أجمع مختصون في الشأن الإسرائيلي والدولي أن الحكومة الإسرائيلية المقبلة، التي يُتوقع تشكيلها هذا الأسبوع، ستكون أكثر تطرفًا تجاه شعبنا، وسيكون أمامها العديد من العقبات على الشأن المحلي والدولي.
وخلال ندوة حوارية نظمها مركز الدراسات السياسية والتنموية بمدينة غزة، بعنوان "الحكومة الإسرائيلية القادمة وتأثيرها على المنطقة"، بحضور صحفيين، بينهم مراسل وكالة "صفا"، ومحللين وشخصيات اعتبارية، تحدث رئيس المركز مفيد أبو شمالة عن أهمية مناقشة تداعيات تشكيل هذه الحكومة.
وأوضح أبو شمالة أن حكومة الاحتلال المقبلة ستسعى لتغييرات جذرية حول فصل بين السلطات وقانون الكنيست ورئيسه.
ولفت إلى أن توزيع الأدوار بالوزارات السيادية الإسرائيلية دفع أعضاء من حزب الليكود للاعتراض على هذه التقسيمة، مشيرًا إلى أن هناك شبح تهديد بمزيد من التوتر في العلاقة بين أمريكا و"إسرائيل".
وذكّر أبو شمالة بحالة التصعيد المستمرة بساحة الضفة الغربية، متسائلاً" كيف سينعكس تشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة على محاولة قمع انتفاضة شعبنا في الضفة من قبل هؤلاء المتطرفين؟".
عقبات عديدة
وفي السياق، أشار المختص بالشأن الإسرائيلي مؤمن مقداد إلى أن نتنياهو استنفذ المدة التي منحت له بعد فوزه بالانتخابات وهي (28 يومًا) وهذا ما أدخله في صراع كبير، متوقّعًا تشكيل هذه الحكومة وأنها ستواجه الكثير من العقبات والتعقيدات.
وقال مقداد "المرحلة المقبلة هي مرحلة مقعدة جدًا؛ لأن كل وزير أو شخصية سواء "بن غفير" أو "سموترش" أو "أدرعي" لهم نفوذ أو أذرع بالوزارات المختلفة، مضيفًا أن شخصيات بحزب الليكود يعتبرون أن نتنياهو تخلى عنهم في توزيع الوزارات السيادية.
وأضاف "الشركاء في الحكومة الإسرائيلية وضعوا بعض الشروط والقوانين التي تقيد نتنياهو ببعض الصلاحيات، ولم تعد مطلقة كما كان سابقًا.. هو بالفعل في أزمة".
وأوضح مقداد أن السيناريو الأقرب هو تشكيل حكومة، وتجاوز اغلب العقبات، وذلك لا يعني وجود مشاكل، لكن هذا لا يعني أن الحكومة ستستمر لمدة طويلة، نظرًا لوجود تعقيد كثيرة جدا وتداخل في الصلاحيات".
زيادة التطرف
المختص بالشأن الإسرائيلي سعيد بشارات، قال إن نتنياهو سيعلن الثلاثاء القادم عن تشكيل الحكومة الإسرائيلية، لافتا إلى أنه استلم وشركائه لحكم بشكل فعلي، وإن كانوا لم يعلنوا رسميًّا عن تشكيل الحكومة.
وقال بشارات "بدأت الصهيونية الدينية السيطرة على دولة الاحتلال، واليوم يكتمل هذا الدور مع تصدر المتطرفين الإسرائيليين بن جفير وأدرعي وسموترش إلى سدة الحكم"، مشيرًا إلى أنه مع تشكيل الحكومة القادمة فإن وجه الدولة الديني والقضائي ووجه الاحتلال مع شعبنا تغير.
وذكر أن المرحلة القادمة ستشهد تغييرًا في تعامل الحكومة الإسرائيلية مع الفلسطينيين؛ حيث ستكون أكثر تطرّفًا مع شعبنا عبر إعدامهم في الميدان والتعامل معهم كـ "إرهابيين وقتلة".
ولفت بشارات إلى أن نسبة من يحكم الآن "إسرائيل" هو20% منهم وجلهم من الصهيونية الدينية "حريديم والليكود".
وأضاف "اليوم يحكم نحو 700 ألف شخص (6 مليون) إسرائيلي، في وقت أن الليكود بات لا صلاحيات قوية له في الحكومة القادمة".
وأوضح أنه تم إقرار 3 قوانين إسرائيلية مهمة في غالبيتها تؤثر على شكل "الدولة" وتسحبها من العلمانية الى الدينية، حيث سُنّت القوانين في ساعة واحدة عشية انشغال العالم في مباراة المغرب وفرنسا.
عزلة دولية
وقال المختص في العلاقات الدولية إياد الشوربجي، إنّ الاحتلال سيجد صعوبة في تسويق ذاته عقب تشكيل حكومة يمينية متطرفة، سواء على صعيد أمريكا أوالمجتمع الغربي.
وأوضح الشوربجي أن العلاقة الشخصية بين نتنياهو وبايدن ليست على ما يرام، على خلفية الانتخابات وصعود اليمين الإسرائيلي، متسائلاً "كيف لوزراء مصنفين أنهم إرهابيين أن يسوّقوا أنفسهم على الصعيد الدولي؟".
ولفت إلى أن الانجراف نحو اليمينية هو مؤشر مهم نحو تفكيك هذا الكيان، موضحًا أن هناك صعوبة في قبول المجتمع الغربي للحكومة الإسرائيلية القادمة.
وأضاف "رأينا انجراف الشعوب العربية بشكل كبير تجاه القضية الفلسطينية في مونديال قطر؛ ذلك أحدث انقلابًا شعبيًّا على الصورة التي حاول إيجادها الحكام المطبعين مع الكيان".
ورأى الشوربجي أن التطبيع سيكون أقل انجرافًا من ذي قبل وأصعب في ظل التعامل مع الحكومة اليمينية المتطرفة القادمة، وأن المجتمع الدولي سيكون أقل حماسًا واندفاع مع التعامل مع هذه الحكومة.
وأضاف "وعلى صعيد الواقع الفلسطيني فإن ما يسمى حل الدولتين أو التسوية، لم يعد مطروحاً فهو مات منذ أمد بعيد؛ متوقعًا تصاعد المقاومة ومساحات الاشتباك مع الفلسطينيين ستزداد.
وذكر الشوربجي أن الحكومة الإسرائيلية ستزيح السلطة الفلسطينية عن المشهد، وستكون هدفًا للمتطرفين، "ويمكن أن ينسحب ذلك لإعادة أطروحة الوطن، وإحداث ضغوطات على شعبنا في الضفة لتهجيرهم إلى الأردن".