في خطوة تُمهد لإغلاق المدخل الرئيس لبلدة العيزرية شرقي القدس المحتلة، وضم مستوطنة "معاليه أدوميم" للمدينة، تبدأ سلطات الاحتلال الإسرائيلي في مايو/ أيار المقبل، بأعمال الحفر لإنشاء "طريق السيادة" الاستيطاني، أو ما يُطلق عليه اسم "طريق نسيج الحياة".
وتأتي أعمال الحفر توطئةً لرصف الشارع الذي يهدف لإغلاق المدخل الشمالي لبلدة العيزرية تمامًا، وتحويل الحركة من هناك إلى شمال البلدة، باتجاه منطقة جبل البابا وبلدة الزعيم، ليربط جنوبي الضفة الغربية المحتلة مع منطقة الأغوار ومدينة أريحا بالجانب الشرقي من الضفة.
وبحسب المشروع الإسرائيلي، فإن الطريق المزمع إنشاؤه سيبدأ من نقطة الحاجز العسكري الإسرائيلي المعروف باسم "الكونتينر" جنوب شرقي بلدة أبو ديس، ليمتد شرقًا ثم شمالًا باتجاه الطريق الالتفافي رقم (1)، ومن ثم محافظة أريحا.
وبحسب حركة "السلام الآن" الإسرائيلية، فإن سلطات الاحتلال ستبدأ في بداية مايو المقبل، أعمال الحفر والتعبيد على "طريق نسيج الحياة" أو طريق العيزرية – "معاليه أدوميم"، بهدف السماح للفلسطينيين بالتنقل من الجنوب إلى الشمال دون الحاجة للسفر على الطرق المخصصة للمستوطنين في هذه المناطق.
وأضافت أن "تعبيد الطريق سيخلق نظام طريق فصل عنصري بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بغية ضم مستوطنة معاليه أدوميم إلى مدينة القدس، ولدفع خطة البناء في مشروع (E1) الاستيطاني".
وفي آذار/ مارس 2020، وافق نفتالي بينيت حين كان يشغل منصب وزير الجيش على تعزيز طريق للفلسطينيين من أجل فصلهم عن الطرق الرئيسية بشرقي القدس، مثل العيزرية وأبو ديس والزعيم والسواحرة والبدو من قبيلة الجهالين.
مخطط ضخم
الباحث المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب يوضح أن "طريق السيادة" يعد جزءًا من مخطط كبير يُعرف بـ"نسيج الحياة"، والذي تعتزم سلطات الاحتلال تنفيذه شرقي القدس، بغية إغلاق المدخل الرئيس لبلدة العيزرية تمامًا، ومن ثم فتح طريق خاص من منطقة جبل البابا.
ويضيف أبو دياب، في حديث لوكالة "صفا"، أن الاحتلال يريد من خلال إنشاء هذا الطريق، سلب مزيد من أراضي الفلسطينيين، وتهيئة المنطقة المستهدفة للبدء في مشروع (E1) شرقي القدس، من أجل تعزيز الاستيطان في المدينة المحتلة.
وسيترتب على إنشاء الطريق طرد وتهجير أكثر من 1500 فلسطيني من البدو بمنطقة جبل البابا، ومصادرة نحو 16400 دونم من أراضي الفلسطينيين الخاصة، مما يلحق أضرارًا بسبل العيش والرعي بالتجمعات البدوية التي تعيش في المنطقة (ب).
ويُشرف على المشروع عدة مؤسسات احتلالية، هي: "مجلس مستوطنات الضفة"، وزارة جيش الاحتلال، وبلدية "معاليه أدوميم"، ووزارة المواصلات العامة.
ويبين الباحث المقدسي أنه وفقًا للمخطط، سيتم وصل "طريق السيادة" مع طريق آخر يبدأ من بلدتي الزعيم وعناتا، وما يسمى بطريق "الأبارتايد" العنصري شرقي القدس، وصولًا إلى شمال ووسط الضفة الغربية، للسيطرة على حركة مرور الفلسطينيين بين مناطق الضفة.
ويشير إلى أن الاحتلال رصد في البداية، ميزانية 14 مليون شيكل لإقامة المشروع الاستيطاني، وأضاف مؤخرًا 8 مليون شيكل، ليصبح الإجمالي 22 مليون شيكل.
تداعيات خطيرة
ويحذر أبو دياب من خطورة المشروع وتداعياته على الفلسطينيين، كونه سيؤدي لقطع التواصل الجغرافي وفصل جنوبي الضفة عن وسطها، وتضييق الخناق على حركة تنقلهم، عبر منع المركبات الفلسطينية من استخدام الشارع رقم (1).
ويُمهد المشروع الطريق- كما يوضح الباحث المقدسي- إلى فصل منطقة العيزرية وأبو ديس والتجمعات البدوية كافة عن المدينة المقدسة نهائيًا، ويشكل بدايةً لفضل جنوبي الضفة عن شمالها، وللضم الفعلي.
ويؤكد أن الاحتلال يتبع سياسة التدرج في مشروع الفصل العنصري، بدءًا من مشروع "طريق السيادة"، ومن ثم مخطط شارع رقم (19) جنوب مستوطنة "معاليه أدوميم"، والذي سيخصص للفلسطينيين المتجهين من جنوبي الضفة باتجاه أريحا والأغوار، وصولًا لإتمام مشروع "نسيج الحياة" الذي سيقطع جنوبي الضفة عن شمالها.
ويشير إلى أن مطالبة حكومة الاحتلال بتأجيل إخلاء الخان الأحمر يأتي بهدف إنجاز "طريق السيادة"، والالتفاف على الضغط الدولي وصمود المواطنين.
وفي وقت سابق، قدمت بلديات العيزرية وأبو ديس والسواحرة، وغيرها، التماسًا إلى محكمة الاحتلال العليا ضد قرار إنشاء الطريق الاستيطاني.
وقالت حركة "السلام الآن": إن "إنشاء شبكة طرق منفصلة للإسرائيليين والفلسطينيين سيمكن المؤسسة الأمنية من إلغاء حاجز الزعيم شرقي للقدس، ونقله بالقرب من شرق مستوطنة "كفار أدوميم".
وحذرت من أن "منع الفلسطينيين من دخول معاليه أدوميم سيمكن إسرائيل من ضم الأراضي إليها بسهولة أكبر في المستقبل".
وأشارت إلى أن رئيس بلدية "معاليه أدوميم" تحدث سابقًا بصراحة ودون لغة دبلوماسية عن الأهداف الحقيقية للطريق، وهي "تمكين إغلاق منطقة شاسعة في وسط الضفة الغربية أمام الفلسطينيين عن طريق تحويل وسائل النقل الفلسطينية إلى طريق التفافي خاص، وتحويل منطقة معاليه أدوميم إلى جزء لا يتجزأ من القدس".