في منطقة تقع بين قريتي "أم ليسون" وجبل المكبر جنوب القدس المحتلة، يدفع ما يسمى بـ"حارس الأملاك" العام في وزارة القضاء الإسرائيلية بمخطط لبناء مستوطنة جديدة بقلب المدينة ستؤدي لتقسيمها وفصلها عن محيطها.
ويشمل المخطط الجديد، الذي قدّمته شركة مقاولات يُديرها ناشط متطرف، بناء 450 وحدة استيطانية على أراضي فلسطينية تبلغ مساحتها 12 دونمًا.
ويأتي ذلك ضمن مخططات أقرتها بلدية الاحتلال، بما فيها خطة لبناء 15 مبنىً جديدًا من 12- 35 طابقًا ستشمل 1325 وحدة في مستوطنة "جيلو" جنوب القدس على مساحة 80 دونمًا، بالإضافة إلى بناء ثلاثة أبراج كل منها من 22 طابقًا في مستوطنة "بسغات زئيف" شمالي المدينة.
وحسب صحيفة "هآرتس" العبرية، فإن شركة المقاولات "طوفوديا" اشترت أراض بالمنطقة التي يتم التخطيط لإقامة المستوطنة فيها، وأن باقي الأراضي مسجلة بملكية يهودية تعود لما قبل عام 1948، وتدعي الشركة أنها اشترت 80% من أراضي المنطقة.
وأشارت إلى أن "وحدة حارس الأملاك العام"، المسؤولة عن أملاك يهود قبل عام 1948، تحولت في السنوات الأخيرة إلى إحدى الهيئات التي تعمل من أجل إقامة مستوطنات في إطار مخطط الاحتلال لتهويد القدس.
وفي إطار خطة خماسية للقدس، ادعت سلطات الاحتلال سابقًا، تخصيص المنطقة لبناء فلسطيني، إلا أن جمعية "عير عميم" اليسارية أكدت أنه منذ بداية الإجراءات في هذه المنطقة، ركز "موظف التسويات بوزارة القضاء" على مناطق يُزعم أنه تتواجد فيها "أراض بملكية يهودية"، وأن هذا الموظف تحول لأداة بأيدٍ منظمات استيطانية.
قطع التواصل
الباحث المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب يقول إن بلدية الاحتلال أقرت مؤخرًا عدة مخططات استيطانية في القدس، كان آخرها بناء مستوطنة جديدة في قلب المدينة، وخاصة في منطقة تقع بين أم ليسون وجبل المكبر وصور باهر.
ويوضح أبو دياب، في حديث لوكالة "صفا"، أن المستوطنة ستقام على أرض فارغة يمنع الاحتلال أصحابها من استعمالها، وتدعي جمعيات استيطانية أن ملكيتها تعود لليهود قبل عام 1948.
ويشير إلى أن عدم امتلاك المقدسيين أي وثائق تُثبت ملكيتهم لهذه الأراضي أو عدم تسجيلها يُسهل دائمًا السيطرة عليها، وتحويلها لأغراض استيطانية وتهويدية.
ويبين أن المستوطنة الجديدة ستقع في منتصف الأحياء العربية المقدسية، ما يعني قطع تواصلها مع بقية الأحياء والبلدات الأخرى، وخنقها بالاستيطان والمستوطنين، وتحويلها إلى ثكنة عسكرية، بفعل ما ستشهده من تواجد إسرائيلي لحماية هذه المستوطنة.
وتستهدف بلدية الاحتلال الأراضي المقدسية- كما يضيف أبو دياب- بُغية عدم انتفاع أصحابها منها، وتمددها وتطورها عمرانيًا وجغرافيًا، ضمن مخطط ممنهج لتقليص عدد الفلسطينيين في المدينة المحتلة، مقابل زيادة عدد المستوطنين.
والمستوطنة المزمع إقامتها تقع قرب مستوطنة "هار حوما- جبل أبو غنيم" جنوب القدس، بحيث سيتم توسيعها مستقبلًا لربطها بالجبل، وغيرها من المستوطنات الواقعة جنوبي المدينة، ضمن مسار "الطريق الأمريكي" في جبل المكبر.
ويشير الباحث المقدسي إلى أن الاحتلال أنجز ما نسبته 70% من مخطط "الطريق الأمريكي"، لأجل تسهيل وصول المستوطنين للقدس، ولربط مستوطنات جنوب المدينة مع تجمع "معاليه أدوميم" شرقًا.
ويلفت إلى أن سلطات الاحتلال تعمل على تهيئة البنية التحتية في المنطقة المستهدفة، على حساب تغيير التركيبة السكانية في المدينة، لصالح المستوطنين.
ويتهدد أكثر من 2000 منشأة سكنية وتجارية في جبل المكبر الهدم القسري إما بحجة عدم الترخيص أو لتوسعة الطريق المذكور.
حسم القضية
ووفقًا لأبو دياب فإن المخطط الذي من المقرر أن تنظر فيه ما تسمى "اللجنة المحلية للتخطيط والبناء" الأسبوع المقبل، يضم بناء 450 وحدة استيطانية مع مرافق عامة، وسيتم إغلاق وإحاطة المستوطنة بجدار، ووصلها بالطريق الاستيطاني.
ويوضح أن هناك مخطط لإقامة مزيد من الوحدات الاستيطانية في المنطقة، بهدف ربطها مع مستوطنة "جبل أبو غنيم" ومستوطنات أخرى جنوبي القدس.
ويؤكد أن حكومة الاحتلال المتطرفة تعمل حثيثًا على حسم قضية القدس، من خلال تعزيز الاستيطان وتكثيفه، وزيادة عدد المستوطنين بالمدينة، على حساب تهجير المقدسيين وتقليل عددهم.
وبادر "حارس الأملاك العام" الإسرائيلي إلى مخططات إقامة عدة مستوطنات بالقدس، بهدف تهجير فلسطينيين من منازلهم، فيما يجري التخطيط حاليًا لإقامة مستوطنات قرب قرية صور باهر وحي الشيخ جراح.
وقال الباحث أفيف تتارسكي من جمعية "عير عميم": إن "هذه المرة الثالثة خلال أقل من سنتين التي يستغل فيها حارس الأملاك العام تفويضه المؤقت من أجل إقامة مستوطنة داخل حي فلسطيني، والتعاون بينه وعناصر المستوطنين تجاوز خطوطًا حمراء بارزة هذه المرة".
وأضاف أن "أهالي أم ليسون يُعانون من نقص بالمساكن والمباني العامة الضرورية، وبدلًا من أن تدفع تسوية الأراضي حلًا لهذه الضائقة، يتم استغلالها مرة أخرى برعاية حارس الأملاك لإقامة مستوطنة لتشكل تهديدًا هائلا على سلامة الفلسطينيين".