لحظات قاسية ومريرة عاشتها عائلة القاق في بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى المبارك، وهي تهدم جزءًا من منزلها وشقاء عمرها بيدها، بعدما سلمتها بلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس المحتلة قرارًا بالهدم، دون مراعاة أوضاع أبنائها من ذوي الاحتياجات الخاصة.
عائلة القاق واحدة من العائلات المقدسية التي تُعاني القهر والألم، بسبب إجراءات الاحتلال العنصرية، وعمليات الهدم التي لا تتوقف في مدينة القدس المحتلة، بحجة البناء دون ترخيص.
وتعد سياسة "الهدم الذاتي" من أخطر الانتهاكات الإسرائيلية بحق المقدسيين، لما لها من آثار نفسية واجتماعية مدمرة، تزيد من مأساتهم وآلامهم، وتحرمهم من عيش حياة كريمة كفلتها لهم المواثيق والقرارات الدولية.
ويتهدد كابوس الهدم والتطهير العرقي ستة أحياء بكاملها في سلوان، بذريعة البناء دون ترخيص، أو إخلاء منازلها لصالح الجمعيات الاستيطانية.
ألم ومعاناة
وبألم يعتصر قلبها، تقول أسماء القاق- صاحبة المنزل- لوكالة "صفا": إن "طواقم من بلدية الاحتلال سلمتنا قبل 20 يومًا، أمر هدم جزء من منزلنا في حي عين اللوزة بسلوان، دون مراعاة وضعنا الصعب، خاصة بعد وفاة ابنتي المريضة".
وتضيف "تم تأجيل الهدم لأسبوعين، إلا أننا تفاجأنا قبل يومين بإصدار شرطة الاحتلال أمر هدم آخر، فاضطررنا إلى تنفيذ القرار، بعد تفريغ الغرفة من محتوياتها، والشروع بهدم سقفها ذاتيًا، تجنبًا لدفع تكاليف الهدم الباهظة لآليات البلدية".
وتعيش عائلة القاق- وفقًا لأسماء- ظروفًا اقتصادية صعبة للغاية، بسبب معاناة زوجها من ظروف صحية تُفقده القدرة على العمل.
وتتابع "وضعنا المادي صعب جدًا، لا يوجد أي معيل لنا، لأن زوجي مريض، وأجرى مؤخرًا عملية قلب مفتوح، وابني الوحيد من ذوي الاحتياجات الخاصة لا يستطيع الحركة، ويُعاني من تشنجات في قدميه".
ولم تراعِ سلطات الاحتلال ظروف العائلة، ووضع أبنائها الثلاثة الذين يُعانون من إعاقات مختلفة، بل أجبرتها على الشروع في هدم الغرفة البالغ مساحتها 40 مترًا، والتي تجمع بين جنباتها كل أحلامهم وذكريات ابنتهم المتوفاة.
ضريبة البقاء
وكانت عائلة القاق بنت منزلها في عام 2003، ويتكون من ثلاث غرف ومنافعها، ويقطن فيه الزوج والزوجة ووالدته و6 أبناء.
وتشير إلى أن العائلة دفعت مخالفات باهظة وصلت إلى 70 ألف شيكل لوقف الهدم، والحصول على رخص البناء، رغم وضعنا الاقتصادي السيء.
وتضيف "وجهت عدة مناشدات لأجل وقف الهدم، لأنني لا أستطيع الترافع لدى المحاكم، بسبب وضعي المادي، لكن نحمد الله على كل حال، هذه هي ضريبة بقائنا في القدس، ودفاعنا عنها".
وتفرض بلدية الاحتلال شروطًا تعجيزية ومبالغ طائلة تُعيق حصول المقدسيين على تراخيص بناء، وفي حال الموافقة- نادرًا- فإن الإجراءات تمتد لسنوات.
وشهد النصف الأول من العام الجاري 96 عملية هدم لمنازل ومنشآت في القدس المحتلة، من بينها 31 نُفذت بأيدي أصحابها، وفق مركز معلومات وادي حلوة
ويلجأ المقدسيون إلى تنفيذ أوامر الهدم بأنفسهم (الهدم الذاتي)، بعد التهديد بفرض غرامات باهظة عليهم، إضافة إلى إجبارهم على دفع أجرة الهدم لطواقم وآليات بلدية الاحتلال وقواته المرافقة لها.