يبدو أن الحرب الإسرائيلية على فلسطينيي أراضي الـ48 المحتلة، قد وصلت إلى أشدها، باستهدافها لأكبر جسم يمثلهم، وهو لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل.
وتسعى الحكومة الإسرائيلية لحظر لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، وقد بدت مساعيها واضحة جلية في عدة خطوات، لن يكون آخرها تقديم مقترح قانون في الكنيست الإسرائيلي، يقضي بحظرها.
ويُذكّر ما يجري، بحقبة حظر الحركة الإسلامية الشمالية في الداخل عام 2015 والتي يرأسها شيخ الأقصى رائد صلاح، وهو الشخصية الأكثر وزنًا وتأثيرًا وشعبية وسط فلسطينيي الداخل، وإلى اليوم.
ولذات السبب الذي حُظرت به الحركة الإسلامية، تتجه "إسرائيل" لحظر لجنة المتابعة العليا، متخطية حدودها في محاولات النيل من هذه الفئة من أبناء الشعب الفلسطيني، باقتحام أعتاب أعلى هرم سياسي لهم.
وأصدرت حكومة الاحتلال في 17 نوفمبر 2015، قرارًا بحظر الحركة الإسلامية "الجناح الشمالي" داخل أراضي 48، واستدعت قياداتها للتحقيق، وأغلقت عشرات المؤسسات التي تتبعها، بحجة "أنها تقف خلف الاحتجاجات في المسجد الأقصى المبارك".
واليوم، يقدم النائب في الكنيست الإسرائيلي عن حزب الليكود "عميت هليفي"، طلبًا للكنيست لحظر لجنة المتابعة، طارحًا تفاصيل عن اللجنة، لتدعم الكنيست طلبه، منها زعمه أنها تدعم "الإرهاب"، حسب المنظور الإسرائيلي.
كما زعم النائب المتطرف في القانون المقترح، بأن اللجنة ورئيسها محمد بركة، حرضت على "هبة الكرامة"، التي اندلعت في أيار/ مايو عام 2021، تنديدًا بالعدوان على المسجد الأقصى وأهالي الشيخ جراح، والحرب على غزة، بالإضافة لاعتداءات المستوطنين على ممتلكات الفلسطينيين بالداخل.
حرب شعواء
ويعكس ما يجري، اشتعال الحرب الشعواء التي تشنها الحكومة الإسرائيلية الحالية على فلسطينيي الداخل، حسبما يصفه رئيس لجنة الحريات في لجنة المتابعة العليا، ونائب رئيس الحركة الإسلامية الشمالية، الشيخ كمال الخطيب.
ويقول الخطيب في حديث لوكالة "صفا": "إن إسرائيل تعلن حربًا شعواء على فلسطينيي الداخل، سواء من خلال الإعلان الوقح والسعي لحظر لجنة المتابعة، ومن خلال ما يجري في النقب، والاستيطان الذي بدأ الآن في الجليل، دون تردد.
ويضيف "أو سواء من خلال المخطط الخبيث بزرع الجريمة في الوسط الفلسطيني بالداخل، ومرورًا بالإعلان عما يُسمى الحرس العربي، كجسم أمني لضرب فلسطينيي الداخل".
"وهذا التوجه الجديد في الرغبة لدى الحكومة الإسرائيلية نحو حظر لجنة المتابعة، يندرج أيضًا يجتمع، في أنه يندرج ضمن إعلان حرب على الداخل، يقوده بنيامين نتنياهو بشحمه ولحمه، وليس المتطرف إيتمار بن غفير، كما يتم الترويج، لأن كل المخططات تحت يديه، وهو صاحب القرار"، يكمل الخطيب.
ويرى "أن أصدق وصف للحكومة الإسرائيلية الحالية، هو ما جاء على لسان الرئيس الأمريكي جو بايدن أمس، بأن هذه الحكومة لم يسبق لها مثيل، وإن كان تصريحه ينطبق عليه المثل القائل: صدق وهو كذوب، فهو صادق فيما يقول، لكنه كاذب في سياسته تجاه هذه الحكومة".
إمكانية اتخاذ قرار الحظر
ومن وجهة نظر الخطيب، فإن الحرب على فلسطينيي الداخل، لا تنفصل عما يجري من حرب على الشعب الفلسطيني، سواء باستباحة المسجد الأقصى والمقدسات، ومصادرة الأراضي، ومحاصرة غزة والعدوان عليها.
وعما إذا كانت مساعي الاحتلال ستفضي لحظر لجنة المتابعة، يجيب الخطيب: "لا يمكن الرهان على توجه هذه الحكومة، لذلك يمكن أن يكون الجواب نعم، وما يصدر من تصريحات وخطوات، قد يُترجم لأفعال على الواقع".
ويستدرك "لكن كل هذا مرتبط بما يجري في إسرائيل من صراع داخلي، لأن الجهات الأخرى في إسرائيل، تعلم جيدًا أن حظر لجنة المتابعة العليا، خطر يعني انفلات الحالة السياسية والاجتماعية في إسرائيل".
ويضيف "سيعتبر الآخرين في الجانب الإسرائيلي، أن حظر لجنة المتابعة، مزيد من التغول والتفكك داخل المجتمع اليهودي نفسه من جهة، وبين الفلسطينيين واليهود بالداخل من جهة أخرى".
ترهيب وردع
من جانبه، يقول عضو التجمع الوطني الديمقراطي الداخل -وهو أكبر الأجسام التي تمثل الفلسطينيين-، امطانس شحادة: "إن ما يجري من استهداف للجنة المتابعة، يأتي في سياق الملاحقة السياسية والقمع لفلسطينيي الداخل".
ويضيف لوكالة "صفا" أن "إسرائيل" تحاول استهداف عمل الفلسطينيين الجماعي بالداخل، والتنسيق بينهم، وهو ما لا تريده، ويشكل خطرًا على أمنها.
ويرى أن التوجه نحو حظر لجنة المتابعة "هو ترهيب وردع للجنة وقياداتها، تريده إسرائيل، بسبب دورها تجاه القضية الفلسطينية والجماهير في الداخل، ووقوفها ضد سياسة الحكومة الإسرائيلية، ومواقفها الوطنية تجاه قضايا الفلسطينيين بالداخل".
ويحذر من نية الاحتلال بألا "يُبقي أي جسم يمثل الفلسطينيين بالداخل، وتشتيتهم، خاصة وأنه سبق وأن حظر الحركة الإسلامية، ولاحق التجمع الوطني الديمقراطي وقياداتهما".
وعن توقعاته بإمكانية تمرير قرار حظر لجنة المتابعة يجزم بالقول "إن هذه الحكومة مجنونة، وحتى لو استبعدنا ذلك، لكن كل شيء متوقع منها".