web site counter

عشية التصويت على "إلغاء اختبار المعقولية"

3 سيناريوهات للأزمة السياسية في "إسرائيل"

غزة - محمود البزم – صفا

تحتدم الأزمة السياسية في "إسرائيل" مع ارتفاع حدة الاحتجاجات الرافضة للتغييرات القضائية عشية تصويت الكنيست نهائيًا على مشروع قانون "إلغاء اختبار المعقولية" الذي يحد من دور القضاء في التدخل بالقرارات الحكومية.

وشهدت الشوارع الإسرائيلية، مساء السبت، أضخم التظاهرات على الإطلاق احتجاجًا على سعي الائتلاف الحكومي إحداث تغييرات تشريعية "تحد من سلطة النظام القضائي".

وذكرت وسائل إعلام عبرية، وفق ترجمة وكالة "صفا"، أن الشارع الإسرائيلي يشهد "حالة غير مسبوقة من الغليان"، إذ تظاهر نحو 550 ألف إسرائيلي الليلة الماضية في مختلف مناطق الكيان، كان من بينهم 250 ألفًا في أكبر تظاهرة وسط "تل أبيب".

وإلى جانب الاحتجاجات تتواصل تهديدات من قطاعات واسعة في جيش الاحتلال وأجهزة الأمن الإسرائيلية بالاستنكاف عن الخدمة بفعل التغييرات القضائية.

يأتي ذلك في وقت يسعى فيه الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الحالي لتمرير قانون "إلغاء اختبار المعقولية" بالقراءة النهائية غدًا الإثنين، والذي من شأنه تهميش دور المحكمة في التدخل بالقرارات الحكومية ولاسيما تعيين الوزراء ونوابهم وغيرها.

و"اختبار المعقولية" قانون يتيح للمحكمة الإسرائيلية مراقبة ومراجعة القرارات الحكومية وإبطال مفعول بعضها في حال لم تتوافق مع الصالح العام.

وينص قانون "اختبار المعقولية" على منح السلطة القضائية الصلاحية القانونية والإدارية لرفض القرارات الحكومية سواءً فيما يتعلق بالتعيينات في السلك العام من الوزارات وغيرها أو قرارات عامة أخرى تتعارض مع الصالح العام ولا تعطي المصلحة العامة الوزن المناسب.

وفي 11 يوليو/ تموز 2023 مرر الائتلاف الحاكم قانون "إلغاء اختبار المعقولية" بالقراءة الأولى في الكنيست ليتحول إلى قانون أساسي للحكومة، بينما تم تقديم صيغة معدلة من القانون في العشرين من الشهر الحالي تنص على سحب صلاحية البت في القرارات الحكومية من المحكمة الإسرائيلية وخاصة قرارات رئيس الحكومة والوزراء، مع استثناء هيئات أقل مستوى من الحكومة من مشروع القانون.

ومشروع قانون "إلغاء اختبار المعقولية" هو الحلقة الأولى في سلسلة من التشريعات التي "تمس القضاء" ويسعى الائتلاف اليميني إلى تمريرها، ما قد يسفر عن تفجير الأوضاع السياسية في الكيان.

3 احتمالات

الباحث في الشأن الإسرائيلي صالح النعامي يشير إلى ثلاثة احتمالات بشأن مشروع القانون المذكور، الأول أن يتم التوصل إلى اتفاق بين المعارضة والحكومة لتعديل نص القانون قبل تمريره غدًا.

أما الاحتمال الثاني، وفق حديث النعامي لوكالة "صفا"، فهو تأجيل التصويت على مشروع القانون إلى دورة الكنيست في 30 يوليو/ تموز، بينما الاحتمال الثالث هو تمرير مشروع القانون غدًا ثم يصبح قانونًا رسميًا.

ويقول النعامي: "ليست هناك ثمة بوادر لوجود تقارب بين المعارضة والائتلاف" ما يشير إلى أن الأمور ذاهبة لتصاعد الأزمة.

