لم تتوقف أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية المحتلة عن جهودها في ملاحقة مجموعات المقاومة المسلحة التي ظهرت في العامين الأخيرين، خاصة في محافظتي نابلس وجنين.
آخر تلك المحاولات كانت ما كشفه المسؤول الإعلامي في دائرة شؤون المفاوضات بمنظمة التحرير، المتحدث السابق باسم حركة فتح منير الجاغوب، إذ قال أمس إن 11 مقاومًا من مجموعة "عرين الأسود" في نابلس سلموا أنفسهم لأجهزة السلطة في الآونة الأخيرة، أحدهم من عناصر الأمن الوطني، وتم نقلهم إلى رام الله وسط الضفة.
وقال الجاغوب، عبر صفحته على "فيسبوك"، وفق متابعة وكالة "صفا"، إن 11 من أعضاء "عرين الأسود" عادوا إلى مقرات الأمن الوطني في نابلس.
وأضاف أن هؤلاء "اختاروا الانتقال من بين قطع جمر الحال وغدر الاحتلال إلى عمق الفضاء الوطني المتمثل بقوات الأمن الوطني الفلسطيني".
وفي نفس السياق، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، يوم الخميس، إن محافظ مدينة نابلس إبراهيم رمضان هاجم منفذي عملية الأغوار الذين استشهدوا في عملية اغتيال إسرائيلية بالبلدة القديمة في نابلس، اليوم.
وقالت الصحيفة العبرية، وفق ترجمة "صفا"، إن محافظ نابلس هاجم بشكل غير مألوف الشهداء، مشيرًا إلى أنهما اغتيلوا بعد رفضهم الانصياع لأوامر الأمن الفلسطيني بتسليمهم أنفسهم وسلاحهم.
ونقلت الصحيفة عن المحافظ قوله: "تصفية الشبان في نابلس هذا الصباح نتيجة طبيعية لعدم استجابتهم للأجهزة الأمنية الفلسطينية، ورفضهم تسليم سلاحهم للسلطة".
وأضاف "حاول الأمن الوقائي قبل عدة أسابيع إقناعهم بتسليم أنفسهم وسلاحهم إلا أنهم رفضوا".
واستشهد ثلاثة مقاومين من كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، هم: عامر المصري وحسن قطناني وإبراهيم جبر، صباح اليوم في عملية اغتيال إسرائيلية بالبلدة القديمة في نابلس.
"الإغراء بالحماية"
وليست هذه المرة الأولى التي تفاخر فيها السلطة عبر منافذها الإعلامية بتحقيقها "نجاحًا" في نزع سلاح مقاومين وتحييدهم.
فبعد ساعات من اغتيال قائد "عرين الأسود" وديع الحوح في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قالت السلطة إن أربعة من أعضاء المجموعة سلموا أنفسهم للأجهزة الأمنية وأوقفوا نشاطهم المقاوم.
وسابقا، كشف محافظ نابلس إبراهيم رمضان أنه اجتمع مع المقاومين في البلدة القديمة عدة مرات، وعرض عليهم "حمايتهم" من خلال التوصل إلى حل مع الجانب الآخر (الاحتلال) وأنه ليست هناك مشكلة في ذلك، وعبر عن أسفه لأنه لم يجد استجابة من جانبهم.
ويؤكد متابعون أن السلطة تنتهج عدة أساليب للقضاء على "عرين الأسود" وغيرها من مجموعات المقاومة، التي نالت شعبية واسعة، لأنها ترى فيها تهديدًا لسيطرتها وقبضتها الأمنية.
وتلجأ أجهزة السلطة للاتصال الهاتفي ببعض المقاومين ومحاولة إقناعهم بـ"عبثية" ما يقومون به، وأنها قادرة على توفير الحماية لهم إذا سلموا أنفسهم لها.
ولعل أبرز من مارست معهم الأجهزة هذا الأسلوب هو الشهيد وديع الحوح، والذي رفض العرض بشدة.
أساليب ضغط وتخويف
وفي أحيان كثيرة تمارس السلطة ضغوطًا كبيرة على عائلات المقاومين لإقناع أبنائهم بتسليم أنفسهم، عبر تخويفهم بأن أسماءهم مدرجة على قوائم الاغتيال الإسرائيلية.
وفي سعيها لتحقيق غايتها، تحرص الأجهزة على قطع كل خطوط الإسناد التي تمد المجموعات بأسباب البقاء والصمود.
وفي هذا المجال، عمدت لاستدعاء مئات الشبان الذين تربطهم علاقات صداقة مع أعضاء عرين الأسود، وتحذيرهم من التواصل معهم.
وقبل أشهر قليلة لجأ جهاز الاستخبارات إلى سجن العشرات من عناصر الأجهزة الأمنية المختلفة لعدة أيام بسبب تواصلهم مع المقاومين، وأفرجت عنهم بعد تهديدهم بالسجن والفصل من الوظيفة.
لكن محاولات ضرب مجموعات المقاومة لم تقتصر على أساليب الضغط والتخويف، بل بإبعاد القيادات "الكارزمية" والمؤثرة إما باعتقالها أو تركها فريسة للاغتيال من الاحتلال.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، اعتقلت الأجهزة القيادي البارز في هذه المجموعات مصعب اشتية، وترفض حتى الآن تطبيق قرار قضائي بالإفراج عنه.
ويعزو المراقبون احتفاء السلطة بنجاحها بتحييد مقاومي "عرين الأسود" إلى رغبتها بإظهار التزامها بالتنسيق الأمني ومخرجات اجتماع شرم الشيخ، رغم تأثيره سلبًا على صورتها أمام شعبها.