قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي فرض قيود مشددة على احتفالات المسيحيين في مدينة القدس المحتلة بيوم "سبت النور"، الذي يسبق "عيد الفصح المجيد"، عبر نصب الحواجز العسكرية في البلدة القديمة ومحيط كنيسة القيامة، وتقليص عدد المسيحيين المشاركين.
وكما كل عام، تستهدف سلطات الاحتلال المسيحيين في المدينة المقدسة، وتُنغص عليهم احتفالاتهم بأعيادهم، وتفرض قيودًا على ممارسة حقهم بالعبادة، في محاولة لإنهاء الوجود المسيحي، وطمس الهوية الإسلامية المسيحية الحقيقية للمدينة.
ويواجه المسيحيون في القدس ضغوطا من المستوطنين المتشددين ومنظماتهم، ويتعرض رجال الدين المسيحيين لمضايقات وإساءات لفظية وجسدية، ناهيك عن تصاعد اعتداءات المتطرفين اليهود على الممتلكات والمقدسات المسيحية.
قيود مشددة
رئيس التجمع الوطني المسيحي في الأراضي المقدسة ديمتري دلياني يقول إن سلطات الاحتلال قررت فرض قيود مشددة على وصول المسيحيين إلى كنيسة القيامة السبت المقبل، للاحتفال بيوم "سبت النور"، عبر إغلاق عدد من أبواب البلدة القديمة المؤدية للكنيسة، ونصب الحواجز العسكرية في محاولة لمنع وصول المصلين المسيحيين.
ويوضح ديلياني في حديث لوكالة "صفا"، أن الاحتلال يشترط للصلاة في كنيسة القيامة الحصول على تصاريح خاصة، كي يتحكم في أعداد المسموح لهم بالدخول للكنيسة، ومن أي أماكن يتم توافدها.
ويعتبر أن سياسة فرض القيود على غير اليهود في القدس تشكل انتهاكًا صارخًا لحرية العبادة، وحقنا في ممارسة شعائرنا الدينية، وتؤكد على نهج التضييق والقمع الذي تمارسه حكومة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، دون مراعاة للقانون الدولي والمواثيق الدولية.
ويضيف "من حقنا الطبيعي ممارسة العبادة في كنيسة القيامة والاحتفال بيوم سبت النور، لكن سلطات الاحتلال تحاول دائمًا أن تفرض سيطرتها وتمنعنا من ذلك، بالإضافة إلى منع مسيحيي قطاع غزة والضفة الغربية من الوصول بحرية إلى كنيسة القيامة.
ويؤكد أنه ليس من حق الاحتلال التدخل في شؤوننا، وسنقوم بممارسة شعارنا الدينية والتقليدية بغض النظر عن هذه الإجراءات والممارسات العنصرية.
طمس الهوية
وتسعى سلطات الاحتلال-وفقًا لديلياني- إلى تغيير الهوية والطابع الإسلامي المسيحي الحقيقي لمدينة القدس، عبر استهداف كل ما هو غير يهودي، من أجل تعزيز الرواية الصهيونية المختلقة حول هوية المدينة المحتلة.
ويخشى رئيس التجمع الوطني المسيحي، من حدوث مواجهات وصدامات خلال الاحتفال بـ"سبت النور"، مثل ما شهده العام الماضي من اعتداءات إسرائيلية على المسيحيين، ومحاولات لعرقلة وصولهم إلى كنيسة القيامة.
ويتابع "رغم أنف الاحتلال، إلا أننا سنعمل على كسر كل الحواجز واختراقها وصولًا إلى الكنيسة، وممارسة حقنا الطبيعي في أداء شعائرنا الدينية".
ويؤكد دعمه لموقف الكنائس، وخاصة بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية الرافض للإجراءات الاحتلالية، مطالبًا المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لإنهاء هذا الوضع، ووقف الاعتداءات على المصلين وحقوقهم ومقدساتهم الدينية في القدس.
ويشير إلى أن الاحتلال يحاول طمس معالم الهوية العربية الإسلامية المسيحية في القدس، واستبدالها بمظاهر يهودية تتوافق مع روايته الكاذبة حول المدينة المقدسة، وهذا أحد أهداف النظام السياسي في "إسرائيل".
ويوضح أن حكومة الاحتلال تقدم كل الدعم للمستوطنين والجمعيات المتطرفة لارتكاب أعمال إرهابية واستفزازية بحق المقدسات المسيحية والإسلامية بالقدس.
ويشدد ديلياني على ضرورة التدخل العاجل والسريع لوقف كل أشكال الإرهاب والاضطهاد الديني الذي نتعرض له بالمدينة، والعمل على إنهاء الاحتلال، وتحقيق والعدالة في المنطقة، مؤكدًا أن القدس مدينة مقدسة، وحمايتها واحترامها يعد واجبًا دينيًا وأخلاقيًا وإنسانيًا.
إنهاء الحضور المسيحي
أما رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس المطران عطا الله حنا فيقول إن الاحتلال يستهدف المسيحيين في مقدساتهم وأعيادهم، وسرقة أوقافهم، في إطار مؤامرة ممنهجة لتهميش وإضعاف الحضور المسيحي في فلسطين، والقدس المحتلة.
ويضيف حنا في تصريح صحفي "بدأنا نلحظ وجود استعدادات إسرائيلية غير مسبوقة في يوم سبت النور، لكن تقول إن كل هذه الاجراءات هدفها تأمين الوصول إلى كنيسة القيامة وترتيب الأمور بشكل آمن، لا نعتقد ذلك بل ستكون هناك عراقيل غير مسبوقة أمام المسيحيين المحليين والزوار والحجاج اللاتين".
ويؤكد أنه يحق للمسيحيين الفلسطينيين كما الزوار والحجاج اللاتين من مختلف أرجاء العالم أن يصلوا إلى كنيسة القيامة دون أية عراقيل، وليس من العدل أن يُمنع أحد.
ويشير إلى أن الكنائس عبرت عن موقفها وطالبت بحرية الوصول إلى كنيسة القيامة، لكن "يبدو أن ما يخطط على الأرض شيء آخر، فمن يشاهد الحواجز الحديدية والاستعدادات الشرطية يظن أننا مقبلون على جبهة حرب وليس على السبت العظيم".