذي ألقاه غانتس يعزز رؤية وطرح أن هذه الحرب لم ولن تستطع أن تحقق الأهداف الأساسية التي انطلقت من أجلها، وبالتالي هناك حالة فشل، وهذه حالة الفشل ستنعكس على الروح المعنوية للشارع الإسرائيلي، وستؤثر على ثقته بالقيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، وبالتالي سيصبح هناك نوع من العزوف الشعبي الإسرائيلي عن التأييد لهذه الحرب".
وهنا يرى بشارات أنه "قد تبدأ ترتفع الأصوات أكثر فأكثر، للمطالبة بضرورة وقفها لاعتبارات أن هذه الحرب ربما ستجلب عليهم الخراب والدمار بشكل كبير في الحالة المستقبلية".
من جهته، يعتقد سري سمور أن استقالة غانتس ستدخل حكومة نتنياهو بأزمة جديدة وهي مشكلة تمثيل الشارع وعدم وجود إجماع لدى حكومة الحرب، كما تعد اعترافا ضمنيا بانتصار المقاومة وفشلا لحكومة نتنياهو بغزة بعد 8 شهور من عدم تحقيق أي نصر حقيقي هناك.
وهنا يعود الكاتب والمحلل السياسي سليمان بشارات للقول: إن "هذا الفشل سيدفع نتنياهو وحكومة الحرب للذهاب إلى المغامرة بشكل أكبر، وجر "إسرائيل" إلى مواجهة ربما أكبر، في مواجهة عسكرية مع جبهات أخرى، أو مواجهة دبلوماسية مع العالم، وبالتالي ستبدأ تفقد إسرائيل مكانتها على المستوى والمعادلة الدولية العالمية".