web site counter

الأقصى يودّع حشود المعتكفين.. فماذا ينتظره بعد رمضان؟

القدس المحتلة - صفا

لم تكن الطريق إلى المسجد الأقصى المبارك في شهر رمضانهذا العام مفروشة بالورود أمام المصلين، بل إن الطريق قُطعت من بدايتها أمام عشرات الآلاف ممن اعتادوا قضاء أوقاتهم في هذا المقدس خلال الشهر الفضيل، لكن "حالة الطوارئ" التي أعلنها الاحتلال مع بداية الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023  حالت دون ذلك.

أمام الحواجز العسكرية المؤدية إلى القدس، أُعيقوا وفُتشوا وأُهينوا وأُعيد كثير منهم أدراجهم ومنعوا من الوصول، وبعد نجاح البعض في الدخول إلى الساحات المباركة كان أفراد شرطة الاحتلال لهم بالمرصاد؛ منهم من تم تفتيشه واحتجازه، ومنهم من اعتُقل ومُدد اعتقاله، أو خرج بكفالة مالية وبإبعاد عن المسجد الأقصى.

ورغم كل ذلك، دخل أولى القبلتين أكثر من مليوني مصلّ وأدوا العبادات فيه على مدار الشهر الفضيل، وسط أجواء روحانية استثنائية، وقال كثيرون منهم إنهم لا يشعرون بمثيل لها في أي مسجد بالعالم.

ومع انقضاء هذا الشهر، لملم المعتكفون خيامهم وتعاونوا على تنظيف الساحات قبل مغادرتها استعدادا لاستقبال عيد الفطر السعيد، لكن ملامح الفرح على وجوههم تبدلت إلى حزن مع رحيل رمضان، وعودة اقتحامات المستوطنين للباحات المباركة بعد توقفها لمدة 16 يوما.

الأقصى ينادي

وعن أهمية إعمار المسجد على مدار العام وعدم اقتصار شد الرحال إليه على شهر رمضان المبارك، قال خطيب المسجد الأقصى ورئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس الشيخ عكرمة صبري للجزيرة نت إن المسجد الأقصى ينادي المسلمين بشد الرحال إليه في رمضان وغير رمضان، مضيفا أن "رب رمضان هو رب شوال والأشهر الأخرى، وعليه لا يجوز أن نتخلى عن الأقصى أو نهجره".

وأضاف أن أي إجراء يقوم به الاحتلال يصب في إطار الهيمنة والسيطرة والسيادة على المسجد، لأن الاحتلال طامع فيه، وكل ما يقوم به في الأقصى يقصد فيه سحب صلاحية الوقف الإسلامي وبسط السيطرة.

"ما يقال عن ذبح البقرة الحمراء (التي تتوعد جامعات متطرفة بذبحها) ونثر رمادها، للسماح لليهود دينيا باقتحام الأقصى ما هي إلا أحلام وخرافات لا علاقة لنا بها، ولا نسمح بربطها في المسجد الأقصى" أردف صبري.

ولأن المسجد الأقصى على موعد مع عدوان جديد خلال الأسبوع الأخير من أبريل/نيسان الجاري، مع حلول عيد الفصح اليهودي الذي يعد واحدا من أسوأ مواسم الاقتحامات الجماعية للأقصى، قال خطيب المسجد "لا يجوز لأعيادهم أن تنعكس على الأقصى، لأنه للمسلمين وحدهم، ولا نسمح بهذه الإجراءات العسكرية والأمنية التي تستهدفه".

وحول المخاطر التي تحدق بأولى القبلتين منذ اندلاع الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أكد صبري أن الاحتلال نقل أجواء الحرب مباشرة من غزة إلى المسجد الأقصى، وحرم مئات آلاف المسلمين من الصلاة فيه خلال الأشهر الخمسة الماضية التي سبقت رمضان.

ورغم أن التقديرات أشارت إلى إحياء 200 ألف مصلّ ليلة 27 رمضان في رحابه هذا العام، فإن الشيخ عكرمة صبري يقول إن هذا الرقم لا يقارن مع السنوات السابقة التي كان يصل فيها عدد المصلين في هذه الليلة أحيانا إلى 400 ألف مصلّ.

الخطر الأكبر

وخوفا من الآتي، أصدرت القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية بيانا أكدت فيه خطورة ورفض ما يحاول الاحتلال الترويج له باقتحامات المسجد الأقصى المبارك وذبح القرابين وجلب الأبقار الحمراء وغير ذلك، "في محاولة للمساس بالقدس كعاصمة دولتنا الفلسطينية المستقلة وأماكنها المقدسة الإسلامية والمسيحية".

كما أصدرت القيادات المسيحية وبطاركة ورؤساء الكنائس في القدس بيانا، اليوم الثلاثاء، أعربت فيه عن قلقها وإدانتنا لجهود المسيحية الصهيونية "لجلب مزيد من المعاناة والألم إلى القدس".

وجاء في البيان تعقيبا على الجهود المبذولة لذبح البقرة الحمراء أن هذه الخطوة "لا تشكل إهانة كبيرة للأمل في التعايش بين الأديان المتعددة في القدس فحسب، بل إنها دعوة إلى حرب إقليمية إن لم تكن عالمية"، وأضاف البيان أن "هذه الخطة التي يجري إعدادها منذ سنوات عديدة، ستحول الوضع الإسرائيلي الفلسطيني من صراع سياسي إلى صراع ديني لا حل له على الأرض".

وحسب البيان ذاته "من الواضح أن البقرة المعدلة وراثيا التي تهدف إلى تشجيع العنف والاضطراب ليست معجزة من الله"، وأن القادة المسيحيين الدينيين يشعرون بالحزن "عندما نرى المصلحة الذاتية الساخرة تلعب دورا في العلاقة بين معهد الهيكل ومؤيديه من المسيحيين الصهيونيين".

وفي ختام البيان، أكد بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس أهمية استمرار المملكة الأردنية في تعزيز وحماية وإدارة الوضع الراهن التاريخي للأماكن المقدسة في القدس.

وحثوا جميع القادة المسيحيين على النظر في رسالتهم ورسائل منظمات المجتمع المدني في الأراضي المقدسة التي تسعى إلى تعزيز حقوق الإنسان والسلام المبني على العدالة والرفاهية لجميع الناس.

البقرات الخمس

يذكر أن 5 بقرات حمراء وصلت إلى إسرائيل أواخر عام 2022 ووضعت في مزرعة سرية فور قدومها من ولاية تكساس الأميركية تمهيدا لذبحها وحرقها ونثر رمادها لـ"تطهير" اليهود والسماح لهم بحرية الدخول إلى المسجد الأقصى المبارك، وهو أقصى ما تتمنى جماعات الهيكل المتطرفة تحقيقه في أولى القبلتين.

وتعود فكرة البقرة الحمراء -وفقا لعبد الله معروف أستاذ دراسات بيت المقدس في جامعة إسطنبول 29 مايو ومسؤول الإعلام والعلاقات العامة السابق بالمسجد الأقصى- إلى نصوص المشناة (شروح التوراة)، وهي جزء من كتاب التلمود.

وتبين في الشريعة اليهودية وفقا لمعروف بوجوب ذبح البقرة في يوم محدد من العام وهو الثاني من أبريل/نيسان العبري الذي يوافق العاشر من أبريل/نيسان الميلادي أول أيام عيد الفطر.

المصدر : الجزيرة

/ تعليق عبر الفيس بوك

تابعنا على تلجرام