شكّلت عملية حوارة جنوب نابلس والتي نتج عنها مقتل مستوطنَين ضربة قاصمة للاحتلال وللجهود التي يبذلها لوأد حالة النضال والمقاومة في القدس والضفة الغربية المحتلتين، في الوقت التي كان يجتمع فيها ممثلون عن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بوفد رسمي من السلطة الفلسطينية وبجهود عربية وبرعاية أمريكية في مدينة العقبة الأردنية لذات الهدف.
وحظيت هذه العملية باهتمام شديد من ناحية الجغرافيا والتوقيت الزمني، كونها تأتي بالتزامن مع انعقاد "قمة العقبة الأمنية" التي تتمحور حول بحث ومناقشة ملفات أمنية وعسكرية تهدف "لإعادة الهدوء للمنطقة"، كذلك مكان حدوثها بمنطقة نابلس بعد تنفيذ الاحتلال لمجزرة قبل أيام بالمدينة والبلدة القديمة نتج عنها 11 شهيدًا وعشرات الجرحى.
وقُتل مستوطِنان إسرائيليَان، ظهر الأحد، في عملية إطلاق نار ببلدة حوارة جنوبي نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة.
وقالت إذاعة جيش الاحتلال، وفق ترجمة وكالة "صفا"، إن العملية وقعت قرب دوار عينابوس في حوارة، حيث تعرضت مركبة إسرائيلية لهجوم بالرصاص، وأدت لمقتل المستوطنَين.
رسالة فشل
الكاتب والمحلل سعيد بشارات، قال لـ "صفا"، إن العملية ليست ردًا للفعل والانتقام فقط لدماء شهداء شعبنا، وإنما حالة مستمرة تجري في الضفة والقدس وخاصة في هذه المنطقة التي تعج بالمستوطنات والمستوطنين الخطيرين ممن يتبنَوا أكثر المواقف تطرفًا.
وذكر بشارات أن العملية بمثابة رسالة إعلان فشل للاحتلال ولكل سياساته الرامية لوأد الحالة المتطورة من النضال والمقاومة "في وقت يجتمع فيه الاحتلال في العقبة لقتلها وإنهائها بمساعدة عربية ورعاية أمريكية".
وبحسب بشارات، فإن هذه العملية نُفذت في منطقة شمال نابلس التي تعج بعتاة المستوطنين المتطرفين في وقت لم يجف بعد دماء الشهداء الـ 11 التي قتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي قبل أيام في المدينة والبلدة القديمة.
وأضاف "هذه العملية من ناحية التوقيت، تأتي تزامنا مع -قمة العار- في العقبة والتي تضم مجموعة من المتآمرين على الشعب الفلسطيني لأجل انتاج تجربة 2002 في ذلك الوقت لوأد حالة المقاومة والنضال المستعرة بالضفة والقدس المحتلتين".
ولفت الكاتب والمحلل بشارات، إلى أن هذه العملية من ناحية الرسائل، تؤكد على رفض كل مخرجات هذا الاجتماع وإعطاء إشارة "أن الشعب ومقاومته في اتجاه، والسلطة التي ذهبت للعقبة لتعزيز نفسها أمنيا وتجديد طاقة تستجديها من العدو لضرب المقاومة نيابة عن الاحتلال بمقابل شخصي يستفيد منه بعض الأشخاص المتنفذين في اتجاه آخر" .
وتابع " هذه العملية للتأكيد على أن الزمرة التي ذهبت للعقبة لن تستطيع إعادة انتاج مخرجات ما بعد انتفاضة الأقصى".
الكاتب والمحلل إبراهيم المدهون، اعتبر أن عملية حوارة في السياق الطبيعي المقاوم لشعبنا، مشيرا إلى أنه من الطبيعي بعد كل مجزرة تُنفذ العمليات ويتم استهداف غلاة المستوطنين وجيش الاحتلال.
وقال :" ليجتمع في العقبة من يجتمع، فلا يعني لشعبنا شيئا، فمن يمثل شعبنا بندقيته ومن يحملها ويقاوم بها، وهي رسالة لهم إن اجتماعكم في تضليل".
ولفت إلى أن اختيار وقت العملية له بعد سياسي ردًا على اجتماع العقبة، وردًا على الخطة الأمنية الأمريكية، "كما أن اختيار مكانها قرب نابلس لها بعد ميداني ثأري، بأن الدم بالدم، والنار بالنار والجريمة والمذبحة، بالعملية البطولية".
وأشار إلى أن العملية تؤكد أن المقاومة مستمرة، والاشتباك واسع، ولا مستقبل للاحتلال تحت شمس الضفة، وأن محاولة إنقاذ العدو في اجتماع العقبة لن يكتب له النجاح.
وأضاف " هذه العملية تنفيذًا لوصية شهداء عرين الأسود بألا تتركوا البندقية، فرهان العدو على إرهاب شعبنا لن بنجح".
عملية معقدة ودقيقة
الكاتب والمحلل أيمن الرفاتي، قال إن العملية من الناحية الأمنية "معقدة ودقيقة".
ولفت إلى أن المنطقة التي جرت بها العملية فيها تعج على مدار الساعة بأعداد كبيرة من الجنود وجيش الاحتلال، حيث أنه وبحسب المصادر الميدانية، كل 50 متر تقريباً تنتشر قوات الاحتلال في هذا المكان، بل تنتشر في المباني القريبة وحدات قناصة للجيش.
وذكر أن منفذ العملية يبدو أنه استطاع تجاوز هذه التعقيدات واختار الوقت المناسب الذي لا يكون فيه انتشار الجيش كبيراً، ونفذ عمليته باقتدار، وانسحب من المكان أيضا رغم كل التعزيزات الأمنية.
وبيّن أن عملية حوارة تشبه إلى حد ما عملية الشهيد عدي التميمي الأولى على حاجز شعفاط والتي عاد منها رغم حجم التعزيزات التي كانت في المكان.
وبحسب الكاتب الرفاتي، يبدو أننا أمام جيل فلسطيني فريد، ينفذ عملياته بطريقة مميزة دون أن يخاف من التعقيدات والحشودات الأمنية في المكان.
وختم " وهذا بالنسبة للاحتلال أمر في غاية الخطورة، وينسف كل معنى لحالة الردع التي يريد الاحتلال زرعها في عقول ونفوس من يرغبون في تنفيذ عمليات فدائية".