بخطى بطيئة خشية السقوط، ونظرات مليئة بالخوف والحسرة، تنقلت الطفلة ابتسام أبو طير (9 أعوام)، بين ما تبقى من ركام منزلها المُدّمر بفعل القصف الإسرائيلي، بحثًا عن حقيبتها وكتبها المدرسية وملابسها.
تمكنت "ابتسام" من العودة مع أسرتها التي باتت بلا مأوى، صباح الأحد بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار، للبحث عما تبقى لهم من ذكريات فوق أنقاض منزلهم المدمر ببلدة عبسان الكبيرة شرقي محافظة خان يونس جنوبي قطاع غزة.
"ابتسام" ابنة الصف الثالث الابتدائي، هي وأشقائها الأطفال، لن يتمكنوا من العودة لدراستهم بسهولة مع قرب الاختبارات النهائية؛ فالوضع النفسي الذي يعيشونه بعد فقدان أغلى ما يملكون سوى ذكريات حزينة، لا يسمح لهم بذلك؛ كما تقول أسرتهم.
"كتب وحقيبة ممزقة"؛ هذا ما استطاعت العثور عليه بين الأنقاض؛ قبل أن تنادي عليها والدتها بصوتٍ عالِ "تعالي يالله نمشي بلاش يقع السقف علينا"؛ ما كان منها سوى الانصياع لكلام والدتها والمغادرة فورًا والجلوس داخل سرادق صغير بجوار المنزل يستقبلون فيه المساندين لهم.
تقول "ابتسام": "هدموا منزلنا، وما بعرف ماذا ارتدي على المدرسة غدًا، فقدت كل كتبي ودفاتر المدرسة، وبحثت عنهم وما وجدتهم؛ فقط عثرت على حقيبتي ممزقة، وبعض الدفاتر الممزقة أيضًا؛ لا أعلم كيف أدرس للاختبارات".
وتضيف "حسبنا الله ونعم الوكيل في اليهود (..)؛ حرمونا منزلنا، ولا أعلم كيف سنعيش بدون منزل؛ حتى أغراضي وملابسي وغرفتي تدمرت وفقدتها، لم أحد شيء منها".
وتتابع "لستُ قادرة على العودة للمدرسة، ما زِلت خائفة من القصف، ملخصاتي ودفاتري التي أذاكر منها لم أجدها، لا أعلم كيف سأقدم الاختبارات؛ شعوري حزين وبكيت عندما قُصف منزلنا.. لا أعلم كيف سأقضي الأيام القادمة وأين..".
وتعرض منزل أسرة "ابتسام" للقصف الجوي الإسرائيلي مساء الجمعة 12/5/2023؛ ما تسبب في تدميره بشكلٍ شبه كامل؛ وتدمير بليغ لمنازل مجاورة.
يُشار إلى أن "إسرائيل" تنتهج في كل عدوان سياسة تدمير المنازل السكنية فوق رؤوس ساكنيها، أو بعد اخلائهم بفترة قصيرة؛ وسُجل خلال التصعيد الأخير تدمير عدد كبير من المنازل والشُقق السكنية، ما بين كُلي وجزئي في القطاع.
وبحسب إحصائيات رسمية فإن إجمالي الوحدات السكنية المتضررة جراء العدوان الإسرائيلي الأخيرة بلغت 2041 وحدةً سكنية منها 31 منزلاً هدماً كليا، و128 وحدة سكنية غير صالحة للسكن و1820 وحدة سكنية تضررت جزئيًا، بقيمة تقديرية للخسائر 9 مليون دولار.
