"اقتحامات واعتداءات بالضرب، وعمليات تنكيل، وإبعاد عن البلدة القديمة والمسجد الأقصى المبارك، ومنع من السفر"، هكذا يبدو المشهد اليومي في مدينة القدس المحتلة، جراء تصاعد اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته القمعية بحق المقدسيين.
وتتعرض أحياء وبلدات القدس لاقتحامات إسرائيلية مستمرة، ومداهمات للمنازل وعمليات تفتيش وتنكيل وقمع للمقدسيين، وفرض الحبس المنزلي والاعتقال الإداري على العشرات من الأسرى والنشطاء، بالإضافة إلى إخطارات الهدم، وقرارات الإبعاد عن الأقصى والبلدة القديمة.
وما تزال المخططات والمشاريع الاستيطانية تعصف بالمدينة المقدسة، في محاولة لإطباق السيطرة الإسرائيلية الكاملة عليها، وعزلها عن محيطها الفلسطيني.
ولم تسلم المحلات التجارية في البلدة القديمة من الممارسات والمداهمات الإسرائيلية، وفرض المخالفات والضرائب على أصحابها، كما منعت بلدية الاحتلال وصول السيارات المخصصة لنقل البضائع إلى خارج البلدة من دخولها، مما فاقم من معاناة التجار وأوضاعهم الاقتصادية.
واقع جديد
وفي الآونة الأخيرة، صعدت سلطات الاحتلال من وتيرة اعتداءاتها على المقدسيين والمقدسات، نتيجة صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة، والتي تتخذ من عملية الاعتداء المتكرر واليومي وسيلة لزيادة قمعها واعتقالها للمقدسيين، كما يقول المحامي المقدسي مدحت ديبة
ويوضح ديبة في حديث لوكالة "صفا" أن الاحتلال يُريد من خلال تصاعد اعتداءاته، فرض أمر واقع جديد على المدينة المقدسة، ومحاولة زرع الخوف لدى المقدسيين، من أجل إفراغ المسجد الأقصى والمقدسات، وفتح المجال لأكبر عدد من المستوطنين لاقتحام واستباحة تلك المقدسات، دون أي إعاقات.
ويشير إلى أن سلطات الاحتلال أصدرت عشرات قرارات الاعتقال الإداري بحق المقدسيين، والذي بات اعتقال اعتيادي لديها، ونحن لاحظنا ازديادًا في وتيرة هذا النوع من الاعتقالات، مما يشكل عقابًا خارج إطار القانون.
ويضيف "نحن نتابع الاعتقالات باستمرار في القدس وبشكل منظم، سواء من خلال محامين مستقلين أو تابعين لمؤسسات حقوقية، وغيرها".
رأس الحربة
وأما المختص في شؤون القدس ناصر الهدمي فيقول إن الاحتلال يعي تمامًا أن المقدسيين يُشكلون أكبر عائق أمام تنفيذ مخططاته التهويدية في المدينة المحتلة، والتي يعتبرها "عاصمته الأبدية، ويريد إثبات سيادته وسيطرته عليها".
ويضيف في حديث لوكالة "صفا"، أن "الاحتلال يرى أن المقدسيين يحتجون باستمرار على سياساته العنصرية، وأفشلوا سابقًا مخططاته في حي الشيخ جراح والمسجد الأقصى، وباب العامود، فهم يُشكلون رأس الحربة في المواجهات، وكانوا سببًا في اندلاع معركة سيف القدس".
ويوضح أن "أهل القدس بالنسبة للاحتلال يُشكلون العدو الذي على احتكاك دائم معه، ويُحافظون على عروبتها وهويتها العربية والإسلامية، ومجرد وجودهم في المدينة يُفسد عليه مخططاتهم".
وعلى مدار السنوات السابقة، فشلت "إسرائيل" في جعل القدس عاصمتها الأبدية، والتي تُعبر عن روايتها التلمودية، بل على العكس تمامًا، أظهرت ضعفها وكذب روايتها، وعدم قدرتها على حسم قضية القدس، في ظل احتدام الصراع.
ولذلك يستهدف الاحتلال المقدسيين- كما يؤكد الهدمي- ويتفنن في قمعهم والتنكيل فيهم، عبر استخدام كافة الأساليب العنصرية ضدهم، من اعتقالات وإبعادات، وملاحقات مالية، وهدم للمنازل، ومنع من السفر، وغيرها، بغية إضعافهم ودفعهم للاستسلام وتذويبهم داخل المجتمع الإسرائيلي.
ويشير الناشط المقدسي، إلى أن نتائج الانتخابات الإسرائيلية السابقة تعد الأكثر عنصرية، وقد شكلت مرحلة جديدة في تاريخ ومستقبل القدس وكل فلسطين، لافتًا إلى أن الاحتلال أعد مجموعة من السياسات والاستراتيجيات لحسم معركته مع الفلسطينيين.
إجراءات عنصرية
ويؤكد أن الاحتلال يُعد العدة لمجموعة من الإجراءات التي ينوي تنفيذها بحق المقدسيين، بهدف كسر شوكتهم، وإضعاف صمودهم وتحديهم ومواجهتهم له، وخاصة في المسجد الأقصى والشيخ جراح وسلوان وباب العامود وبلدة الطور، بالإضافة إلى إعادة فتح ملفات ومخططات لم تتمكن الحكومة السابقة من تنفيذها على الأرض.
من جهته، يؤكد مستشار ديوان الرئاسة لشؤون القدس أحمد الرويضي أن حراكًا تقوده الجماعات الاستيطانية ونشطاء من أحزاب اليمين المتطرف وبعض المرشحين للحكومة المقبلة في اسرائيل، يستهدف تعزيز فرض إجراءات جديدة بالقدس تعزز من سيادة دوائر الاحتلال المختلفة، وتفرض واقعًا يُقلص الوجود الفلسطيني
ويوضح أن الهدف من ذلك إحداث تغيير ديموغرافي وجغرافي يعزل القدس بشكل أوسع عن باقي الأرض الفلسطينية، ويؤدي الى خلق حقائق جديدة على الأرض تمنع أي تحرك سياسي مستقبلي على أساس حل الدولتين.
ويشير إلى أن المعطيات لدينا تشير إلى زيادة في الانتهاكات والاعتداءات يخطط لها، تشمل بناء آلاف الوحدات الاستيطانية تحديدًا في بلدات بيت صفافا وصور باهر ومشروع "E1" المؤجل، ومطار قلنديا، و"عطروت" وغيرها.