web site counter

مزج العبارات الوطنية بالدينية

في رفح.. فريق مسحراتي لتعزيز صمود النازحين

رفح - خــاص صفا

بحلول الثانية فجرًا، يجتمع فريق مسحراتي رفح الخماسي في مكان يتفقون عليه بحيّ الشابورة وسط المدينة، لتحديد خط سيرهم ونوعية الأهازيج الوطنية المقرّر الصدح بها في رحلتهم اليومية وسط العتمة.

ورغم الظرف الأمني المثير للذعر في الثلث الأخير من الليل جراء المجازر التي تنفذها طائرات الاحتلال الإسرائيلي في رفح كل ليلة تقريبًا؛ يُصرّ الفريق على التجول في الحيّ، ولكن ليس بتمائم دينية متوقعة كما جرت العادة من مسحراتيين تقليديين في بعض الدول العربية.

حيث يُعرف عن هذه "المهنة" المؤقتة أن يكون صاحبها عارفًا بمدائح وتماتم نبوية ودينية تعزّز الشعور الإيماني للصائمين، أما لدى فريق مسحراتي رفح؛ فهو يدقّ دفّه ويصدح بحنجرة "يوسف" بأناشيد الثورة الفلسطينية لـ"يعزز الشعور الوطني" لدى الصائمين وبالأخص النازحين، كما يقول المنشد.

فما إن يقترب موعد السحور؛ يترافق قرع الدفّ مع مقاطع لأناشيد ثورية فلسطينية يهتف بها يوسف أبو حميد ومُعاونه محمد جربوع مثل: 

"فلسطينيين.. فلسطينيين وبدنا (نرجع) للبلاد".
"يا رب العالمين.. الله الله.. ارحم ضعف (النازحين)".
"أنا راجع ومش راح ضل (نازح) في الملاجئ".
"يلا امشوا معانا (يا نازحين) عَ فلسطين.. تربة (غزة) نادتنا متى راجعين".
"سوف نبقى هنا.. كي يزول الألم.. موطني موطني.."

وفي أمسية منتصف الشهر الفضيل، استضاف تجمّع للنازحين بالشابورة الفريق امتنانًا لجهوده، والذي بادلهم بعرض تضمن أهازيج وطنية رددها الأطفال وتعرفوا وجوه من يُسحّرونهم.

ويقول محمد جربوع (26 عامًا) إن فريقه فضّل إضفاء الطابع الثوري على محتوى أهازيجهم توافقًا مع شهور العدوان على غزة.

ويضيف جربوع الملقّب بـ"النِسّي" لوكالة "صفا" إن قرار اختيار الأناشيد بدل التمائم الدينية جاء لرفع الحس الوطني لدى الأهالي وخاصة لدى عشرات الآلاف ممن نزحوا إلى رفح جنوبًا.

وأشار إلى أن فئة قليلة من الأهالي كانوا أيضًا بحاجة إلى تثبيتهم أكثر ودعم صمودهم وعدم السماح بمرور أفكار لا وطنية يحاول الاحتلال بثها على منصات التواصل الاجتماعي، "لذا كان لزامًا علينا مواجهة ما يُبث من دعاية سوداء، وذلك من خلال نداءات السحور".

الفريق الشاب الذي بدأ تطوّعه كمسحراتيين قبل خمس أعوام، يقول على لسان قائد الدف عبد العزيز أبو جزر إن محاولات ثني أهليهم عن مهمتهم الليلية جوبهت بالفشل؛ "فرغم استشهاد ابن عم أحدنا قبل أيام، فإن ذلك لم يُقعدنا سوى ليلتين، غير آبهين بقصفٍ مفاجئ قد يصيب أحدنا- على الأقل- بمكروه".

ويضيف قائد الدف الذي كان يعتمر طربوشًا تركيًا أحمر أن أهالي العديد من الأحياء بالمحافظة من أطفالٍ ونساء وشبان يرددون فورًا كلمات أناشيدهم بالنصوص الأصلية ويسكتون لبرهة إعجابًا وامتنانًا عندما نُدخل عبارات "النزوح" و"النازحين" و"العودة"، وهو دليل قبولنا لدى الجميع.

وبحسب ما يرى الفريق الشاب، فإن موسمهم الحالي في التطوع هو الأشد حزنًا بسبب استمرار شهور العدوان التي تجاوزت نصف سنة؛ بخلاف المواسم الماضية التي كانت بهيجة بليالي الشهر الفضيل.

أ ج/أ ك

/ تعليق عبر الفيس بوك