وصلت حكومة الاحتلال الإسرائيلي لمستوى غير مسبوق من العنصرية ومخططات التهجير القسري ضد الفلسطينيين في أراضي الـ48 المحتلة، بمناقشة جدية لـ "قطع الماء والكهرباء"، كخطوة تجاه المنازل التي تصنفها بأنها "غير مرخصة".
وبالرغم من أن هذا المقتضى يبدو للوهلة الأولى خارجًا عن حدود المنطق ومتخطيًا لكل مبادئ الإنسانية وحقوقها؛ إلا أن تلك الحكومة بدأت بمناقشته فعليًا، وعقد جلسات على مستوى الائتلاف لبحثه كما لو أنها "قضية قومية".
وتسعى حكومة الاحتلال لتمرير القانون، ضمن عدد من التعديلات لقوانين التخطيط والبناء في أراضي الـ48، بحيث تتضمن "منح صلاحيات للوحدة القُطرية لتطبيق قانون البناء والتخطيط، بقطع الماء أو الكهرباء عن المباني غير المرخصة".
وتُطلق سلطات الاحتلال على التعديل الجديد "قطع الماء والكهرباء" اسم "أدوات إدارية تجاه أوامر الهدم للمباني غير المرخصة".
ويستهدف القانون المناقش، كافة البلدات الفلسطينية في الداخل، وعلى رأسها النقب والمثلث والجليل، ما يعني أنها لا تستثني منطقة بعينها.
أهدافه
ويقول رئيس المجلس الإقليمي للقرى مسلوبة الاعتراف في النقب عطية الأعسم، لوكالة "صفا": "إن مناقشة ذلك الأمر على أنه بند قانوني، أو تعديل في قانون التخطيط والبناء، هو انعكاس للعنصرية المتقدمة وغير المسبوقة تجاه الفلسطينيين".
ويؤكد أن أبعاد هذا البند غير القانوني، لا علاقة لها بتنظيم البناء والتخطيط، وهي تستهدف قرى ومدن الفلسطينيين في مختلف أنحاء أراضي الـ48، خصوصًا النقب ومنطقة الشمال.
وأضاف: فأهدافه واضحة، عديدة أولها من أجل هدم المنازل بالوصول إلى هذه المرحلة، ومن قبلها التضييق على الفلسطينيين وملاحقتهم، لدفعهم للهجرة، ضمن مخططات تهجير قسرية موضوعة.
وحسب مسئول المجلس الإقليمي، فإن الوصول إلى هذه المرحلة من العنصرية، سبقتها خطوات أخرى ومخططات سابقة، بدأت بعدم المصادقة على توسيع مسطحات القرى والبلدات التي يسكنها الفلسطينيون، ومنع منحهم تراخيص البناء.
ويكمل قائلاً: "كما بدأت برفض منح الأراضي لهؤلاء ليتوسعوا في ظل ضائقة سكنية خانقة منذ سنوات، في مقابل منح اليهود كل الصلاحيات، ليستوطنوا في أي أرض، ويقيموا مدينة أو قرية، كل يوم يريدون ذلك".
الدفع نحو الهجرة
ويحذر من أن القانون "البعيد كل البعد عن القانون ومبادئ الإنسانية وحقوق الإنسان، تريد سلطات الاحتلال من خلاله الوصول بطريقة أخرى إلى مصادرة الأراضي في النقب والمثلث".
كما يقول: "بالطبع الماء والكهرباء أدنى مقوم لحياة البشر، وهم تجرأوا اليوم لوضعه ضمن مخططات التهجير، لدفع الناس نحو الهجرة من قراهم، التي يُمارس ضدها مخططات عديدة في هذا الاتجاه، منذ سنوات".
ولا يستبعد الأعسم تطبيق التعديل الجديد، قائلًا: "هو في مرحلة البحث، لكننا لا نستبعد تطبيقه، لأننا نعرف مسعاهم، وهو التضييق للدفع نحو الهجرة".
ويقترح القانون العنصري "تعديلات في سيرورة جباية تكاليف الهدم، على أن تتم جباية الأموال، من خلال سلطة التنفيذ والجباية وبموجب قانون الضرائب، وليس من خلال المحكمة كما يتم الآن".
ويقلل التعديل الجديد من إمكانيات الفلسطينيين الاعتراض على المبالغ الباهظة التي تطالب بها سلطات الاحتلال جراء إجراءات الهدم.
أدوات للنيل منهم
ويصف مركز "عدالة" لحقوق الأقلية العربية في الداخل، وجمعية حقوق المواطن القانون الإسرائيلي بأنه "إجراء عقابي جائر".
وجاء في بيان مشترك لهما "أن تقوم ما تسمى سلطة إنفاذ القانون في دائرة أراضي إسرائيل باتخاذ قرارٍ مماثل، ضمن صلاحيات اللجنة المحلية للتنظيم والبناء".
ويعتبران أن توسيع استعمال قطع الماء والكهرباء، ضمن ما تسمى بالأدوات الإدارية، يشكل مسًا بحقوق المواطنين في الإجراء العادل وهو تعميق للأذى الذي تسبب به قانون "كيمنتس".
ويؤكد المركز والجمعية، أن الوضع التخطيطي المتردي في البلدات الفلسطينية بالداخل، هو نتاج لسياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، ولكن مرة أخرى تختار الحكومة الحالية، إجراءات عقابية بدلًا من توفير حلول جذرية تضمن حق المواطنين بالمسكن.
ويشددان على أن كل ما يجري من تعديلات هي ضمن "قانون كيمنتس"، الذي تسبب بأذى كبير للمواطن الفلسطيني بالداخل، عبر أوامر الهدم التي فاقمت من الأضرار الاقتصادية والاجتماعية عليه.
كما يطالبان بتجميد القانون الجديد بالقول "إنه لا توسيع استعمال الأدوات الإدارية، ولا قطع الكهرباء والماء عن المباني ولا جباية أكبر، يمكنه أن يكون حلًا لمشاكل عدم الترخيص، وإنما هي أدوات فقط من أجل زيادة المعاناة والعبء على الفلسطينيين والمس بحقوقهم الدستورية".