أعلن آلاف جنود الاحتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال الأيام الأخيرة عن استنكافهم عن الخدمة العسكرية مع اقتراب الائتلاف الحكومي من تمرير مشروع قانون "اختبار المعقولية" الذي يحد من دور القضاء في التدخل بالقرارات الحكومية.
و"اختبار المعقولية" قانون يتيح للمحكمة الإسرائيلية مراقبة ومراجعة القرارات الحكومية وإبطال مفعول بعضها في حال لم تتوافق مع الصالح العام.
وينص قانون "اختبار المعقولية" على منح السلطة القضائية الصلاحية القانونية والإدارية لرفض القرارات الحكومية سواءً فيما يتعلق بالتعيينات في السلك العام من الوزارات وغيرها أو قرارات عامة أخرى تتعارض مع الصالح العام ولا تعطي المصلحة العامة الوزن المناسب.
ويسعى الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الحالي لتمرير قانون "إلغاء اختبار المعقولية" بالقراءة النهائية غدًا، والذي من شأنه تهميش دور المحكمة في التدخل بالقرارات الحكومية ولاسيما تعيين الوزراء ونوابهم وغيرها.
وجاء أصل التشريع من القضاء البريطاني، إذ يعطي القانون صلاحية واسعة للمحاكم من أجل التدخل في التعيينات الحكومية وغيرها من القرارات التي يُعتقد أنها تمس بالحقوق الفردية المحمية.
أما على صعيد القضاء الإسرائيلي؛ فاستخدم القانون البريطاني من حقبة الانتداب وتطور على مدار السنوات ليصبح من أقوى طرق إبطال صلاحية قرارات حكومية تتعارض مع الصالح العام وخاصة تعيين شخصيات متهمة بأفعال جنائية في السلك العام.
وفي 11 يوليو/ تموز 2023 مرر الائتلاف الحاكم قانون "إلغاء اختبار المعقولية" بالقراءة الأولى في الكنيست ليتحول إلى قانون أساسي للحكومة، بينما تم تقديم صيغة معدلة من القانون في العشرين من الشهر الحالي تنص على سحب صلاحية البت في القرارات الحكومية من المحكمة الإسرائيلية وخاصة قرارات رئيس الحكومة والوزراء، مع استثناء هيئات أقل مستوى من الحكومة من مشروع القانون.
وفي السابق، استُخدام قانون "اختبار المعقولية" في رفض تعيين وزراء ومسؤولين أمنيين، بينهم مسؤول الشاباك الأسبق "يوسي غينوسار"، الذي رُفض قرار تعيينه مديرًا عامًا لوزارة البناء والإسكان عام 1993، بعد اتهامه بقضية إعدام منفذي عملية الحافلة "300"، إذ ادعى مقدمو الالتماس أن تعيينه "سيزعزع ثقة الجمهور بالسلطة الحاكمة".
وفي نفس العام، أصدرت المحكمة العليا قرارًا ببطلان تعيين "آريه درعي" وزيرًا في حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق اسحق رابين بعد أن قُدمت بحقه لائحة اتهام.
وشهدت الشوارع الإسرائيلية، مساء السبت، أضخم التظاهرات على الإطلاق احتجاجًا على سعي الائتلاف الحكومي إحداث تغييرات تشريعية "تحد من سلطة النظام القضائي".
وذكرت وسائل إعلام عبرية، وفق ترجمة وكالة "صفا"، أن الشارع الإسرائيلي يشهد "حالة غير مسبوقة من الغليان"، إذ تظاهر نحو 550 ألف إسرائيلي الليلة الماضية في مختلف مناطق الكيان، كان من بينهم 250 ألفًا في أكبر تظاهرة وسط "تل أبيب".
وتستمر الاحتجاجات الضخمة التي وصفت على أنها "الأكبر في تاريخ إسرائيل" ضد حكومة بنيامين نتنياهو، وما تسعى لتمريره من قوانين وتغييرات قضائية غير مسبوقة، والتي دخلت الأسبوع الـ29، بحيث سجّلت "ليلة تاريخية" من الاحتجاجات شارك فيها أكثر من 550 ألف متظاهر من مختلف أنحاء البلاد، من مفرق "جوما" شمالًا وحتى إيلات جنوبًا.
وأفادت تقارير صحفية بأنّ المتظاهرين ضد التغييرات القضائية في القدس نشروا الخيام استعدادًا للبقاء عدة أيام أمام مبنى الكنيست.
وحذر العديد من رجال السياسة والمسؤولين الكبار من الأوضاع التي تعيشها "إسرائيل"، معتبرين أنّ "استمرار الحال على ما هو وعدم تراجع نتنياهو وحكومته عن خطة التعديل القضائي تنذر بكارثة حقيقية".
وتفاقمت الاحتجاجات أيضًا داخل الجيش، إذ حذرت أصوات من "ضرر حقيقي على كفاءة الجيش خلال 48 ساعة إذا مررت التعديلات القضائية"، وذلك بعد أن أعلنت منظمة الاحتجاج ضد الثورة القانونية "إخوان في السلاح" في مؤتمر صحفي خاص عن 10 آلاف جندي احتياط آخرين سيتوقفون عن التطوع إذا لم يتم تمرير التشريع القضائي الجديد، وقالوا للحكومة "مسؤولية تدمير إسرائيل تقع على عاتقكم".