استعدادًا لموسم الأعياد اليهودية الأطول خلال العام الجاري، عززت شرطة الاحتلال الإسرائيلي من إجراءاتها الأمنية في مدينة القدس المحتلة، ونشرت المزيد من عناصرها ووحداتها الخاصة، ونصبت كاميرات المراقبة والوسائل التكنولوجية في المدينة، خشيةً من تصاعد الأوضاع.
ويستعد المستوطنون لتنفيذ اقتحامات واسعة للمسجد الأقصى المبارك مع حلول أول أعيادهم "رأس السنة العبرية" الذي يبدأ يوم السبت المقبل، ويستمر ليومين، وسيعمدون إلى تنفيذ اقتحام جماعي يوم الأحد المقبل، وسط محاولات لـ"نفخ البوق" داخل المسجد وخارجه وعند مقبرة باب الرحمة.
وتُوظف حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة وجماعاتها الاستيطانية الأعياد لفرض كامل الطقوس التوراتية في المسجد الأقصى، بهدف تغيير الواقع التاريخي والديني فيه.
وقال رئيس شرطة الاحتلال في القدس إيريز تابور إن الشرطة بدأت منذ أشهر بالاستعداد لفترة الأعياد، بما في ذلك عقد اجتماعات مكثفة، وتنظيم رحلات ميدانية إلى العديد من المواقع داخل المدينة، وإجراء الاستعدادات والتدريبات للشرطة، ووضع الخطط وإرسال قادة الوحدات الخاصة إلى الميدان لاختبار التحديات والاستعدادات.
ونقلت صحيفة "يسرائيل" هيوم العبرية عن تابور قوله إن "شرطة الاحتلال وضعت خططَا أيضًا لتأمين الكنس اليهودية في القدس، وأعدت خرائط دائمة للمعابد والفنادق"، مشيرا إلى نشر متطوعين في محيط المعابد لتأمين حمايتها، مع التركيز على الأماكن القريبة من خط التماس.
وأشار إلى نشر مزيد من الكاميرات الأمنية والوسائل التكنولوجية وضباط الشرطة وضباط سريون، ووحدات خاصة في المدينة.
وأضاف أن "الهدف من كل هذه الإجراءات هو الاستجابة الفورية والسريعة، وإحباط عمليات الطعن".
وأكد أنه سيتم نشر الآلاف من رجال الشرطة وأفراد القوات الأمنية طوال الشهر في القدس، وفقًا للتحديات والأحداث الميدانية، مشيرًا إلى أن هذه الفترة الاحتفالية لليهود في المدينة مليئة بالتحديات الكبيرة.
وتابع "أكثر ما يقلقنا والأكثر تعقيدًا بالنسبة لنا عندما يقرر شخص واحد تنفيذ عملية، لذلك وسعنا انتشارنا للسماح برد سريع".
ولتأمين اقتحامات المستوطنين للأقصى خلال الأعياد، أصدرت سلطات الاحتلال احترازيًا عشرات قرارات الإبعاد عن المسجد بحق الناشطين والمرابطين والمرابطات.
وحذر مختصون في الشأن المقدسي من خطورة الأعياد اليهودية على المسجد الأقصى، ومحاولات حكومة الاحتلال تعزيز فكرة بناء "الهيكل" المزعوم على أنقاضه.
ثكنة عسكرية
المختص في شؤون القدس جمال عمرو يقول إن شرطة الاحتلال حولت المدينة المقدسة، ولا سيما بلدتها القديمة ومحيط المسجد الأقصى إلى ثكنة عسكرية، وعززت من انتشارها الأمني في البلدة وأزقتها، تمهيدًا لتأمين الحماية لاقتحامات المستوطنين خلال موسم الأعياد المقبلة.
ويوضح عمرو في حديث لوكالة "صفا"، أن مدينة القدس تشهد حالة استنفار قصوى، وانتشار لثلاث فرق عسكرية إضافية، وهناك كاميرات مراقبة على مدار الساعة في البلدة القديمة ومحيط الأقصى، لمراقبة المقدسيين وتحركاتهم، وخشية من تدهور الأوضاع، واندلاع مواجهات.
ويشير إلى أن الاحتلال يعمل على توفير أقصى درجات الراحة والأمان لقطعان المستوطنين المتوقع قدومهم إلى القدس من كل أرجاء فلسطين المحتلة، خلال الأعياد.
ويضيف أن "الكيان الإسرائيلي متورط في العدوان على القدس والأقصى، دون الالتفاف لأي معاهدات واتفاقيات دولية أو وصاية أردنية وغيرها، فهو يعمل بمنتهى الحرية لفرض وقائع جديدة على المسجد المبارك".
مرحلة عصيبة
ووفقًا للمختص في شؤون القدس، فإن الاحتلال تعمد إصدار عشرات قرارات الإبعاد بحق المرابطين والمرابطات، لأجل تفريغ الأقصى، وإتاحة المجال للمتطرفين اليهود لتنفيذ اقتحاماتهم دون أية قيود.
ويؤكد أن الاحتلال يتصرف بمنتهى العنف والقوة تجاه كل فلسطيني يقف في مواجهته، مبينًا في الوقت نفسه، أن الفترة المقبلة ستكون عصيبة وأشد قتامة على الأقصى، كونها ستشهد اجتياحًا غير مسبوق للمستوطنين.
وتوقع عمرو تصاعد انتهاكات الاحتلال بحق المقدسيين، عبر تنفيذ مزيد من الاعتقالات والإبعاد، وتحرير المخالفات والغرامات المالية، فضلًا عن عمليات العنف والتنكيل بحقهم، وتضييق الخناق عليهم.
وحول الاستعدادات المقدسية، يؤكد عمرو أن هناك نداءات مستمرة من الهيئات الإسلامية والعلماء والفقهاء ومنظمات المجتمع المدني في القدس بضرورة تكثيف التواجد والرباط الدائم في المسجد الأقصى، لمواجهة المخاطر المحدقة به، وحمايته والدفاع عنه.