web site counter

أمهات شهداء في جنين يروين لـ"صفا" اللحظات الأخيرة مع أبنائهن

جنين - خاص صفا

شبان في مقتبل العمر ودّعوا طفولتهم قريبًا، لكنهم رفضوا استباحة جيش الاحتلال حاراتهم وأزقة مخيمهم، ولبوا نداء الوطن حتى حرّموا أرض جنين على آلة القتل والإرهاب الإسرائيلية.

وتروي بعض أمهات 12 فتى وشابًا استشهدوا على أرض جنين خلال العدوان الإسرائيلي الأخير، لوكالة "صفا" اللحظات الأخيرة مع أبنائهن الذين أفشلوا عملية لجيش الاحتلال استمرت 48 ساعة، وانتهت بانسحاب إسرائيلي حصد "خفي حنين".

"ساقي العطشى ومطبب الجرحى"

لم يكن منخرطًا في المقاومة، لكنه بحسه الوطني أبى أن يقف متفرجًا، إنه الشهيد حسام أحمد أبو ذيب من مخيم جنين، والذي كان "ذراعًا للمسعفين في نقل الجرحى، وساقي العطشى منهم"، وفق والدته.

وبدت والدة الشهيد ذيب، الذي يعمل في المستشفى الحكومي، رابطة الجأش بين النسوة في بيت العزاء، رغم احمرار عينيها من شدة البكاء.

وتقول لمراسل وكالة "صفا" عن ساعات نجلها الأخيرة: "بعد يوم طويل من عمله ليلًا، خلد إلى النوم وطلب إيقاظه بعد بضع ساعات، فقلت له: لكن عملك لا يبدأ عند الساعة السادسة؛ فأجاب: أريد الذهاب للمستشفى حتى أساعد المسعفين".

وتضيف "خرج بعدها من المنزل وهو يقول لي: يما سامحيني، وما تزعلي إذا استشهدت، وعند الساعة الثالثة بعد الظهر، جاء خبر استشهاده".

وتردف والدته "الحمد لله، اللهم اجعلنا من الصابرين يا رب الحمد لله".

وفي تفاصل الشهادة، يقول عمه محمود أبو ذيب: "خرج على دراجته النارية ليقدم المساعدة لمن يحتاجها، ومعه كمٌّ وافرٌ من زجاجات المياه الصحية، ينقلها للمواطنين في بيوتهم، عقب انقطاع المياه عن المخيم".

ويضيف "حينها باغتته رصاصات قناص إسرائيلي في صدره ورجله؛ فاستشهد".

وعن مناقبه تقول والدتُه: "كان يحب الشهادة، طلبها ونالها، كان محبوبًا ومرحًا، ويشعر بقرب الأجل".

وتشير إلى أنه قبل استشهاده بيوم جاءت جدته وعمته لزيارتهم، "فقبّل جدته وسلم علينا جميعًا وكأنه يودعنا، ولاعب وصور ابن عمته الصغير، وكان مرحًا بشوشًا مع الجميع".

"ارضِ عني لتستعجل الشهادة"

أما إيمان أبو الرب فتتحدث عن نجلها الشهيد سميح فراس أبو الوفا (20 عامًا: وتقول: "كان ملتزمًا بالصلاة محبًا لبلده، ويقول دائمًا: أنا لَربنا".

وتضيف لمراسل وكالة "صفا"، "كان يتمنى الشهادة، ويُلح عليّ بطلب الرضى، ويقول: أُمي ارضِ عني".

وتروي أنه في آخر يوم قال لها: "أمي إرضي عني، فقلت له لمَ؟ فقال: حتى أستعجل الشهادة، فقلت له: لا أدري هل أرضَ عنك أم لا، ماذا أقول لك يا سميح؟! الله يرضى عليك.. الله يرضى عليك".

أما عن حادثة استشهاده، فتقول الوالدة وهي تمسح دمعاتها: "اتصلت به قبل الاجتياح بقليل وقلت له عُد إلى البيت يا سميح، هناك حديث عن اجتياح للمخيم، فقال لي: حسنًا، الآن سأعود للبيت، فطلبت منه أن يطمئن والده عن نفسه، ففعل".

وتضيف والدته: "ما هي إلا دقائق، حتى جاء أول قصف على المخيم؛ فانتفض والده وقال لي: لقد استشهد سميح، قلت له من قال لك، قال إحساسي، فخرج مسرعًا من البيت، وما هي إلا لحظات حتى كانت مواقع التواصل الاجتماعي تمتلئُ بصوره شهيدًا"

ابني بطل

أما والدة الشهيد أحمد محمد عامر (٢١ عامًا) من مخيم جنين فتقول: "كان أحمد شابًا خلوقًا طيبًا حنونًا خدومًا يحب الناس ويحب مساعدتهم".

وعن آخر موقف بينهما، تقول: "في آخر مكالمة قال لي أنا قريب من المنزل، لأتفاجأ أنه منخرط بالمقاومة، وبعد ساعات عاودت الاتصال به إلا أنه لم يرد".

وتضيف بحزن شديد "بعدها أبلغوني أنه ارتقى شهيدًا برصاص الاحتلال، وبصعوبة بالغة استطعت الوصول للجثمان ووداعه".

وتتابع بفخر "الحمد لله ابني أحمد شهيد.. إنه بطل في المقاومة، استشهد ونال الشهادة، نحتسبه عند الله شهيدًا، ونسأل الله أن يمنحنا الصبر والأجر".

وعن اجتياح المخيم تقول: "كانت أيامًا صعبة جدًا قصف على المنازل، حرب بكل ما تعني الكلمة"، وتُعلّق: "أسأل الله ألا يذيقها لأحد".

ويرى محمود عم الشهيد سميح أبو ذيب أن استهداف الاحتلال للمدنيين، عمل بربري لا يَمُتُّ للبشرية، ويقول: "ابن أخي حسام يبلغ من العمر 18 عامًا ولم يرَ في حياته شيئًا، ما زال في أول عمره، ولم يكن يحمل السلاح".

ويضيف "لكن الاحتلال معروفةٌ أهدافه، أراد الانتقام من كل شيء يتحرك، وأهدافه هم المدنيين، بعدما فشل في النيل من المقاومين".

وانسحبت آليات جيش الاحتلال من مدينة جنين ومخيمها في ساعة متأخرة من يوم الثلاثاء 4 يوليو/ تموز بعد 48 ساعة من عدوان عسكري واسع، سطّرت فيه المقاومة ملحمة بطولية.

وخلّف العدوان الإسرائيلي 12 شهيدًا، أغلبهم من المدنيين، وأكثر من ١٢٠ جريحًا، بينهم نحو ٢٠ بجروح خطيرة، فيما أوقعت المقاومة قتيلًا في صفوف قوات الاحتلال، وفجّرت عددًا من آلياته العسكرية، وأفشلت أهدافه.

أ ج/ط أ

/ تعليق عبر الفيس بوك