قال الباحث المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب، يوم الأربعاء، إن ما حدث في المسجد الأقصى المبارك من اعتداءات وعملية إخلاء للمصلين والمعتكفين فجر اليوم، بمثابة خطوة عملية أولى متدرجة نحو فرض التقسيم الزماني بالمسجد فعليًا.
وأوضح أبو دياب، في حديث خاص لوكالة "صفا"، أن الاحتلال يريد من خلال ما جرى، أن يقول بأنه "صاحب السيادة على المسجد الأقصى، وهو من يقرر أوقات العبادة للمسلمين، وأن هذا مكان مقدس لليهود أولًا".
وأضاف أن "اقتحام المصلى القبلي كان مخططاً له مسبقًا، من حيث أعداد شرطة الاحتلال المقتحمين، وآلية الاقتحام، والاعتداء على المعتكفين والمصلين داخل الأقصى وإخراجهم عنوةً".
وبين أن "الاحتلال يتدرج خطوة خطوة في تحقيق أطماع وأحلام "جماعات الهيكل" المتطرفة بالأقصى، وقد يزيد أيام الاقتحامات، أو فتح أبواب جديدة للمقتحمين، فهو يبني على كل إنجاز مكاسب أخرى".
تقسيم زماني
وأشار إلى أن ما جرى من تخريب وتحطيم لمحتويات المصلى القبلي وعيادة الأقصى إجراءات غير مسبوقة ومتعمدة، حيث عاثت عناصر الشرطة خرابًا وفسادًا كبيرًا داخل المصلى، وحطمت كل شيء، فهي لا تريد أي اعتكاف أو رباط بالأقصى.
وتابع أن الاحتلال يريد نقل السيادة والوصاية على الأقصى لـ"جماعات الهيكل"، وإنهاء أي وصاية لدائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، وما يدلل على ذلك حجم الاعتداء على المعتكفين داخل المصلى القبلي، وطرد المصلين بعد صلاة الفجر من المسجد وتفريغه بشكل كامل.
وذكر أن قوات الاحتلال عملت بعد فجر اليوم على تفريغ الأقصى من المصلين بشكل كامل، وأبعدتنا إلى باب الأسباط، في خطوة عملية تعد الأولى لفرض التقسيم الزماني الفعلي على المسجد، وتغيير الوضع القائم فيه.
وأكد الباحث المقدسي أن الاحتلال عازم على فرض وقائع جديدة على المسجد الأقصى، في ظل عدم وجود ردة فعل حقيقية من الأمة العربية والإسلامية إزاء ما يجري بحق المسجد.
وقال إن قوات الاحتلال استباحت باحات الأقصى، في استهتار واضح لمشاعر المسلمين، وانتهاك صارخ لحرمته، وحرمة شهر رمضان المبارك، كما شكل ذلك مساسًا بأهم رموز العقيدة لدى الأمة.
وأضاف أن "الاحتلال يريد فرض هيمنته وسيطرته على الأقصى، وتحديد متى نعتكف ومتى نرابط، وإعطاء الأولوية لأعياد اليهود كي يعيثوا فسادًا داخل المسجد المبارك، ويؤدي طقوسهم وصلواتهم التلمودية".
ضوء أخضر
وأوضح أن حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة هي من أعطت الضوء الأخضر لعناصر الشرطة المدججة بالسلاح لاقتحام الأقصى والاعتداء على المعتكفين وإخراجهم من المصلى القبلي، لتأمين اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى.
وأشار إلى أن شرطة الاحتلال بعدما سمحت للمصلين بالدخول للأقصى لأداء صلاة الفجر، شرعت بإخراجهم منه، كما اعتدت على عدد من المصلين أثناء أداء صلاة الضحى، وسمحت لأعداد قليلة بالتواجد داخل المسجد، لكن بعيدًا عن مسار المقتحمين.
ووفق أبو دياب، فإن قوات الاحتلال استهدفت كل من تواجد في طريق المستوطنين المقتحمين واعتدت عليهم، حيث يبدأ الاقتحام من باب المغاربة والتجول أمام المصلى القبلي باتجاه الجهة الشرقية من المسجد، وصولًا لباب الرحمة، وخروجًا من باب السلسلة.
وحول توقعاته لما سيحدث مساء اليوم، قال الباحث المقدسي: إن "سلطات الاحتلال باعتداءاتها على المعتكفين والمصلين وتفريغ المسجد الأقصى اليوم، حققت ما أرادت، وستحاول تخفيف حدة التوتر ومنع أي تصعيد، لإتاحة المجال أمام المتطرفين لأداء طقوسهم التلمودية والاحتفال بعيد الفصح داخل الكنس".
واستبعد أبو دياب، سماح الاحتلال للمستوطنين بـ"ذبح القرابين" داخل الأقصى، والذي سيشهد تواجدًا كبيرًا للمصلين والمرابطين داخله مساء اليوم.
وفجر الأربعاء، أصيب عشرات المعتكفين بالاختناق والأعيرة المعدنية، خلال اقتحام قوات الاحتلال، باحات المسجد الأقصى والمصلي القبلي، لإخلاء المصلين والمعتكفين منه بالقوة.
وبدا المشهد في المصلى القبلي كساحة حرب ومواجهة، بعدما حطمت قوات الاحتلال نوافذه وحاصرت مئات المعتكفين بداخله، وأطلقت وابلًا كثيفًا من الأعيرة المطاطية وقنابل الصوت والغاز السام اتجاههم.