قال مسؤول أمني إسرائيلي إن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ بمثابة "رجلنا في رام الله وهو يحث على الدوام على التعاون مع إسرائيل وليس التصادم معها".
ونقلت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية -وفق ترجمة وكالة "صفا"- عن المسؤول الأمني الإسرائيلي الذي طلب عدم ذكر اسمه؛ بسبب دوره المستمر في المخابرات الإسرائيلية، إن الشيخ يعمل بشكل وثيق مع "إسرائيل" لمنع هجمات المقاومة على الإسرائيليين.
وسلطت المجلة في مقابلةٍ استمرت ساعتين مع الوزير الشيخ، الضوء على مدى متانة العلاقة بين الوزير الشيخ والكيان الإسرائيلي، ففي فبراير من العام الماضي، زار القيادي بحركة فتح غرفة اجتماعات محصنة في المقر الشاهق لوزارة الحرب الإسرائيلية في "تل أبيب"، وكان في استقباله حينها كبار ضباط جيش الاحتلال، وقيادة جهاز المخابرات السرية "الشاباك".
وقالت المجلة إن المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين يعجبون بالشيخ باعتباره شريكًا براغماتيًا يتمتع بقدرة خارقة على إيجاد أرضية مشتركة".
ويعرف الشيخ بأنه الشخصية الأكثر نفوذًا في السلطة الفلسطينية، والأكثر صلة بقيادة الاحتلال، ويُنظر إليه على أنه الشخصية الأبرز، والتي تحظى بدعم أمريكي إسرائيلي لخلافة الرئيس محمود عباس.
وتقول المجلة الأمريكية إن الوزير الفلسطيني الشيخ بالنسبة لغالبية الفلسطينيين يمارس "العمل القذر" وهو أحد أوجه النخبة في السلطة التي تسيطر عليها كبار الشخصيات الذين يتقاضون مرتبات شهرية هائلة ويمتلكون منازل فارهة محاطة بالنخيل في أريحا، عدا عن قضاء إجازاتهم المُترفة في أوروبا، عدا عن وصولهم إلى حيفا ويافا التي يُحرم معظم الفلسطينيون من زيارتهما.
وتنقل المجلة عن المحامي غاندي الربعي برام الله قوله إن النخبة الفلسطينية هي المستفيد الحقيقي من عملية التسوية"، لافتًا إلى أن الشيخ المرشح الأقوى لخلافة عباس، رغم شعبيته المنخفضة مقارنةً بمنافسين آخرين، ويرجع الفضل في ذلك إلى علاقاته مع الإسرائيليين والأمريكيين.
وأقر الشيخ خلال المقابلة بالفجوة بين القيادة الفلسطينية والجمهور، قائلاً: "السلطة غير قادرة على توفير أفق سياسي للشعب وغير قادرة على حل مشاكلهم المالية والاقتصادية جراء الاحتلال. "ولكن ما هو البديل للسلطة الفلسطينية؟ إنها الفوضى والعنف ".
وقال الوزير الشيخ: "نتعامل مع الإسرائيليين وفق مبدأ أن تكسب تفاحةً منهم خيرٌ من حزمة مكونة من أربع تفاحات بعيدة المنال؛ فمهما كان الإنجاز صغيرًا إلا أنه مهم".
وتنقل المجلة عن مسؤول مخابرات إسرائيلي سابق يُدعى "تامار هايمان" إن حالة القيادي في فتح حسين الشيخ تشبه حالة الرئيس الأفغاني السابق حامد كرازياي الذي كان يشوبه الفساد لكنه كان الرجل المثالي لدى الأمريكان".
وتصف "فورين بوليسي" علاقة عائلة الوزير الفلسطيني مع الإسرائيليين منذ زمنٍ طويل، حيث لا زال قريبه الثريّ جميل الطريفي يحظى بعلاقاتٍ متينة مع الإسرائيليين وله يدٌ في استصدار تصاريح العمل للفلسطينيين في الكيان".
وقالت المجلة: "إن القيادي الفتحاوي الشيخ وريث عائلةٍ أتقنت التنسيق والتعاون بين السلطات الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية".
وقالت المجلة إنه في أغسطس قال العضو السابق في قيادة فتح ناصر القدوة والذي تحول إلى ناقد لعباس إن حسين الشيخ شخصٌ متسلّق ويُجيد فنّ الكذب والتحدث بالهراء ودائم الإقناع لعباس أنه الربّ من خلال تكرار عبارات الإشادة بكلام الرئيس".
