قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان إن عدد المستوطنين في الضفة الغربية والقدس المحتلتين تضاعف سبع مرات منذ التوقيع على اتفاقيات "أوسلو".
وأوضح المكتب، في تقرير وصل وكالة "صفا"، السبت أن المنطقة المسماة (ج) وفقًا للاتفاق المرحلي كانت محط أطماع الاحتلال الإسرائيلي، باعتبارها المجال الحيوي لمشروعها الاستيطاني.
وأضاف أن 99% من هذه المنطقة مستبعدة تمامًا من الاستخدام الفلسطيني، ولا تسمح سلطات الاحتلال للفلسطينيين بالبناء فيها لأغراض السكن أو لأغراض تجارية أو صناعية، وفيها معظم الموارد الطبيعية في الضفة، وأحواض المياه الرئيسة باستثناء الحوض الشمالي الشرقي في محافظة جنين.
وأشار إلى أن هذه المنطقة كانت المستهدفة بالاستيطان منذ البداية، والذي مر بموجات ثلاث، ويبدو أننا على موعد مع مرحلتها الرابعة والأخيرة.
وكانت الموجة الأولى هي فترة حكم حزب العمل بين 1967 – 1977، حيث تم بناء عدد من المستوطنات بلغ نحو 31 مستوطنة أهمها في منطقة "القدس الكبرى"، و"غوش عتصيون" في محافظة بيت لحم، وغور الأردن، فضلًا عن المستوطنة التي أقامتها على أراضي القرى المدمرة (يالو، بيت نوبا، واللطرون).
وأما عدد المستوطنين، فقد ارتفع إلى 2876 مستوطنًا، كان التركيز في ذلك الوقت على "غوش عتصيون" وغور الأردن ومنطقة "القدس الكبرى"، وبقية أنحاء الضفة بنت "اسرائيل" مستوطنة واحدة فيها فقط.
وذكر المكتب الوطني أن الموجة الثانية جاءت مع التحول الكبير في سياسة "إسرائيل" الاستيطانية بعد صعود اليمين المتطرف بقيادة مناحيم بيغن إلى السلطة وبعد التوقيع على اتفاق السلام مع مصر، حيث أقام الاحتلال نهاية السبعينات ومطلع الثمانينات 35 مستوطنة تلاها 43 مستوطنة جديدة حتى نهاية الثمانيات.
وأضاف أن النشاطات الاستيطانية تصاعدت في الفترة التي رافقت مفاوضات مدريد وواشنطن بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي يعد حرب الخليج الأولى عام 1991، فأقامت حكومة اسحق شامير سبع مستوطنات جديدة، وارتفع عدد المستوطنين إلى 107 آلاف، لترتفع نسبتهم لـ 5,3% من المجموع العام لسكان الضفة وقطاع غزة.
وأما الموجة الثالثة، فكانت بعد التوقيع على اتفاقيات أوسلو فتواصلت النشاطات الاستيطانية، وجرى التوسع في الاستيطان وفتح الشوارع الالتفافية، وإصدار الأوامر العسكرية القاضية بوضع اليد على الأراضي الفلسطينية، خلافًا لما تضمنته الاتفاقية التي نصت على أنه لا يجوز لأي من الطرفين البدء أو اتخاذ أي خطوة من شأنها تغيير الوضع بالضفة وغزة لحين انتظار نتائج مفاوضات الوضع النهائي.
وتابع أن حكومات الاحتلال استخدمت الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها مع الجانب الفلسطيني غطاءً سياسيًا لنشاطاتها الاستيطانية حتى وصلنا إلى قبيل الانتخابات الأخيرة للكنيست الاسرائيلي عام 2022 إلى 158 مستوطنة في أراضي الضفة الغربية بما فيها القدس يسكنها نحو 700 – 750 ألف مستوطن.
إلى جانب 15- 20 ألف مستوطن يسكنون في أكثر من 200 بؤرة استيطانية أخذت تتحول مع مرور الوقت إلى حاضنة للمنظمات الإرهابية اليهودية، كمنظمات "شبيبة التلال" و"دفع الثمن"، وأخرى تطلق على نفسها اسم "تمرد".
وبحسب المكتب الوطني، فإنه ومع هذا التوسع والتمدد الاستيطاني لم يعد يجري الحديث عن مستوطنات سياسية (يمكن تفكيكها)، وأخرى أمنية حسب تعبير اسحق رابين، بل عن بنية استعمارية استيطانية على مساحة 600 ألف دونم، تشكل نحو 12% من مساحة الضفة، يضاف إليها نحو مليوني دونم.
وهذه المساحة هي مناطق نفوذ المجالس الإقليمية للمستوطنات، لتبلغ مساحة الأراضي الفلسطينية الواقعة تحت السيطرة المباشرة للمستوطنات بما فيها البؤر الاستيطانية وما يسمى بالمزارع الرعوية نحو 40% من مجمل مساحة الضفة.
