قال رئيس التجمع الوطني المسيحي في الأراضي المقدسة ديمتري ديلياني، يوم الخميس، إن حكومة الاحتلال الإسرائيلي المتطرفة أعطت الضوء الأخضر للمستوطنين، لتكثيف اعتداءاتهم على الكنائس المسيحية في القدس المحتلة، واستهداف كل ما هو غير يهودي في المدينة.
وأوضح ديلياني، في حديث خاص لوكالة "صفا"، أن اعتداءات المستوطنين على المقدسات المسيحية ورجال الدين المسيحيين في المدينة المحتلة، تصاعدت وتيرتها في الآونة الأخيرة، وكان آخرها صباح اليوم، باعتداء ثلاثة مستوطنين على كنيسة "حبس المسيح" في البلدة القديمة مقابل المدرسة العمرية، ومحاولة إحراقها.
وأضاف أن "كل ما هو فلسطيني في المدينة مستهدف، وما حدث اليوم يُمثل جريمة عنصرية وإرهابية، واعتداءات كراهية، إذ تخللها تحطيم أيقونات وتماثيل تاريخية لا يمكن تعويضها".
وأشار إلى أن هذه الحادثة تُذكرنا باعتداء أحد المستوطنين على الكنيسة الرومانية الأرثوذكسية غربي القدس، قبل عامين، لافتًا إلى أنه "جرى تصوير الحدث وتقديم شكوى بحق المستوطن، إلا أنه لم يتم معاقبته، رغم تكرار اعتداءاته على نفس الكنيسة".
وبين أن الاعتداءات المتطرفة على المقدسات المسيحية ورجال الدين تكررت أكثر من مرة بالفترة الأخيرة، بما في ذلك اعتداء شرطي إسرائيلي على بطريرك الأرمن، أثناء تأديته شعائر رسمية في مقر البطريركية بالبلدة القديمة، دون معاقبته وتقديمه للمحاكمة.
وتابع أن "عدم معاقبة المستوطنين المعتدين منحهم الضوء الأخضر للاستمرار في اعتداءاتهم على المقدسات المسيحية دون دفع أي ثمن، لكن عندما يتم الاعتداء على الحي المسيحي، ويقوم الأهالي بالدفاع عن أنفسهم يتم اعتقالهم، بدلًا من اعتقال المعتدين".
زيادة العنصرية
وبحسب ديلياني، فإن "حكومة الاحتلال تُعطي هؤلاء المستوطنين غطاءً سياسيًا وليس أمنيًا فقط، من خلال تصريحات وزرائها وأعضاء الكنيست الذين يُحرضون بشكل واضح، ضد كل ما هو غير يهودي في القدس، سواء بالعنف أو زيادة الكراهية، أو إقناع المستوطنين بالروايات المضللة".
وأكد أن الحكومة اليمينية المتطرفة- كما تقوم بشكل مباشر باضطهاد الفلسطينيين وقمعهم وانتهاك حقوقهم- فهي شريكة مباشرة لعصابات المستوطنين في ارتكابها لهذه الجرائم.
وحول أسباب تصاعد تلك الاعتداءات، أرجع رئيس التجمع الوطني المسيحي ذلك إلى زيادة التطرف والعنصرية وتجسدها على شكل أعضاء كنيست يستخدمون أموال الضرائب ليُسوقوا كراهيتهم وعنصريتهم وفاشيتهم ضد الفلسطينيين ومقدساتهم.
وأضاف "للأسف بما أن دولة الاحتلال قائمة على أيدلوجية عنصرية، فإن الشعب الإسرائيلي يعد أكثر شعب في العالم لديه قابلية للانسياق حول أفكار بالغة الفاشية والعنصرية لا يقبلها أي شعب بالعالم".
والاعتداءات على الكناس ورجال الدين والمسيحيين والشواهد التاريخية، بدأت تتزايد بشكل ملحوظ- كما يوضح ديلياني- منذ عام 2012، حينما نصبت حكومة الاحتلال نفسها عدوًا لدودًا للعنصر المسيحي في الهوية الإسلامية المسيحية لمدينة القدس.
مواجهة الاعتداءات
ولمواجهة هذه الاعتداءات، أكد ديلياني أن بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس يُتابعونها من خلال المحامين وتقديم الشكاوى اللازمة والمتابعة القانونية في محاكم الاحتلال، من أجل إيقافها ومنعها، "رغم معرفتنا بأن الجهاز القضائي الإسرائيلي، وخاصة في ظل الحكومة اليمينية الحالية ما هو إلا أحد أذرع التهويد وتنفيذ الأجندات العنصرية".
وأشار إلى أن البطاركة ينفذون منذ سنوات، حملة دولية مستمرة لفضح ممارسات الاحتلال، والمطالبة بالتدخل الدولي لحماية المسيحيين والمسلمين ومقدساتهم الإسلامية والمسيحية في القدس، مبينًا أن هذه الحملة لاقت تجاوبًا كبيرًا.
وأوضح أن التجمع الوطني المسيحي يقوم بحملات دبلوماسية شعبية بشكل دائم، عبر التواصل مع الكنائس والأحزاب وشخصيات سياسية وأكاديميين وتجمعات طلابية في جميع أنحاء العالم، ووضعهم في صورة الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الفلسطينيين في القدس، والمساس بمقدساتهم وأرواحهم وممتلكاتهم.
ويُشكِّل الوجود المسيحي في القدس المحتلة جزءًا من تاريخ وعروبة المدينة وحاضرها، لذلك تسعى سلطات الاحتلال بكل الوسائل الممنهجة، لتهجير المسيحيين وتقليص أعدادهم في المدينة، وسرقة أملاكهم، بهدف طمس هويتهم.
ويواجه المسيحيون ضغوطا من المستوطنين المتشددين ومنظماتهم، ويتعرضون لمضايقات وإساءات لفظية وجسدية مستمرة، فضلًا عن فرض الضرائب على الكنائس.