ويرى أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو معني بالتوصل إلى تفاهم لكن شركاءه في الائتلاف لا يريدون ذلك.

ويؤكد النعامي أن "إسرائيل" تشهد حالة تفكك حقيقي واهتزاز في بعض المؤسسات ولاسيما الجيش والاقتصاد.

وحول التداعيات الناجمة عن تمرير قانون إلغاء اختبار المعقولية، يتوقع الباحث في الشأن الإسرائيلي اشتداد المظاهرات وتفشي ظاهرة رفض الخدمة العسكرية وحدوث إضراب في المرافق الاقتصادية وانخفاض قيمة العملة، وربما يفضي إلى مسارات أخرى.

ويستبعد النعامي احتمال وقوع اقتتال داخلي وحرب أهلية، مستدركا بالقول: "لكن إذا تواصلت (التغييرات القضائية) ربما يؤدي إلى احتكاكات بين أنصار المعارضة والائتلاف".

مع ذلك، يوضح أن هذا القانون ليس الأخطر بالنسبة للمعارضة، إنما الأخطر منه هو ما يسمى بـ"قانون التغلب" الذي يلغي صلاحية المحكمة العليا في التدخل بقرارات الكنيست.

ويشير النعامي إلى أن "قانون التغلب" يمنح الكنيست القدرة على سنّ القوانين التي يريدها دون تدخل المحكمة العليا.

وصادق "الكنيست" في مارس/ آذار الماضي بقراءة أولى على مشروع "قانون التغلب" وهو بحاجة لقراءتين أخريين لكي يصبح قانونًا رسميًا.

احتدام الصراع

من جهته، يتوقع المختص في الشأن الإسرائيلي سعيد بشارات أن يتم إقرار مشروع قانون إلغاء المعقولية.

ويقول بشارات لوكالة "صفا": "هذا الإقرار سيزيد حدة الصراع السياسي داخل دولة الاحتلال وتطوره بشكل أكبر سواء من ناحية الاحتدام السياسي العادي أو تصاعد المظاهرات في داخل الكيان وربما يؤدي إلى القطيعة مع الولايات المتحدة".

ويوضح أن هناك كتلتين كبيرتين في الكيان وكل كتلة تسيطر على شيء؛ فنتنياهو يسيطر على الحكومة ويريد أن يمرر قوانين كونه يستطيع ذلك بتركيبة ائتلافه المكونة من 64 مقعدا (من أصل 120).

ويضيف "في المقابل فإن اليسار مصرّ على الحفاظ على إرثه ومؤسساته التي بناها طوال إقامة هذا الكيان ولن يسمح لنتنياهو بالعبث فيه".

وعلى الرغم من أن المؤشرات ذاهبة لتمرير مشروع قانون إلغاء المعقولية إلا أن بشارات يرجح الطعن فيه أمام المحكمة العليا وإبطاله.

ويتابع "سيبقي الوضع يدور في هذه الحلقة المفرغة إلى أن تتطور الأمور إلى درجات اصطدام أكبر".

لكن بشارات يستبعد حدوث اصطدام دموي أو حرب أهلية.

ويبين أن "قانون المعقولية" ليس الأخطر إنما هناك تشريعات أخرى مثل تعديل مشروع قانون الأحكام (رقم 3)، الذي يهدف إلى منح الحكومة صلاحية تعيين قضاة المحكمة العليا.

ويضيف بشارات "يوجد أيضًا قانون التغلب على المحكمة العليا، وهناك قوانين أخرى مثل قانون الصهيونية وأمور تتعلق بالفلسطينيين والضفة الغربية".

ويوضح أن "هذا أول قانون من سلسلة القوانين الرئيسية التي ستقدم إلى الكنيست قبل تشكيل لجنة اختيار القضاة وقانون التغلب وهما أخطر من هذا القانون".

أ ج/م ز

/ تعليق عبر الفيس بوك