تشهد مدينة القدس المحتلة تصاعدًا خطيرًا في وتيرة اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته العنصرية بحق المقدسيين وممتلكاتهم، في محاولة لزيادة الضغط عليهم، وكسر شوكتهم، وإضعاف صمودهم وتحديهم له.
ولم تسلم أي بلدة أو حي مقدسي منذ صباح يوم الأحد، من تلك الاعتداءات، التي تمثلت باقتحام طواقم بلدية الاحتلال برفقة عناصر من الشرطة والقوات الخاصة عدة أحياء وبلدات مقدسية، ومداهمة العديد من المنازل، والتضييق على المقدسيين عبر الحواجز العسكرية المنتشرة على مداخل الأحياء، وتحرير المخالفات وفرض الغرامات المالية.
وتأتي هذه الاعتداءات على خلفية عملية الدهس التي نفذها الشهيد حسين قراقع، الجمعة الماضي، في حي "راموت" الاستيطاني بالقدس، وأدت لمقتل ثلاثة مستوطنين وإصابة آخرين.
وتُعد بلدة العيسوية شمال شرقي القدس الأكثر استهدافًا من قبل قوات الاحتلال، إذ تتعرض منذ الجمعة الماضي، إلى هجمة إسرائيلية متواصلة، تتمثل في الاقتحامات والمداهمات الليلية للمنازل، ونصب للحواجز العسكرية على مداخل البلدة وفي شوارعها، وسط تضييقات على الأهالي.
عضو لجنة المتابعة في العيسوية محمد أبو الحمص يقول: إن" الوضع في البلدة صعبًا وسيئًا للغاية، خاصة بعد إغلاق منزل عائلة الشهيد حسين قراقع في بلدة الطور، واعتقال عددًا من أفراد عائلته".
ويوضح أبو الحمص، لوكالة "صفا"، أن البلدة تتعرض لهجمة شرسة من قبل قوات الاحتلال لم تتوقف، بل ازدادت وتيرتها عقب عملية القدس، وشملت اقتحامات وتحرير مخالفات وفحص مركبات للأهالي، وفرض غرامات مالية على المركبات ومسح للشعارات الوطنية عن جدران البلدة.
ويشير إلى أن طواقم من بلدية الاحتلال داهمت اليوم عدة منازل في البلدة، وهددت ساكنيها، كما صادرت "بسطة كعك مقدسي" في البلدة، وداهمت طواقم من مؤسسات الاحتلال المنشآت التجارية وفحصت الملفات والأوراق.
ويضيف أن كل هذه الإجراءات الإسرائيلية تأتي بتعليمات من وزير الأمن القومي الإسرائيلي "إيتمار بن غفير"، بهدف الضغط على أهالي العيسوية، وكسر إرادتهم ومعنوياتهم، ومحاصرة البلدة خاصة، والمدينة المقدسة عامةً.
ويبين الناشط المقدسي، أن الاحتلال دائمًا ما يستهدف بلدة العيسوية وأهلها، ونتوقع تصعيد الأوضاع والإجراءات العنصرية بحق المقدسيين، وخاصة في بلدات العيسوية وجبل المكبر وسلوان.
ويلفت إلى أن هذه البلدات المقدسية تُعد المناطق الأكثر احتكاكًا مع قوات الاحتلال، نظرًا لوجود بؤر استيطانية في سلوان، وهناك مساعٍ إسرائيلية لفرض مزيد من السيطرة على البلدة.
ويؤكد أن الاحتلال يُريد الانتقام من المقدسيين، ولاسيما في جبل المكبر، على خلفية تصديهم لجرافات الاحتلال وعمليات الهدم خلال الأيام الماضية، بالإضافة إلى استهداف أهالي العيسوية، الذي خرج منها منفذ عملية القدس.
ويشدد على أن اعتداءات الاحتلال وإجراءاته الظالمة لن تثنينا عن مواصلة دفاعنا عن منازلنا وأراضينا، بل ستزيدنا صمودًا وثباتًا في المدينة.
وتشهد أحياء بلدة سلوان مداهمات إسرائيلية واعتقالات، وعمليات تنكيل بالأهالي، بالإضافة إلى عمليات هدم لمنازل ومنشآت تجارية.
واندلعت مواجهات مع قوات الاحتلال في حي بطن الهوى، عقب اعتقال المقدسي كايد الرجبي وزوجته، وتم إطلاق القنابل الصوتية تجاه الشبان ومنازل الأهالي بكثافة.
وفي سياق آخر، قررت سلطات الاحتلال إغلاق شقة عائلة الطفل محمود عليوات (13 عامًا) في حي كرم الشيخ بسلوان، والذي تتهمه بتنفيذ عملية إطلاق النار في حي وادي حلوة بالبلدة نهاية كانون الثاني/يناير الماضي.
ومنذ إصابته واعتقاله عقب العملية، ما يزال يرقد الطفل عليوات في مستشفى "هداسا عين كارم" غربي القدس، بحالة صحية صعبة.
ولم يسلم مخيم شعفاط شمال شرقي المدينة من اعتداءات الاحتلال، إذ داهمت القوات عددًا من المحلات التجارية وفرضت غرامات مالية على أصحابها، كما اعتقلت شابًا.
وفي بلدة جبل المكبر، داهمت طواقم بلدية الاحتلال عدة منازل، وسلمت أصحابها إخطارات هدم لمنازلهم ومنشآتهم التجارية.
ومساء السبت، أخطرت محكمة الاحتلال خمسة مقدسيين بإخلاء منازلهم في البلدة، تمهيدًا لهدمها، بحجة البناء دون ترخيص.
وأطلق نشطاء مقدسيون دعوات للتواجد والرباط في جبل المكبر، للتصدي لمجزرة الهدم، إذ تخطط سلطات الاحتلال لهدم عشرات المنازل بالبلدة.