أثار اللقاء الذي جمع رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية بالأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله في بيروت عديد المخاوف في الأوساط الإسرائيلية، ولاسيما أنه يتزامن مع التصعيد في المنطقة، والذي فجّرته الانتهاكات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى.
ويرى محللون سياسيون ومختصون بالشأن الإسرائيلي أن صورة الرجلين التي تصدرت الصحافة العبرية والعربية، تشير إلى أن "اندلاع مواجهة متعددة الجبهات مع الكيان قد يكون في أي لحظة، ولاسيما بعد تخطي الاحتلال الخطوط الحمراء في القدس والأقصى".
ويقول المحللون في أحاديث منفصلة لوكالة "صفا"، إن إطلاق صواريخ من جبهات غزة ولبنان وسوريا والمحاولة في سيناء بشكل متزامن، يرسخ معادلة جديدة تسعى المقاومة للتجهيز لها على مدار سنوات.
وتقوم المعادلة، وفق ما يوضح المختصون، على وحدة القضايا المركزية، وأنه في حال سعى الاحتلال لاستهداف وتحييد إحدى هذه الجبهات فإن جميع الجبهات ستتدخل.
ويشير هؤلاء إلى أن "ترسيخ مبدأ وحدة الساحات بين مناطق نفوذ المقاومة يضع خطوطًا عريضة حول مستقبل الصراع مع الاحتلال، وينهي سنوات طويلة من الأمان الذي كان ينعم به الكيان على جبهتي لبنان وسوريا".
مواجهة بأي لحظة
ويوضح الكاتب والمحلل المختص بالشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر، أن خروج صورة لقاء هنية ونصر الله لم يكن اعتباطيًا أو عفويًا، وكان بالإمكان للرجلين عقد لقاءٍ سري دون الإفصاح عن شيء.
لكن، وفق أبو عامر، فإن إخراج هذا اللقاء والإعلان عنه بهذه الصورة التي جمعت العدويين اللدودين للكيان كانا لـ"تأكيد المؤكد القائم أن إطلاق صواريخ من الجنوب اللبناني كان بالتعاون بين المقاومة وحزب الله".
ويوضح المختص بالشأن الإسرائيلي، أن "هذه الصور يتم التقاطها وتحليلها في الكيان لاستخراج دلالاتها الأمنية والعسكرية والسياسية، خاصة أنه جرى إخراجها في جو يشوبه التوتر والتصعيد على أكثر من جبهة وإطلاق رشقات صاروخية من جبهتي لبنان وسوريا، وبذلك تنتهي سنوات طويلة من الهدوء التي كان يعيشها الكيان مع هذه الجبهات".
ويضيف أبو عامر، لوكالة "صفا"، "في مثل هذه الأجواء يعمد الكيان إلى تحليل كل صورة أو تصريح، وصورة مثل التي خرجت بحضور قيادة الطرفين مقصودة من الحركة والحزب للرأي العام العربي والإسرائيلي وللاحتلال بأن أي استهداف لأي من الطرفين يعني استهدافه لهما معا".
ويتابع "وهذا ما يمكن أن يؤكد اندلاع مواجهة متعددة الجبهات مع الكيان الإسرائيلي في أي لحظة، ما يجعل الاحتلال يتروى ويتريث قبل أن يقدم على أي حماقة يرتكبها في غزة أو في جنوب لبنان".
تعزيز الجبهات
أما الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف فيقول لـ"صفا"، إن اللقاء الذي جمع هنية ونصرالله قد يكون جزءًا من "زيارات ما قبل فتح الجبهات"، وللتأكيد على ضرورة مساهمة الجميع في صد عدوان الاحتلال على القدس والمسجد الأقصى.
وتوقع الكاتب الصواف أن يكون اللقاء تناول "تعزيز الجبهات المتاخمة لفلسطين المحتلة، خاصة أن مدينة القدس خط أحمر عند جميع المسلمين، وأن الاحتلال تجاوز هذه الخطوط ودنس المسجد وأهان المعتكفين".
ويلفت الصواف إلى أن "الزيارة ضرورية للمقاومة الفلسطينية لتتوافق مع الجبهات المحيطة بفلسطين، وبذلك يكون الاحتلال فتح على نفسه أبواب جهنم"، على حد قوله.
ويؤكد أن "الاحتلال مسّ عقيدة المسلمين، وكان يظن ألا أحد سيكترث لما يحدث داخل المسجد الأقصى والقدس ليمارس سياسة التهويد واقتلاع المسلمين من المدينة".
وبشأن ردة الفعل الإسرائيلية المتوقعة على اللقاء، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي أن "القلق الإسرائيلي نابع ليس من وحدة الجبهات فقط، بل من وحدة الساحات الفلسطينية، والتي شاهدناها تتجلى من خلال العمليات الفدائية في تل أبيب وأريحا، وفي الضفة والقدس والداخل المحتل ودخول المقاومة في غزة".
ويقول: "الاحتلال رغم قصفه الحذر في لبنان، والتصريحات هنا وهناك، إلا أنه يخشى الدخول في مواجهة مع أكثر من جبهة، فقد كان حريصًا في السابق على تحييد بعض الجبهات الملاصقة لفلسطين وبذل جهدًا في هذا الاتجاه، وما شاهدناه في الأيام السابقة يقول إنه فشل في تحقيق ما يسعى إليه".
ويلفت إلى أن "معركة مع عدة جبهات مع الاحتلال ستكون أقرب في حال أقدم على تحييد إحدى الجبهات، ولاسيما وأن النية باتت واضحة لديه بالإعداد للهجوم على غزة، وما حصل سيجعله يفكر كثيرًا قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة".
ويعتقد الصواف أن "غزة لن تُترك وحدها كما لم تُترك القدس وحدها، ونحن الآن أمام موجة كبيرة من وحدة المواقف والساحات والجبهات".
والتقى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله برئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، وفق بيان أصدره الحزب الأحد 9 أبريل/ نيسان 2023، حيث بحث الطرفان "جهوزية محور المقاومة وتعاون أطرافه" في منطقة تشهد تصعيدًا عسكريًا.
وأوضح حزب الله، في بيانه، أن نصر الله التقى هنية، الذي وصل إلى بيروت الأربعاء 5 أبريل واستعرضا "أهم التطورات في فلسطين المحتلة ومجريات الأحداث في المسجد الأقصى والمقاومة المتصاعدة في الضفة الغربية وقطاع غزة".
وكان هنية أكد، الخميس الماضي من لبنان أن الفصائل لن تقف "مكتوفة الأيدي" إزاء العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى.
جاء ذلك في وقت تشهد المنطقة توترًا متصاعدًا؛ عقب اقتحام شرطة الاحتلال المسجد الأقصى ليلتي الثلاثاء والأربعاء الماضيتين، واعتدائها على المعتكفين واعتقال نحو400 من داخل المسجد، فيما ردت فصائل المقاومة بقصف مدن غلاف غزة، واستهداف مستوطنات شمالي الكيان بصواريخ من جنوبي لبنان، بالإضافة إلى إطلاق رشقة صواريخ من سوريا باتجاه مستوطنات الجولان المحتل.