للمرة الأولى منذ انتهاء انتفاضة الأقصى، برزت في الآونة الأخيرة مجموعات مسلحة للمقاومة تنشط ضد الاحتلال في مدينة أريحا وسط الضفة الغربية المحتلة.
وعلى غرار مدينتي جنين ونابلس شمال الضفة، بدأت مظاهر لمجموعات مسلحة صغيرة بالعمل في محافظة أريحا مركزها مخيم عقبة جبر للاجئين الواقع في الواجهة الغربية من المدينة.
واستهلت مجموعات المقاومة باكورة عملياتها، بمهاجمة مطعم للمستوطنين عند ما يسمى بمفترق "ألموغ" على طريق رئيسي يصل للمدينة، إذ وصف المحللون العسكريون والسياسيون الإسرائيليون العملية بـ"الخطيرة".
وعلى إثرها، أقدم الاحتلال على فرض طوق أمني وحواجز على أريحا لأكثر من عشرة أيام، وقام بحملات مداهمات وملاحقات لاعتقال المنفذين، تخللها وقوع اشتباكات بين قوات الاحتلال ومجموعات المقاومة، استشهد على إثرها خمسة مقاومين من كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس.
اتساع جغرافي
وعن ذلك، يقول المحلل السياسي عامر المصري، إن حالة المقاومة في الضفة مرشحة للاتساع وعدم اقتصارها على مدينتي نابلس وجنين.
ويوضح المصري لوكالة "صفا "أن الاتساع والتمدد عائد إلى ما أفرزته ظاهرة المقاومة في نابل وجنين، إذ شكلت حالة إلهام للجيل الشاب، وهو ما بدا واضحا من خلال صور ومرئيات الشهداء، وما يقومون به من مهاجمة للاحتلال وحالات التصدي وأعمال مقاومة، وارتقائهم في نهاية المطاف.
ويضيف المصري أنه وفي ضوء صعود اليمين الإسرائيلي لسدة الحكم، والبدء بتنفيذه لتنبؤاته والتي تنطوي على حرب وجودية ضد الفلسطيني في أماكن تواجده، إضافة إلى زيادة إجرام الاحتلال وعنفه اتجاه كل ما هو فلسطيني.
ويتوقع المحلل أن ما يقوم به الاحتلال سيقود لتصاعد النسق المقاوم ومنتسبيه، في ظل استشعار الكل الفلسطيني بالخطر الوجودي، ومدى العنف والإرهاب الذي تقوده حكومة الاحتلال ومن خلفها المستوطنين.
ويرى المصري أن اتساع رقعة المواجهة على الأرض، وزيادة مجموعات المقاومين في الضفة الغربية، جعل أوساط إسرائيلية وأمريكية تتنبأ باندلاع موجة جديدة في الأراضي الفلسطينية.
ويشير إلى أن الولايات المتحدة دفعت بوزير خارجيتها إلى المنطقة، بغية تهدئة الأمور ووضع كوابح ومحددات على سلوك اليمين المتطرف.
تركيبة جديدة
أما الكاتب أحمد العاروري، فيرى أن ظهور مجموعات للمقاومة في أريحا بتركيب جديد وحجم أكبر، له أبعاد مختلفة عن باقي مناطق الضفة.
ويوضح العاروري لوكالة "صفا" أن مجموعات المقاومة برزت في السابق بمخيم عقبة جبر وتل السلطان بشكل أصغر وسرية تامة، خلافا للمجموعات في جنين ونابلس الكبيرة التي نشطت خلال انتفاضة الأقصى.
ويعتبر العاروري أن أريحا ومنذ بدايتها تعد مركزًا للسلطة، حيث نمت فيها مشاريع سياحية عنوانها "الاستقرار"، كما شهدت خلال السنوات الأخيرة موجة من شراء الأراضي والفلل السياحية.
لكنه ينظر إلى تطور المقاومة في المدينة بظهور الجيل الجديد المستند إلى إرث قديم ومتجدد، ومتحرر من الاعتبارات والقواعد المعهودة طوال الفترة الماضية.
ويتطرق الكاتب إلى انتقال التجربة إلى مناطق أخرى من الضفة، وعدم انقطاعها عن قرى وبلدات في الوسط والجنوب، بل ازدادت فيها عمليات المقاومة وعمليات إطلاق النار.
ويقول العاروري إن" ما يميز المقاومة في الضفة هو عامل "المفاجأة" الذي يخلق معه مسارات غير متوقعة، وحتى في التقديرات الأمنية الإسرائيلية فإن المرحلة المقبلة قد تكون أكثر شدة وشراسة".