لم تشفع لها طفولتها البريئة أمام همجية الاحتلال الإسرائيلي واعتداءاته الوحشية، حين اعتقلها من داخل مدرستها بنات الروضة الحديثة في حي الشيخ جراح وسط القدس المحتلة، بدعوى محاولتها تنفيذ عملية طعن بالحي.
ففي الثامن من ديسمبر 2021، كانت الطفلة المقدسية نفوذ حماد على موعد لتحمل لقبًا جديدًا وتصبح أسيرة في سجون الاحتلال لم يكن يتجاوز عمرها أربعة عشر عامًا.
ومن لحظة اعتقالها برفقة صديقتها إسراء غتيت، تعرضت الأسيرة حماد إلى عمليات تنكيل واعتداء وحشي ومعاملة مهينة، وأثناء نقلها إلى مركز "المسكوبية" غربي القدس، جرى تقييد يديها بالقيود الحديدية للخلف وتعصيب عينيها بكمامة، وضربها على وجهها بعنف، دون مراعاة لطفولتها البريئة.
ولم تتوقف معاناتها عند هذا الحد، بل جرى نقلها إلى قسم المعبار في سجن "الشارون"، وسط ظروف إنسانية واعتقالية صعبة وسيئة للغاية، تفتقر لأدنى مقومات الحياة، وحرمان من الطعام، فضلًا عن نقلها للعزل الانفرادي عدة مرات، والصراخ والشتم بألفاظ نابية، حتى تم نقلها إلى معتقل "الدامون، وما تزال موقوفة حتى اليوم".
وتتعمد سلطات الاحتلال استهداف أطفال القدس يوميًا، من خلال اقتحام منازلهم واعتقالهم، وممارسة كافة أساليب التعذيب بحقهم سواء عند اعتقالهم أو أثناء احتجازهم والتحقيق معهم داخل السجون، في انتهاك صارخ لكافة المواثيق والمعاهدات الدولية التي تنص على احترام حقوق الطفل.
ويأتي يوم الأسير الفلسطيني وما تزال سلطات الاحتلال تحتجز في سجونها 14 أسيرة مقدسية في ظروف اعتقالية وإنسانية مأساوية وقاهرة، يتجرعن خلالها مرارة الأسر والحرمان من أبسط حقوقهن الحياتية.
ظروف قاهرة
رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب يقول إن الأسيرات المقدسيات في سجون الاحتلال يُحتجزن في ظروف اعتقالية سيئة وقاسية، ويعانين معاناة مضاعفة في ظل حرمان بعضهن من الزيارة، بالإضافة إلى الإهمال الطبي بحق آخرين.
ويوضح أبو عصب، في حديث لوكالة "صفا"، أن أوضاع الأسيرات في غاية الصعوبة، وتتعمد إدارة السجون استهدافهن والاستفراد بهن، وحرمانهن من أبسط الحقوق الحياتية والإنسانية.
ويشير إلى أن هناك تقصير متعمد من إدارة سجن "الدامون" في تقديم العلاج الطبي لمجموعة من الأسيرات المصابات، ويعانين من أمراض عديدة، وما زلن بحاجة لعناية خاصة، ولإجراء عمليات جراحية، كالأسيرة المقدسية المصابة إسراء جعابيص.
والأسيرة جعابيص من بلدة جبل المكبر جنوب شرقي القدس، تعد من أخطر وأصعب الحالات المرضية داخل سجون الاحتلال، وهي بحاجة ماسة إلى عدة عمليات جراحية في اليدين والأذنين والوجه، وبحاجة لبدلة خاصة بعلاج الحروق، إلا أن إدارة السجون تماطل في توفير العلاج لها.
وعلى مدار الوقت، تعاني جعابيص، المحكومة بالسجن لمدة 11عامًا، من آلام شديدة في أماكن الحروق، وسخونة دائمة في جلدها، مما يجعلها غير قادرة على ارتداء جميع أنواع الأقمشة والأغطية على جسدها إلا اقمشة خاصة.
وتُعاني أيضًا من تشوهات حادة في جسدها، جرّاء تعرضها لحروق خطيرة، أصابت 60% من جسدها، جرّاء إطلاق جنود الاحتلال النار على مركبتها عام 2015، بدعوى محاولتها تنفيذ عملية دهس على حاجز زعيم شرقي القدس.
مطالبات بالإفراج
ويضيف أبو عصب أن سلطات الاحتلال تحرم مجموعة من أسيرات القدس من الزيارة، ناهيك عن الأحكام العالية الصادرة بحقهن، حيث تعد الأسيرة شروق دويات أعلاهن حكمًا، وتقضى بالسجن لمدة (16 سنةً)، والأسيرة عائشة الأفغاني سنةً.
ويتعمد الاحتلال إصدار أحكام عالية بحق الأسيرات المقدسيات وفرض غرامات مالية باهظة، بهدف إحباط وكسر إرادة الشعب الفلسطيني، وجعلهن عبرة لغيرهن في حال أقدمن على مقاومة الاحتلال.
ويؤكد أن الاحتلال يريد استغلال ملف الأسيرات من أجل كسر إرادة الشعب الفلسطيني والحركة الأسيرة، كونه يعلم مدى حساسية وضع المرأة والفتاة الفلسطينية لدى شعبنا.
والمطلوب فلسطينيًا، وفقًا لأبو عصب، العمل بشتى الوسائل على إطلاق سراح جميع الأسيرات من سجون الاحتلال، وإغلاق ملفهم بالكامل، خاصة أن هناك 31 أسيرة فلسطينية يقبعن في سجون الاحتلال.