وأما الموجة الرابعة من النشاط الاستيطاني غير المسبوق والمخططات الاسرائيلية الهدامة، فقد بدأت مع صعود اليمين الفاشي إلى الحكم في "إسرائيل" بعد الانتخابات الأخيرة للكنيست، التي جرت العام الماضي، وتستهدف رفع عدد المستوطنين في الضفة والقدس إلى نحو مليون مستوطن خلال العامين المقبلين.
وأفاد بأنه وزير المالية ووزير الاستيطان في وزارة الجيش بتسلئيل سموتريتش أعد من جانبه خطة استيطانية تنطوي على عشرات المشاريع الاستيطانية بين بناء جديد، بما في ذلك مدن استيطانية جديدة وإضفاء الشرعية على نحو 155 بؤرة استيطانية ومزرعة رعوية.
وقال: "إذا ما حاولنا تقريب الصورة بالأرقام فسوف ندرك حجم ومدى التطور الخطير، الذي طرأ على المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية".
وأشار إلى أن عدد المستوطنين في الضفة الغربية دون القدس كان عند التوقيع على اتفاقية أوسلو الأولى عام 1993 نحو 115000 ليرتفع عام 1999 إلى نحو 177411، وفي عام 2005 إلى 249901، وفي عام 2010 إلى 313,928، وفي عام 2015 إلى 388,285.
كما ارتفع في عام 2018 إلى 430,147 ليصل نهاية العام 2022 إلى أكثر من 500000 مستوطن، يسكنون في 158 مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية، بما في ذلك 24 بالقدس.
بالإضافة لما يقارب 200 بؤرة استيطانية ومزرعة رعوية إسرائيلية غير قانونية يسكنها نحو 25 ألف مستوطن أغلبيتهم الساحقة من زعران "شبيبة التلال" و"تدفيع الثمن" الارهابيتين .
ويعيش الآن أكثر من 500 الف مستوطن في الضفة الغربية، بالإضافة إلى 250 ألف بالقدس، أي أن المجموع تجاوز 75 ألف مستوطن، ما يشكل سبعة أضعاف العدد الذي كان عليه الحال في العام 1993.
وأوضح أن الأجندة اليومية للحكومة الفاشية والنازية الجديدة في "إسرائيل" تزدحم بالمشاريع والمخططات الاستيطانية الهدامة في إطار سياسة الحسم والضم، التي تعمل عليها بوتائر مرتفعة.
وأشار إلى أن الحكومة المتطرفة دفعت منذ بداية العام الجاري بمخططات لإقامة 12885 وحدة استيطانية في مختلف أنحاء الضفة، أكبرها في مستوطنة "معاليه أدوميم" شرقي القدس المحتلة، حيث تم إقرار ألف و475 وحدة استيطانية، ومستوطنة "عيلي" شمال شرقي رام الله، تم إقرار ألف و81 وحدة استيطانية.
وأضاف أن حكومة الاحتلال أقرت كذلك 627 وحدة استيطانية في مستوطنة "كوخاف يعقوب" وسط الضفة، و559 وحدة استيطانية في "جفعات زئيف" شمال غربي القدس.
أما في مدينة القدس، فتبحث حكومة الاحتلال مخططات لإقامة 7 آلاف و82 وحدة استيطانية في مناطق مختلفة بالمدينة، وفق ما أشارت إليه وسائل إعلام عبرية.
وتابع "يبدو أن خطة تطوير القدس الشرقية التي أعلنتها حكومة الاحتلال قد تراجعت إلى الظل، وهي على كل حال خطة تهويد وأسرلة بالدرجة الرئيسية، ووعود زائفة للبناء في البلدات والقرى والأحياء المقدسية، وحل محلها خطط التوسع الاستيطاني كأولوية".
ولفت إلى أن "لجنة التخطيط التابعة لما تسمى بالإدارة المدنية الاسرائيلية" أعلنت الأسبوع الماضي، عن مخططين تفصيليين يستهدفان أراضي واسعة تابعة لبلدتي الخضر وبتير وقرية الولجة غربي بيت لحم، بهدف إقامة مستوطنة جديدة على أراضيهما يطلق عليها اسم "ارحوماة".
كما ناقشت "اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء" في القدس المصادقة على بناء الحي الاستيطاني "كدمات تسيون " على أراضي أبو ديس، والذي من شأنه أن يغلق الدائرة الأوسع حول البلدة القديمة من الجنوب والشرق حال تنفيذه، ويزج بالمزيد من المستوطنين في المنطقة.
وفي الوقت نفسه، حولت حكومة الاحتلال لبلدية الاحتلال بالقدس مبلغ 350 مليون شيكل لتعزيز شبكة القطارات الخفيفة التي تربط مستوطنات شرقي المدينة بغربها مع تركيز على ما يسمى بـ"الخط الأزرق".
كما تمت الموافقة على مبلغ إضافي بحوالي 31 مليون شيكل لتعزيز ما يسمى بـ"الخط الأرجواني" للسكك الحديدية الخفيفة.