على أنغام الأهازيج الشعبية التراثية الفلسطينية، يعلن "باص حارتنا"، انطلاق فعالياته الترفيهية للأطفال ليلاً، في إحدى قرى خان يونس المهمشة جنوب قطاع غزة؛ على هذه الشاكلة التراثية الجميلة منذ مطلع شهر رمضان المبارك.
يتوقف الباص منتصف الطريق أو وسط حي نائي كل يوم بعد الانتهاء من صلاة التراويح، معلنًا بدء وجبة سعادة جديدة لتغذية الأطفال في المناطق الريفية والنائية في قرى وبلدات خان يونس الحدودية.
يتطوع في "باص حارتنا" عددًا من الشباب إضافة إلى كبير سن وطفلٌ، يحافظون خلال عملهم على ارتداء الملابس التراثية؛ ولكلِ واحدٍ منهم دورًا يؤديه ما بين "حكواتي، عازف، مغني، ضارب لآلة الدف..".
وخط القائمون على مبادرة الباص، اسم مبادرتهم فيما تزين بالزينة الرمضانية، بينما اصطحبوا معهم فانوسًا تراثيًا قديمًا، ومقاعد خشبية قديمة يجلسون عليها، مرتدين ملابس تراثية، وفراشًا يزين مقاعدهم؛ كما حملوا الهدايا لتوزيعها على الأطفال.
ويقول مسؤول المبادرة محمد أبو لحية لمراسل "صفا": "(باص حارتنا) يُعد فعالية متنقلة داخل الأحياء الشعبية والنائبة، والمدارس الموجودة داخل بلدة القرارة وخارجها، من أجل إحياء روح التراث الثقافي، من خلال استخدام عناصر تُحاكي تراثنا الفلسطيني".
ويضيف أبو لحية "يتجول الباص بزينته، وحُلته المميزة الجديدة بعدد من الأحياء النائية المحرومة من الخدمات الثقافية، والفنية، بالتعاون مع اللجان الشبابية المتواجدة في هذه الأحياء".
وبدّت السعادة جليةً على وجوه الأطفال، أثناء التصفيق والتفاعل مع الحكواتي الذي يتحدث معهم عن قصة طريفة مضحكة من وحي الخيال، يؤديها بأصواتٍ مُختلفة؛ فميا زاد نشاطهم وتفاعلهم مع وصول فقرة الأسئلة وتوزيع الهدايا التي اختتمت لنا الفعالية.
ويقول مسؤول المبادرة إنهم يبذلون جهودهم لحماية الموروث الثقافي الفلسطيني، بجانب الترفيه عن الأطفال الذين يعيشون في أحياء نائية مهمشة، قريبة من الحدود، تعرضت للحروب وعمليات قصف كثيرة؛ ما أثر نفسيا على تلك الشريحة.
ويلفت إلى أن الهدف من المبادرة، "الوصول إلى أكبر عدد من أطفال المناطق المهمشة، وتقديم الدعم النفسي، والاجتماعي لهم من خلال إتاحة الفرصة لهم في الأحياء التي لا يستطيعون الخروج منها إلا للضرورة القصوى نظرًا للأوضاع الاقتصادية؛ بجانب إحياء التراث الثقافي من خلال إشراك الأطفال في الفعاليات، ودفعهم للاعتزاز بموروثهم، والمساهمة في الحفاظ عليه".
ويوضح أبو لحية أن "باص حارتنا"، يقوم بأنشطة مختلفة خلال رحلته اليومية ما بين "عرض دبكة فلكلوري، سرد حكواتي، مديح نبوي، مسابقات ثقافية ترفيهية، ألعاب؛ غناء تراثي؛ عرض للأدوات الزراعية، والأثواب التراثي؛ العزف على الآلات الموسيقية المحلية..".
أما أحمد حسنين أحد أعضاء فرقة الباص، يقول: "دخولنا بمبادرة الباص على الأحياء الحدودية، تركنا أثرا إيجابيًا كبيرًا في نفوسهم، وبدا ذلك من خلال تفاعلهم معنا، وأصبحوا يتمنون أن نكون باستمرار بينهم".
ويلفت حسنين إلى أن المناطق النائية متعطشة لهكذا فعاليات خاصة التي تحمل طابع تراثي، وينشد الكثيرين صغارًا وكبارًا لتلك النشاطات، وعندما يصل الباص يتجمع حوله العشرات بل وصل للمئات في بعض الأحياء.
بدورها، تشيد أسيل النجار إحدى سكان حي النجار الحدودي شرقي بلدة خزاعة شرقي محافظة خان يونس بالمبادرة؛ معتبرة إياها نوعية تساهم بشكل كبير في الترفيه عن الأطفال الذين تعرضوا للعذابات ويعيشون الرعب يوميًا حتى في فترات الهدوء، خشية حدوث قصف أو تصعيد.