خلال ثوانٍ معدودة، تحول مستشفى المعمداني في مدينة غزة من مكان للتطبيب واستقبال النازحين إلى ساحة مليئة بالدماء والأشلاء التي تناثرت في أرجاء المكان، بفعل قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي، في جريمة بشعة ومروعة لا يمكن وصفها إلا بالمحرقة.
مئات المرضى والجرحى والنازحين من منازلهم قسريًا تواجدوا داخل المستشفى علها تكون ملاذًا آمنًا لهم، في ظل الغارات الإسرائيلية الهمجية المتواصلة على القطاع، والتي لا تفرق بين طفل وامرأة ورجل.
وفور حدوث القصف، علت صرخات الأهالي الثكالى في كل مكان، بحثًا عن أبنائهم وأقاربهم من بين جثامين الشهداء، التي مزقتها صواريخ الاحتلال، وحولتها إلى أشلاء متناثرة بعضها متفحمة ومحترقة، يصعب التعرف على هويتها.
مشاهد مروعة
وأظهرت الصور ومقاطع الفيديو التي بثتها وسائل الإعلام، مشاهد مروعة في ساحة المستشفى للشهداء والمصابين، في صدمة أصابت الجميع بالذهول من هول بشاعتها.
مقطع فيديو آخر عبر مواقع التواصل الاجتماعي أظهر لحظة استهداف الاحتلال المستشفى، وما تبعه من كرة نار أشعلت سماء المكان.
معظم الشهداء كانوا من الأطفال والنساء الذين غابت ملامحهم، وتقطعت رؤوس بعضهم، من شدة القصف، الذي فاق الخيال.
ورغم انتشال جثامين الشهداء ودفنها، إلا أن آثار الدماء والأشلاء والدمار ما تزال عالقة في أرجاء المستشفى، كما في ذاكرة كل فلسطيني.
ومنذ بدء عملية "طوفان الأقصى"، وجيش الاحتلال يتعمد استهداف وقتل المدنيين في قطاع غزة بشكل مباشر، ولا سيما الأطفال والنساء، منتهكًا كل الأعراف والقوانين الدولية.
ويعد مستشفى المعمداني أقدم مشفى في قطاع غزة، وبني قبل نكبة فلسطين عام 1948 بأكثر من نصف قرن وسط مدينة غزة في أحد المربعات السكنية المكتظة بين حيي الزيتون والدرج.
وتكتظ أروقة وساحات مستشفيات قطاع غزة بالنازحين الذين لجأوا إليها طلبًا للأمان من القصف الإسرائيلي المستمر منذ 12 يومًا على القطاع، والذي أدى لاستشهاد 3478 مواطنًا وإصابة 12065 آخرين.
ويوم الأربعاء، أعلنت وزارة الصحة في غزة عن استشها471 مواطنًا وإصابة 314 آخرين، في مجزرة مستشفى المعمداني التي ارتكبها الاحتلال مساء الثلاثاء.
لا مثيل لها
ولا يمكن توصيف ما جرى إلا بالمحرقة، في وقت يؤكد اعتراف الاحتلال لوسائل الإعلام الغربية أن استهدافه لكل الأماكن في قطاع غزة موافق عليها سياسيًا وعسكريًا، تعمد قتله المدنيين والأطفال والطواقم الصحية والصحفية ورغبته بارتكاب "هولوكست" ضد شعبنا يفوق في إجرامه ما سجلته النازية، كما يقول رئيس المكتب الإعلامي الحكومي سلامة معروف.
وتثبت هذه المجزرة المروعة للعالم-وفق معروف- أن الاحتلال لن يتوقف عن القتل والدمار، وأن شهيته لا زالت مفتوحة لارتكاب مزيد من المجازر بحق المدنيين، دون خشية من عقاب أو محاسبة.
ويضيف "بتنا أمام مشهد خاتمة هذه النكبة الإنسانية بنفاد المواد الحياتية الأساسية وبتوقف مستشفيات غزة عن العمل خلال الساعات القادمة، ما يعني تحول غزة لمقبرة جماعية من المرضى والجرحى، بسبب توقف العناية الطبية والمواطنين بسبب الكارثة الصحية وانعدام الغذاء والماء".
أحد الناجين من المجزرة يقول: إن "الاحتلال تعمد استهدافنا بشكل مباشر، في مجزرة وحشية فاقت كل التصورات والمجازر".
ويضيف لوكالة "صفا"، "لا يوجد مكان آمن في قطاع غزة، حتى المستشفيات تم استهدافها بالصواريخ، مما أدى لاحتراق جثامين وتحويلها إلى أشلاء متقطعة".
ويشير إلى أن القصف أدى إلى إصابة عدد من أفراد عائلته بجراح مختلفة.
بدوره، يقول المتحدث باسم وزارة الصحة أشرف القدرة: إن "مجزرة مستشفى المعمداني لا مثيل لها ولا يمكن وصفها، مئات الضحايا وصلوا المستشفى ولا زالت طواقم الإسعاف تجلي الأشلاء".
ويضيف، في تصريح صحفي، أن "معظم ضحايا مجزرة المعمداني أطفال ونساء غابت ملامحهم. الضحايا وصل عدد منهم بلا رؤوس وأشلاء ممزقة وخروج للأحشاء".
وبتابع أن "سيل الضحايا ونوعية الإصابات فاق قدرات الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف، والأطباء كانوا يجرون عمليات جراحية على الأرض وفي الممرات وجزء منهم بلا تخدير".