تعم الفرحة والبهجة أرجاء المسجد الأقصى المبارك، مع مشاركة آلاف الصائمين تناول طعام الإفطار بين جنباته خلال شهر رمضان، في نسيج اجتماعي يضم صائمين من جميع المحافظات الفلسطينية، ليجسدوا التلاحم بين أبناء الشعب الفلسطيني على مائدة إفطار واحدة بين أسواره.
وتشهد ساحات المسجد الأقصى منذ بداية شهر رمضان توافدًا كبيرًا من الصائمين من كبار السن والنساء والرجال والأطفال لتناول طعام الإفطار والصلاة والعبادة فيه.
وتسود أجواء من السعادة والبهجة بين المصلين من كافة المناطق الفلسطينية لتمكنهم من الوصول للمسجد الأقصى، بعد مشقة وعناء الطريق وساعات طويلة من الانتظار على حواجز الاحتلال.
وتنشط حركة مرور الحافلات والمركبات في رمضان، قبل ساعتين من موعد أذان المغرب في مدينة القدس وضواحيها، بعد إصرار الأهالي على الذهاب إلى الأقصى، رغم العراقيل التي يفرضها الاحتلال أمامهم عند الحواجز العسكرية أو التي تنصب في محيط البلدة القديمة والمسجد.
مشروع إفطار الصائم
ويشهد مشروع إفطار الصائم الذي تنفذه جمعية الأقصى من الداخل الفلسطيني بالتنسيق مع لجنة الزكاة في المسجد الأقصى إقبالًا كبيرًا من الصائمين والمعتكفين منذ بداية رمضان.
مسؤول قوافل الأقصى بالجمعية أحمد أبو الهيجا يقول لوكالة "صفا" إن جمعية الأقصى تواصل تقديم وجبات الإفطار للصائمين والمرابطين منذ بداية شهر رمضان، بهدف إعمار المسجد بالمصلين، وتشجيعهم على تعزيز صمودهم داخله.
ويشير إلى أن الجمعية تقدم يوميا ما بين 50 إلى 200 وجبة للصائمين ضمن مشروع إفطار الصائم، وسوف تقدم نحو 20 ألف وجبة للصائمين في ليلة القدر (ليلة 27 من رمضان)، بالإضافة إلى السقاية.
ويضيف أن الجمعية تقدم أيضا وجبات إفطار في شهر رمضان للعائلات المتعففة في بلدة سلوان الحامية الجنوبية للمسجد الأقصى، كما تنفذ مشروع السلة الرمضانية لأهالي مدينة القدس، ضمن مشاريعها الخيرية.
كما نظمت الجمعية فعاليات لمشروع فرحة يتيم التاسع في نادي أبناء القدس بالبلدة القديمة بالقدس المحتلة يوم السبت الماضي، وشملت وجبة إفطار وكسوة العيد.
وينوه أبو الهيجا إلى أن هذا المشروع ينفذ بالقدس منذ 8 سنوات بالتنسيق مع جمعية الإغاثة في الداخل الفلسطيني المحتل التي ترعى 450 يتيمًا بالقدس المحتلة.
ويؤكد أن الجمعية تنفذ مشروع قوافل الأقصى طوال العام وتزداد في شهر رمضان، ويشهد إقبالًا كبيرًا من أهالي جليل المثلث حتى النقب.
ويوضح أبو الهيجا أن أهالي الخير يكفلون 1500 حافلة في رمضان من أجل الوصول للمسجد الأقصى ويقدمون لهم وجبات الإفطار، بمقدار 25 حافلة يوميًا.
صائمون في الأقصى
ورغم الحواجز العسكرية المحيطة بمدينة القدس وعراقيل قوات الاحتلال، إلا أن آلاف الفلسطينيين يصرون على التصدي لهذه الممارسات من أجل الوصول إلى القدس والمسجد الأقصى.
وتصف المسنة حسن خليل أبو سعدة (75 عاما) من مدينة طولكرم وصولها إلى المسجد الأقصى بالفرحة الكبيرة التي يصعب وصفها، كونها حرمت من الوصول إليه منذ 4 سنوات بسبب وضعها الصحي، وعدم قدرتها على السير مستعينة بالكرسي المتحرك.
المسنة حسن تقول إنها شعرت بفرحة كبيرة لا توصف عند وصولها للمسجد الأقصى لأداء الصلاة والعبادة ولقاء المصلين من جميع المناطق.
وتضيف "تمنيت دومًا دخول المسجد الأقصى لأروي شوقي وفرحتي منه، والحمد الله ربنا حقق لي هذه الأمنية بعد طول حرمان".
أما المواطنة نجلاء أحمد عثامنة من باقة الغربية فقالت: "حضرنا خصيصًا إلى المسجد الأقصى رغم بعد المسافات من أجل الصلاة وتناول الإفطار في باحاته".
وتتابع "فرحتنا لا توصف الحمد لله ربنا يديم علينا الأقصى ويبقى لنا، رغم إجراءات سلطات الاحتلال بحق المصلين".
من جانبه، يقول داوود الكسواني من بيت إكسا شمال غرب القدس المحتلة: "فرحتنا وسعادتنا بوجودنا في المسجد الأقصى، بمثابة العيد لكل المسلمين وخاصة الشعب الفلسطيني".
ويضيف "آلاف الصائمين حضروا من كافة مناطق الضفة الغربية صغارًا وكبارًا من أجل تناول طعام الإفطار، والمشاركة في هذه الأجواء الجميلة".
ويؤكد الكسواني أن حب المسجد الأقصى كالدم في أوردة الشعب الفلسطيني، وجميع المشاعر والوجدان متعلقة فيه.
أما المقدسي جميل جابر من كفر عقب شمال القدس المحتلة فيقول: "هذه الجموع الموجودة في صحن قبة الصخرة وساحات المسجد الأقصى تدل على إسلاميته، ودليلًا واضحًا أن هذا المكان للمسلمين فقط".
فيما تعبر المسنة المقدسية نجاح جابر عن فرحتها بأجواء المسجد الأقصى عند مشاهدتها آلاف الصائمين يأتون لتناول طعام الإفطار في المسجد، وبكت من شدة الفرحة.
وتقول: "لقد بكيت من شدة الفرحة عند وصولي للمسجد الأقصى ورؤيتي هذه الأعداد الكبيرة من المصلين حضروا خصيصا للصلاة وتناول طعام الإفطار فيه".
وتصف أجواء الفرح والسعادة بين المصلين وأطفالهم في المسجد الأقصى بأنها تشبه الحج في مكة المكرمة، ما شجعها للحضور يوميًا للمشاركة في هذه الفرحة.