مجددًا، عادت بلدية الاحتلال في القدس المحتلة لإثارة قضية هدم مسجد الرحمن في بلدة بيت صفافا جنوب شرقي المدينة، والضغط باتجاه تنفيذ القرار، بحجة أن قبته الذهبية تشبه قبة الصخرة المشرفة داخل المسجد الأقصى المبارك، مما يشكل هاجسًا للمستوطنين.
وخلال العام الماضي، أخطرت بلدية الاحتلال بهدم القبة الذهبية بالمسجد القائم في شارع التوحيد بالبلدة، بعدما جرى ترميمه، وذلك بحجة البناء دون ترخيص.
وبحسب وسائل إعلام عبرية فإن بلدية الاحتلال قدمت بالفعل طلبًا إلى المحكمة لإصدار أمر لتنفيذ الهدم، الذي كان مقررًا تنفيذه العام الماضي، لكن خشية حدوث موجة تصعيد في القدس تم تأجيل التنفيذ.
وقال موقع "واللا" العبري: إن "الوضع قد يختلف الآن، وربما يتم تنفيذ الهدم في ظل دعوة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير لزيادة وتيرة الهدم".
وسابقًا، توجهت منظمات يمينية متطرفة إلى بلدية الاحتلال، للمطالبة بهدم القبة فورًا، "حتى لا تصبح المنطقة حرمًا شريفًا، ولا تصبح القدس كمكة المكرمة".
ومسجد الرحمن قديم قائم منذ أكثر من 100 عام، يقع على مساحة 300 متر مربع تقريبًا، ويعد أحد أربعة مساجد في بيت صفافا، وتم خلال السنوات الماضية ترميمه وبناء بعض المرافق والإضافات له، وهو ما لم يرق للمستوطنين الذين احتجوا على أن قبّته تُشبه قبة الصخرة، وتشكل خطرًا في موقعها ومكانها.
تحريض واستفزاز
مختار بيت صفافا محمد عليان يقول: إن استهداف الاحتلال للقبة الذهبية في مسجد الرحمن تأتي في إطار التحريض لتنفيذ عمليات الهدم، خاصة في ظل وجود الحكومة اليمينية المتطرفة والوزير بن غفير الذي يسعى إلى تنفيذ أوامر الهدم في المدينة المقدسة، بحجة أنها غير قانونية وغير مرخصة.
ويوضح عليان في حديث لوكالة "صفا"، أن الاحتلال يريد إثارة الموضوع وإيجاد أي ذريعة من أجل اقتحام بلدة بيت صفافا ومحاولة استفزاز الأهالي، عبر الضغط باتجاه تنفيذ قرار هدم المسجد، والقيام بأعمال استفزازية وعنصرية تثير غضبهم، باعتباره رمزًا إسلاميًا.
ويضيف: "قدمنا اعتراضًا لبلدية الاحتلال على قرار الهدم، وحاولنا خلال السنوات الماضية استصدار تراخيص بناء للمسجد، إلا أن البلدية تضع عراقيل أمام ذلك".
ويشير إلى أن لجنة المساجد في بيت صفافا وبتطوع وتبرع من الأهالي وأهل الخير بالقدس أجروا عمليات ترميم للمسجد، لكن بلدية الاحتلال تصر على هدم قبته الذهبية، بادعاء أنها تشبه قبة الصخرة، رغم أن هذه القبة ليست بديلة للمسجد الأقصى.
ويبين أن "بن غفير" يحاول خلق أجواء مشحونة وتنفيذ أعمال استفزازية في كل بلدات وأحياء القدس، بهدف إرضاء المستوطنين، الذين يستغلون تواجده كوزير الأمن القومي في الحكومة الإسرائيلية المتطرفة للتحريض على المقدسيين ومقدساتهم الإسلامية.
وبيت صفافا تقع على مسافة 6 كم جنوب شرقي القدس، وتقدر مساحة أراضيها بـ 3314 دونمًا، تُحيطها المستوطنات من جميع الجهات، صادرت سلطات الاحتلال مئات الدونمات من أراضيها لصالح شق شوارع استيطانية، تقطع أوصالها، وتعزلها عن محيطها.
كابوس الهدم
وبحسب عليان، فإن تحريض المستوطنين المتواصل على مسجد الرحمن وقبته دفع بلدية الاحتلال للمطالبة بهدمه والضغط تجاه تحقيق ذلك، ما يعني أن كابوس الهدم بات يتهدد المسجد أكثر من أي وقت مضى.
ويتابع "توجهنا عبر محامين لمحكمة الاحتلال من أجل وقف هدم المسجد، وسنواصل مساعينا وإجراءاتنا القانونية لمنع تنفيذ القرار"، محذرًا في الوقت نفسه، من خطورة إجراءات وقرارات الاحتلال التي تستهدف المساجد في المدينة المقدسة.
ويدحض عليان ادعاءات المستوطنين، قائلًا:" كلها باطلة لا أساس لها من الصحة، هدفها التشويه والتحريض، لأن قبة المسجد عبارة عن معدن مطلي بلون الذهب فقط".
ويقول مختار بيت صفافا: "نحن كأهالي ومخاتير البلدة نرفض قرار الهدم، وسنعمل بكافة الوسائل على وقفه، باعتباره خط أحمر وبيت من بيوت الله، لن نسمح بهدمه والمساس به، وسندافع عن مسجدنا وبيوتنا وأرضنا بكل الإمكانيات المتاحة".
ولمنع هدم المسجد، قدم محامون مقدسيون سابقًا اعتراضًا أمام محكمة الشؤون المحلية الإسرائيلية، وقالوا في الاعتراض: "من المعروف أن دافع الهدم هو إزالة رمز ديني إسلامي من سماء بيت صفافا والقدس، بسبب عدم تسامح الأحزاب السياسية مع وجود بيوت العبادة الإسلامية فيها".
وأضاف المحامون أن "بلدية الاحتلال في القدس علمت ببناء القبة عام 2018، ولم تعترض عليه، لكنها فطنت لذلك عام 2022 بعد شكوى المستوطنين".