في إطار مساعيها المحمومة لفرض كامل الطقوس التوراتية في المسجد الأقصى المبارك؛ تُصعد "جماعات الهيكل" المزعوم من اعتداءاتها ومخططاتها بحق المسجد، سواءً عبر الاقتحامات أو أداء الصلوات التلمودية الجماعية العلنية، أو مطالبتها بتقسيمه زمانيًا ومكانيًا، وفتحه أمام اليهود.
ونشرت "جماعات الهيكل" مقطعًا مصورًا يُوثق أداء مستوطنين الأحد الماضي، ما يسمى بطقوس "بركات الكهنة" قرب باب الرحمة.
وطوال السنوات الماضية؛ لم يجرؤ هؤلاء على أداء طقسهم التوراتي داخل المسجد المبارك، لكنهم باتوا يُكررونه بشكل دوري، تحت مرأى شرطة الاحتلال.
و"بركات الكهنة" طقس يختص في الأصل بطبقة "كهنة الهيكل" بحسب الرؤية التوراتية، و"يؤدى برفع الأيدي المبسوطة مع قراءة مقاطع من التوراة ليمنح بها الكاهن البركة الموعودة على لسان النبي هارون للمصلين اليهود".
ومنذ صيف 2019، باتت "جماعات الهيكل" تعتبر "التأسيس المعنوي للهيكل" المزعوم هدفها المرحلي الذي تسعى إلى فرضه في المسجد الأقصى، إلى جانب التقسيم الزماني والمكاني، وتعمل على توظيف الأعياد اليهودية في سبيل ذلك.
وفي العام الماضي أدى مستوطنون تابعون لمدرسة "جبل الهيكل" التوراتية طقوس "بركات الكهنة" بشكل جماعي وعلني مقابل البائكة الشرقية داخل المسجد الأقصى، وذلك لأول مرة.
أطماع إسرائيلية
خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري يقول إن اقتحامات المستوطنين للمسجد وأدائهم صلوات تلمودية علنية في باحاته تؤكد على أطماع سلطات الاحتلال في المسجد، ومحاولتها تغيير الواقع القائم فيه من خلال فرض هذه الطقوس.
ويوضح صبري، في حديث لوكالة "صفا"، أن هذه الإجراءات والاعتداءات تُشكل استفزازًا لمشاعر المسلمين حول العالم، وتُؤدي إلى حدوث صدام وتوتر مع المصلين الفلسطينيين.
ويضيف أن ما يجري في الأقصى يُؤكد أن المسؤولية لا تقع فقط على الجماعات اليهودية المتطرفة، بل على حكومة الاحتلال اليمينية التي توفر الحماية لهذه الجماعات وتُشجعها وتُقدم لها كل أشكال الدعم في سبيل تحقيق أطماعها بالمسجد.
وينبه إلى أن الخطورة على المسجد الأقصى ما تزال قائمة، نظرًا لأن الموقف الرسمي الإسرائيلي يُؤيد ويُشجع اقتحامات المستوطنين وصلواتهم فيه.
ويتعرض الأقصى- كما يؤكد الشيخ صبري- لمخططات عدوانية تستهدفه من أجل وضع اليد، وفرض "السيادة الإسرائيلية" الكاملة عليه، لكن هذا الهدف بعيد ولن يتحقق، لأن الاعتداء على المسجد المبارك لن يكسبهم أي حق فيه.
ويحذر خطيب الأقصى، من خطورة تلك المخططات التهويدية، داعيًا الفلسطينيين إلى تكثيف شد الرحال والرباط في باحات الأقصى، للتصدي لاقتحامات المتطرفين.
وعلى المستوى العربي والإسلامي، يقول: إن "المسؤولية واجبة عليهم جميعًا، في ظل الأخطار المحدقة بالأقصى، ويجب التحرك العاجل والسريع لإنقاذه، لأن الأقصى ليس للفلسطينيين وحدهم، بل لجميع المسلمين في العالم".
خطوة خطيرة
وأما المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب فيؤكد أن حكومة الاحتلال تدفع بهؤلاء المتطرفين للواجهة من أجل فرض وقائع تهويدية على المسجد الأقصى، والتدرج في تهويده، وصولًا لبناء "الهيكل" المزعوم.
ويوضح أبو دياب، في حديثه لوكالة "صفا"، أن طقوس "بركة الكهنة" وأداء المستوطنين للصلوات التلمودية في باحاته، ربما تكون الخطوة التي تسبق فرض التقسيم المكاني في الأقصى.
ويضيف أن فرض الصلوات التلمودية تشكل تصعيدًا خطيرًا، واعتداءً صارخًا على حرمة المسجد الأقصى، وكأن "المسجد أصبح مكانًا مقدسًا لليهود وليس للمسلمين وحدهم".
ووفقًا لأبو دياب، فإن هذه الخطوة بمثابة تتويج لكل الإجراءات الاحتلالية السابقة، والتي كان آخرها منع لجنة الإعمار التابعة لدائرة الأوقاف الإسلامية من القيام بأعمال الترميم والصيانة في الأقصى.
ويحذر الباحث المقدسي من أن هذه الخطوة تُمهد لأداء طقوس توراتية أخرى داخل الأقصى، مثل تقديم القرابين، أو محاولة تحويله إلى كنيس ومكان عبادة خاص باليهود".
وكانت منظمة "بيدينو" الشبابية المتطرفة التابعة لـ"جماعات الهيكل" وجهت عدة رسائل لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير تطالب فيها بإنهاء سياسة إغلاق الأقصى في وجه الاقتحامات خلال المناسبات والأعياد الإسلامية، وضرورة إغلاقه في وجه المسلمين خلال الأعياد والمناسبات اليهودية.