أحد عشر عاما انتظرها الصحفيون الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة لإجراء انتخابات لنقابتهم، والتي ستجري في 23 – 24 مايو/أيار الجاري.
وسبق إعلان موعد الانتخابات، عقد مؤتمر استثنائي قبل ثلاثة أشهر، تم خلاله اختيار الهيئة العامة للانتخابات وتحديد العضوية، لكن "العضوية" شكّلت الانحرافة التي أخرجت الانتخابات عن سياقها، إذ انسحب حراك الصحفيين المستقل من الانتخابات، وتقاسمت فصائل منظمة التحرير الأمانة العامة للنقابة والمجلس الإداري، وكان لحركة فتح نصيب الأسد فيهما.
ويقول الصحفي محمد الأطرش إن: "المؤشرات بدت واضحة بخصوص الشكل الذي ستبدو عليه نقابة الصحفيين والقوائم التي ستترشح منذ اللحظة الأولى، وذلك للفرق الواضح في النظام الداخلي، من خلال محاولة التحايل والالتفاف حتى تضمن بعض الأحزاب الوصول لمجلس النقابة".
ويوضح الأطرش لوكالة "صفا" أنه ومنذ عقد المؤتمر الاستثنائي تم تعديل بعض النصوص لتتلاءم مع عودة وجوه قديمة إلى مجلس النقابة، خلال تشكيل قائمة تجمع فصائل منظمة التحرير الصغيرة والكبيرة، وبعض الفصائل لا وجود لها، حتى إن هناك فصائل لا يعمل ممثلوها في مهنة الصحافة، لكن بفعل المحاصصة تم وضع الأسماء ضمن القائمة.
ويكشف الأطرش أن ملف "العضوية" الذي تم إقراره ضمن المؤتمر الاستثنائي، يعتبر صندوقًا أسودًا، وأن القائمين على النقابة عملوا بمزاجية من خلال مبدأ الاستقطاب والاستبعاد، بجلب عدد كبير من الأسماء ووضعها في الهيئة العامة لضمان تصويتهم لقائمة فتح، واستبعاد وحرمان عدد كبير من الصحفيين بشكل مباشر أو غير مباشر من أن يكونوا جزءًا من الهيئة العامة لعام 2023، وهذا ما تم رصده وتوثيقه بوضوح.
ويرى الأطرش أن النقابة عملت كل شيء حتى تعيد إنتاج نفسها، لتبقي على امتيازات الأمانة العامة فيها.
المحاصصة
بدورها، تقول الصحفية نائلة خليل لـ"صفا" إن الانتخابات قائمة على المحاصصة الحزبية بين فصائل منظمة التحرير، وكأنها كعكة يراد تقاسمها.
وتعبر خليل عن استغرابها من مشاركة الجبهة الشعبية في تقاسم الأمانة العامة للنقابة ومجلسها الإداري، على الرغم من أن الشعبية تقاطع أهم المحاصصات في مختلف النقابات وحتى اجتماعات المجلس المركزي والوطني، وتشارك في محاصصة نقابة الصحفيين.
وترفض خليل مبدأ المحاصصة وتقاسم المقاعد، في ظل الحديث عن انتخابات نقابة وليست تراكيب حزبية، بقولها: "هناك فصائل صغيرة تدور في فلك فتح ووزنها في الشارع صفر، ووزنها في المشهد الإعلامي يكاد يكون صفر، وحصلت على مقاعد في النقابة".
وتلفت إلى أن ما جرى منذ آب/أغسطس الماضي عندما بدأ حراك الصحفيين بإصدار أول بيان له بإصلاح النقابة وإصلاح ملف العضوية باعتباره بيت القصيد، بدأت تأخذ منحنى أكثر سوءًا من خلال ترتيبات محكمة مسبقا.
وتكشف خليل أن القائمين على النقابة غيروا شروط العضوية وهندسوا نظامًا جديدًا، فتحول ملف العضوية لمئات من غير الصحفيين الذين لا ينطبق عليهم الشرط الأساسي بحيث يكون الصحفي يعتاش من الصحافة ويمارسها، وقاموا بفتح الملف لمئات من العاملين في دوائر منظمة التحرير والعلاقة العامة في الوزارات والهيئات حتى هناك أسماء في أجهزة أمن السلطة والتوجيه السياسي، حتى يضمنوا عددية أكبر، وحرموا صحفيين حقيقيين يمارسوا المهنة وأسماؤهم موجودة في الإعلام، بناء على أحكام مسبقة أن لهؤلاء توجهات لن تذهب وتصب في مصلحة الفئة المتنفذة في النقابة .
مواجهة التحديات
ويتعرض الصحفيون الفلسطينيون إلى تحديات كبيرة ويومية، تستدعي الوقوف المباشر والفوري للنقابة بالنظر إلى ظروف عملهم جراء ممارسات الاحتلال.
وعن ذلك، تقول خليل إن "هناك تحدٍ كبير يواجه الصحفيين فالاحتلال بكل جرائمه من قتل وجرح واعتداءات واعتقال ومنع من التغطية في الميدان ومنع السفر، بات لدينا هم كبير وهي نقابة غير ممثلة للصحفيين وغير مهنية".
وتتساءل خليل عن ماذا قدمت النقابة للصحفيين من حقوق أمام إصابة عدد كبير من الصحفيين، وفصل صحفيين آخرين من وكالات عالمية، وحقهم في تأمينات صحية وغيرها؟.
لكنها تؤكد أن النقابة حافظت على امتيازات فئة متنفذة منها، وخصوصا النقيب المكلف والذي يسعى للاحتفاظ بجواز سفر دبلوماسي.
وتتطرق خليل إلى خيارات أخرى كالذهاب للاتحاد الدولي والذهاب لمختلف المؤسسات الدولية الإعلامية، وكشف أمامها كل ما حصل من مهزلة المؤتمر الاستثنائي واختيار العضوية، والتي انتهت باختيار 2622 عضوًا نصفهم لا يعمل في مهنة الصحافة.
أما الأطرش فيرى أن الصحفي الفلسطيني سيواجه التحديات وحيدا دون نقابة تسنده.
ويضيف "كان الأمل معقودًا على تغيير ديمقراطي وانتخاب مجلس نقابة يحمل هموم وقضايا الصحفيين، في ظل إخفاق النقابة بالعديد من الملفات أبرزها الحريات على الصعيد المحلي وواقع العمل الإعلامي، في مقابل عدم حل قضايا الصحفيين الذين يعملون في الوكالات العالمية وتحصيل حقوقهم المالية ونهاية الخدمة، إذ إن النقابة لم تحرك ساكنا في هذه القضية.
ويرى أن استنساخ النقابة لنفس الوجوه سيؤدي إلى ذات النتيجة، نقابة ضعيفة ولن تكون شرعية في ظل وجود قائمة واحدة، وتسترها بالديمقراطية بشكل واضح.