وبحسب محللين نقلت عنهم المجلة أن الشيخ حظي بفرصة الصعود من عباس لأن الأخير يمنح الفرص لمستشاريه الذين لا يتحدّونه، و"سيتحوّل إلى حشرة حالما كرهه الرئيس أو غيّر موقفه منه فورًا".- بحسب القدوة.
وتقول: "في ديسمبر، سُمع الشيخ وهو يوبخ عباس ويصفه بـ"ابن 66 ......." في تسجيل تم تسريبه إلى وسائل الإعلام، واعتبرت جُرأة الشيخ مستلهمةً من علاقته بالرئيس، فيما نفى ذلك لاحقًا وقال إنها تلفيقات.
وبحسب وصف المجلة الأمريكية، فإن كلاً من عباس والشيخ يشتركان بالحل التفاوضي مع "إسرائيل" والشك في خصومهم من حركة حماس.
وتنقل عن مسؤول بارز في إدارة الرئيس الأمريكي بايدن، في اجتماع عقده عام 2017 مع مسؤولين أمريكيين، إن الوزير الشيخ صرخ بأن المضي قدما في اتفاق للمصالحة بين فتح وحماس سينتهي بتحليق صواريخ القسام فوق رأسه.
وتنقل "فورين بوليسي" عن المحلل السياسي جهاد حرب قوله إن عناصر المقاومة في نابلس أو مخيم جنين مثلاً تحظى بشعبية لا يمكن لقادة السلطة الفلسطينية مثل حسين الشيخ تخيلها، في الوقت الذي يتباهى المسؤولون الفلسطينيون ببناء "دولة فلسطين"، فإن ما هو موجود بالفعل هو قشرة رقيقة من الدولة، إنها مجرد وزارات تعمل كمنصات للمسؤولين لتوزيع المناصب المريحة، وعقود العمل المرغوبة، لذا فإن ما لدينا اليوم هو بقايا مشروع وطني".
ووفقًا للمجلة، فإن نفاق القيادة الفلسطينية التي تدعو إلى العدالة على الساحة العالمية بينما ينتشر الفساد والاستبداد في داخل مؤسساتها؛ كل ذلك من شأنه أن يضيف طبقة أخرى من الإحباط لدى الشعب.
كما تنقل عن الناشط الحقوقي مهند كراجة أن السلطة أصبحت عبئًا موازيًا كما عبء الاحتلال على الشعب الفلسطيني، من خلال قمعها للنشطاء السياسيين والمجتمع المدني، وانتشار الفساد، والمراسيم القانونية المناهضة للديمقراطية".
وكشفت المجلة أنه في أواخر 2022، وافق الشيخ على دفع إيجار لإسرائيل مقابل أراضٍ محتلة في الضفة الغربية. حيث كانت الفكرة تتمثل في إنشاء مرفق جمركي فلسطيني في ترقوميا ليمنح السلطة قدراً ضئيلاً من السيادة، عن طريق تأجير الأرض من "إسرائيل".
وقال مسؤول في مكتب الشيخ طلب عدم الكشف عن هويته خشية الانتقام: "لقد شعرتُ بالذهول - نحن نتحدث عن أرض محتلة واعتقدت أنه إذا تم تنفيذ هذه الصفقة، فإنها ستشكل سابقة خطيرة للغاية."
وعقّب الشيخ على ذلك أنه وافق على تأجير الأرض من الاحتلال بموجب اتفاقية لـ 99 عامًا، وأن ذلك لا يُعد مشكلة، لكنه قال إن الصفقة فشلت لأن "إسرائيل" رفضت السماح الخمور والسجائر اللذين تجلب وارداتهما عائدات كبيرة للسلطة الفلسطينية".
واختتمت المجلة في تقريرها استعراض قضية الفساد في منح تصاريح BMC الرفيعة وأن منحها مرتبطٌ بوجوب تقديم رشاوي لاستصدارها، مشيرةً إلى أن أحد المتقدمين لهذا النوع من التصاريح تعرض لابتزاز من هيئة الشؤون المدنية بوجوب إصلاح أنظمة التكييف وتغيير أثاث الهيئة، فيما تعرض آخرون لابتزاز بوجوب دفع 10 آلاف دولار لقاء ذلك التصريح.
ويقر الشيخ بأن العديد من الفلسطينيين لم يعودوا يعتقدون أن حكومته ستحررهم من الاحتلال الإسرائيلي، قائلاً "لقد فقد الناس الأمل بالطبع، لكنني، كمسؤول وقائد، لا أستطيع فقدانه".