لم تكن العملية التي وقعت في كفر قاسم بالداخل الفلسطيني المحتل، والتي استشهد فيها الشاب نعيم محمود بدير، سوى غيض من فيض انفجار قد تشهده أراضي الـ48 المحتلة؛ بسبب الضغط الإسرائيلي على الفلسطينيين فيها.
واستشهد بدير فجر الجمعة، بعد تنفيذه عملية إطلاق نار ودهس أدت لإصابة عنصرين من شرطة الاحتلال.
ويرى مراقبون أن العنصرية المقيتة التي تتعامل بها "إسرائيل" مع الفلسطينيين في الداخل، والضغط الذي يتعرضون له، في كل الملفات الوطنية والقومية، وحتى تلك المتعلقة بجرائم إطلاق النار، خاصة في ظل حكومة يمينية قادمة، قد يؤدي لتكرار مثل هذه العملية.
التهميش والضغط
ويقول المحلل السياسي والناشط بكفر قاسم سائد عيسى لوكالة "صفا": "إن العملية التي وقعت في كفر قاسم، دلالة على أن المجتمع الفلسطيني في الداخل ينزف، كما أن تعامل المنظومة الإسرائيلية مع السلاح في الداخل بمكيالين، قد ظهر مجددًا في تعامله مع الشاب مطلق النار".
ويقصد "أن إسرائيل تغض الطرف على السلاح الموجه ضد الفلسطينيين في الداخل، بل إنها تدعمه، وهذا سبب ما يجري من شلال دماء نتيجة تصاعد جرائم القتل، أما في حدث كالذي وقع أمس وحينما وجه السلاح لغير الفلسطيني، قامت القائمة ولم تقعد".
لذلك فإن هذه العنصرية في حتى النظر إلى أرواح المواطنين الفلسطينيين، قد تدفع لانفجار الأوضاع في الداخل، خاصة وأنهم يدفعون ثمن النظرة التهميشية لهم، والموقف الإسرائيلي الصامت تجاه سفك الدماء الحاصل، يقول عيسى.
ومن وجهة نظره، فإن عملية إطلاق النار في كفر قاسم، دلالة على أن الأمور والمشاكل التي تسببت بها المنظومة الإسرائيلية لفلسطينيي الداخل، ستنتقل نتائجها وعقباتها إلى المجتمع اليهودي، أي أن الأزمة التي اختلقتها لهم، ستنعكس على الكيان الإسرائيلي عامة.
كما يرى عيسى أن خطاب الحكومات الإسرائيلية العنصري تجاه الفلسطينيين، خاصة فيما يخص إطلاق النار عليهم والتعليمات والتوجيهات التي على أجندة الحكومة الحالية، خاصة مع تسلم المتطرف إيتمار بن غفير لمسئولية الأمن الداخلي، تسبب بهكذا حدث، وقد يتكرر، لأن شيئًا لن يتحسن تجاه الفلسطينيين مع الحكومة المقبلة.
ويشدد بالقول "أي حكومة إسرائيلية حتى تلك التي تصنف نفسها على أنها حكومة يسار، لن تكون حنونة أو أقل بطشًا من أي حكومة سابقة، لأنها تتعامل باستراتيجية شاملة مع كل ما هو فلسطيني، ولا يمكن لوزير هنا أو هناك أن يغير بهذه النظرة والسياسة شيء.
استخفاف وخطر أكبر
من جانبه، يقول الأمين العام للحزب الشيوعي في الداخل عادل عامر لوكالة "صفا"، إنه وبالرغم من عدم وضوح طبيعة العملية التي وقعت في كفر قاسم، إلا أن ما جرى هو اغتيال للشاب بدير، وهو يعكس استهتار "إسرائيل" بالدم الفلسطيني خاصة في أراضي 48.
ويضيف "الحدث يدلل على الاستخفاف بأرواح الفلسطينيين وتعمق العنصرية والفاشية، وهي ما ستكون جزء من سدة الحكم بعد أسبوع ونيف".
ويرى أن ما سبق، سيزيد الخطر أكبر على الفلسطينيين، ليس فقط من المتطرفين الفاشيين-في إشارة إلى المستوطنين- وإنما من سلطات الاحتلال ومسئولي الأمن نفسه في الحكومة المقبلة.
ويشير إلى أنه رغم صعوبة توقع تكرار مثل ما حدث في كفر قاسم، أو تفاقم الأوضاع بأراضي 48، إلا أن "الاتجاه واضح، خاصة أن من يتولى الأمن الداخلي هم من غلاة الفاشيين، وعلى رأسهم بن غفير".
ويوضح أن التغيير الذي حصل على بنية وزارة الأمن الداخلي، الذي يسمح للوزير بالتدخل اليومي في عمل قوات الاحتلال، سيشعل الأوضاع ويزيد الضغط في الشارع الفلسطيني.
وبالرغم من ذلك، إلا أن عامر ينوه إلى أنه سبق "بن غفير" فاشيين آخريين، بالقول "مرّ على الفلسطينيين بن غوريون، ومرّ أرئيل شارون، وبيغن، وغيرهم، وصمد الفلسطينيون في وطنهم وواجهوا، وسيواجهوا المسئولين القادمين، من منطلق انتمائهم الشديد لوطنهم وأرضهم فلسطين".