يرى كتاب ومختصون بالشأن السياسي أن خطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة "ضعيف ومكرر" ولم يحمل أي جديد بالنسبة لتطلعات الفلسطينيين في ظل تصاعد اعتداءات حكومة الاحتلال الإسرائيلي اليمينية المتطرفة.
وكان الرئيس عباس قال خلال كلمته أمام الدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة مساء الخميس إن لدينا أمل في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة رغم الواقع الأليم بعد مرور 30 عاما على اتفاق أوسلو
وأضاف أن حكومة الاحتلال تعتدي على مقدساتنا الإسلامية والمسيحية في القدس وتخرق الوضع التاريخي والقانوني، داعيًا إلى عقد مؤتمر دولي للسلام تشارك فيه كل الدول المعنية بالسلام في الشرق الأوسط.
وأردف عباس أن شعبنا يدافع عن وطنه وحقوقه المشروعة من خلال مقاومته الشعبية السلمية كخيار استراتيجي، داعيًا إلى اتخاذ خطوات عملية تستند لقرارات الشرعية الدولية للاعتراف بدولة فلسطين.
وحول الانتخابات قال الرئيس إننا "نريد إجراءها اليوم قبل الغد لكن يجب أن تشمل القدس"، داعيًا إلى تجريم إنكار النكبة وجعلها يوما عالميا لإحياء ذكراها.
"خطاب مكرر"
بهذا الصدد يعتبر رئيس الهيئة الوطنية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد) صلاح عبد العاطي أن "خطاب عباس مكرر وإن كان نسخة محسنة من خطاب العام الماضي".
ويقول عبد العاطي في مقال إن الخطاب استمرار لذات نهج القيادة في عدم تغيير قواعد اللعبة رغم التغييرات الدولية والإقليمية حتى داخل الاحتلال الإسرائيلي وصعود حكومة هي الأكثر فاشية وعنصرية والتي تعلن ليل نهار عدم اعترافها بالشعب الفلسطيني والحقوق الفلسطينية.
ويرى أن الخطاب أكد الإبقاء على التزامات السلطة بالمقاومة السلمية وتبرير تأجيل الانتخابات برفض "إسرائيل" السماح بإجرائها في القدس، ما يعني بقاء الحال كما هو وعدم إجراء الانتخابات.
ويضيف "في حالة الرئيس وخطابه لا أحد بات يتوقع تغيير، حتى الاحترام العالمي لنا في تراجع فالقاعة كانت شبه فارغة".
ويوضح عبد العاطي أن المشكلة ليست في الخطاب بقدر غياب إرادة الفعل والفعل الحقيقي على الأرض، وهذا بات معلوما لـ"إسرائيل" والعالم.
ويتابع "كما أن الخطاب خلى من أي مؤشرات للتغيير في السياسة الرسمية وتهرب من ذكر عدد من المتغيرات الدولية والإقليمية والوطنية وخاصة قضايا التطبيع والعلاقات الأمريكية والدولية، وغياب أي خطوات جادة في تقديم طلبات الحماية الدولية لمجلس الأمن أو الجمعية العامة بصيغة متحدون من أجل السلام أو تقديم طلب بتعليق عضوية دولة الاحتلال حتى تنصاع لقواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة".
ويشير عبد العاطي إلى أن الخطاب خلى أيضا من خطة عمل إجرائية لتفعيل مسار التوجه للمحاكم الدولية ومن بينها محكمة الجنايات الدولية واستخدام مبدأ الولاية القضائية الدولية في إبقاء على ذات السياسة كجزء من التزامات السلطة بسبب الرهان على الأوهام والوعود الأمريكية الإسرائيلية.
لكنه يلفت إلى أهمية بعض فقرات الخطاب والإشارات إلى ضرورة مراجعة عضوية دولة الاحتلال والمطالبة بتجريم إنكار النكبة والدعوة إلى التحرك لمحاسبة دولة الاحتلال أمام المحاكم الدولية.
ويختتم عبد العاطي بالقول: "للأسف أدت سياسات الرئيس إلى إفقاد النظام السياسي احترامه ومصداقيته، فهو يلوح بيدٍ تواصل التنسيق الأمني والعلاقات مع الاحتلال والرهان على ذات السياسية أوهام التسوية بعد ثلاثين عاما من أوسلو فيما اليد الأخرى مبتورة بالانقسام وتعطيل المؤسسات ومنع الانتخابات واستمرار الانتهاكات الداخلية والعجز المالي والفساد".
"سرد تاريخي واستجداء"
الكاتب والمختص بالشأن السياسي إياد القرا يرى أن "خطاب عباس في الأمم المتحدة كعادته، سرد تاريخي وتوصيف، واستجداء مالي للمجتمع الدولي، والذي يذهب لقيادة السلطة".
ويشير القرا إلى أن عباس تحدث عن المقاومة السلمية وتجاهل المقاومة الشعبية والمسلحة، على الرغم من عمليات القتل والارهاب الذي يمارسه الاحتلال.
ويؤكد أن الخطاب لا يرتقي لتطلعات شعبنا الفلسطيني، وقضيته العادلة، وحصرها في الدعم المالي، وفي المقابل تجاهل ملاحقة الاحتلال فعليًا، وحصرها في شعارات رنانة.
ويضيف القرا "المجتمع الدولي لا يحترم الضعفاء، وخطاب الاستجداء، ويمقت الخطابات المكررة الفارغة من مضمونها، فهي بلا طعم ولا لون ولا رائحة".
"فشل سياسي"
الكاتب عزات جمال يقول عبر صفحته في "فيسبوك" إن خطاب الرئيس عباس كعادته لم يحمل أي جديد.
ويرى جمال أن ما تطرق إليه عباس من أحداث وشواهد متعلقة بنكبة الشعب الفلسطيني ودور كل من بريطانيا وأمريكا الأساسي في وجود الكيان، إضافة لحديثه عن فشل الأمم المتحدة في إنصاف شعبنا على مدار 75 سنة، ورفض الاحتلال لتطبيق أي من قراراتها الدولية رغم التزام السلطة بها، كل ذلك يدين عباس ويثبت فشل نهجه السياسي الذي لا زال يراهن عليه ويتفاخر بالتزامه به.
ويضيف أن "شعبنا الفلسطيني لم يفوض عباس بإقامة دولة على 22٪ من أرض فلسطين ولم يسلم بباقي أرضه لدولة الاحتلال، كما ادعى عباس بل إنه يعبر عن نهجه ورؤيته، فشعبنا الثائر والمنتفض لا يفرط بشبر من أرضه التاريخية ولا يعترف للكيان بحق".
ويتابع جمال "البكاء على الأطلال والاستجداء لا يعني شيء في عالم آخر ما يمكن أن يفكر فيه القيم والحقوق؛ لذلك أي دعوة لمطالبة العالم بمنح شعبنا حقوقه هي دعوة عبثية لا تنسجم مع الواقع، لأن الحقوق تنتزع انتزاعاً".