تضيء حركة المقاومة الإسلامية (حماس) شمعتها السادسة والثلاثين، محققة طوال هذه المسيرة سلسلة من الإنجازات على مستويات عديدة، غير أنها واجهت انتقادات وتحديات كبيرة هدفت لاقتلاعها.
وأعلنت "حماس" يوم الأربعاء الماضي عن سلسلة فعاليات بمناسبة الانطلاقة تضمنت مهرجانًا مركزيًا وعروضًا عسكرية، إلى جانب أنشطة مجتمعية وخيرية للتخفيف عن المواطنين.
وأطلقت الحركة على فعاليات انطلاقة العام شعار "آتون بطوفان هادر"، مؤكدة من خلاله أن "غزة بكل ما تملك من مقدرات تقف مع الضفة الغربية والقدس حتى اجتثاث الاحتلال".
وفي 14 ديسمبر/ كانون أول 1987 أعلن عن تأسيس حماس بالتزامن مع بداية الانتفاضة الفلسطينية الأولى، على يد الشهيد أحمد ياسين، والشهيد عبد العزيز الرنتيسي، والشهيد صلاح شحادة، والراحل محمد شمعة، والراحل إبراهيم اليازوري، وعبد الفتاح دخان، وعيسى النشار.
وبعد 35 عامًا بات يُنظر إلى حماس على أنها رأس حربة المقاومة بفضل تطوير قدرتها العسكرية إلى مستوى أصبح يحسب الاحتلال "له ألف حساب".
وتمثل "حماس" بارقة أمل للأسرى بفضل احتفاظها بأربعة أسرى إسرائيليين وما تبذله من جهود لإبرام صفقة تبادل ثانية أسوة بما حققته عام 2011.
وبجانب التطور العسكري والأمني الملحوظ، وسعت الحركة من علاقاتها الدولية وحققت اختراقات كبيرة في الساحة السياسية رغم المقاطعة التي تتعرض لها دوليًا، ومحاربتها من أطراف واسعة.
لكن "حماس" تعرضت منذ تأسيسها لتحديات كبيرة بدأت بملاحقة قادتها وعناصرها واعتقالهم مرورًا باغتيال أبرز مؤسسيها، وصولًا إلى المقاطعة الدولية لحكومتها بعد فوزها في الانتخابات البرلمانية عام 2006، والحصار المشدد الذي فرض على قطاع غزة ما صعّب عليها إدارة الحكم فيه.
ويرى محللون في أحاديث لوكالة "صفا" أن الحركة نجحت في مجالات كثيرة على صعيد جوانب سياسية وعسكرية وأمنية، وباتت لاعبًا مهمًا في الساحة الفلسطينية والإقليمية.
تطور كبير
ويوضح الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف أن حركة حماس "أصبحت رقمًا نوعيًا بسبب احتضانها القضية الفلسطينية، ولأنها تعمل على تحرير فلسطين من بحرها إلى نهرها"، مشيرًا إلى أن حماس تطورت بشكل كبير وتنوعت أساليب نضالها من الحجر حتى الطائرة والصاروخ.
ويشير الصواف إلى أن "حماس تدير المعركة السياسية ضد الاحتلال وتحاول إظهار القضية حول العالم"، مبينًا أنها تشكل عنصرًا مهمًا في الساحة الفلسطينية، ونجحت في توحيد الفصائل المقاومة في غرفة عمليات مشتركة.
وعلى صعيد العلاقات الفصائلية والدولية، يبين الصواف أن الحركة تسعى لإتمام الوحدة وتقوية الصف الفلسطيني، وباتت حاضرة في الساحة الدولية، حيث نجحت بالتعريف بالقضية الفلسطينية والدفاع عن حقوقها أمام المحافل العالمية.
ويؤكد أن "حماس" ماضية في الإعداد والتطوير وتراكم القوة، وحققت الكثير من الإنجازات، منها صفقة "وفاء الأحرار" عام 2011، ما يدلل اهتمامها بقضية الأسرى.
تطور سياسي وعسكري وأمني
من جهته، يقول الكاتب إبراهيم حبيب إن حركة حماس منذ تأسيسها قبل 35 عامًا شهدت تطورًا كبيراً بالجانب السياسي، حيث طورت عملها وصولًا للدخول بالحلبة السياسية الفلسطينية من خلال الانتخابات التشريعية وفوزها بغالبية الأصوات وتشكيلها الحكومة.
ويضيف حبيب، في حديثه لـ"صفا"، أن وصول حماس للحكم أسهم في تطور عملها السياسي والقدرة على الانفتاح على العالم.
ويؤكد حبيب أن تطور الأداء السياسي للحركة، أسهم في زيادة شعبيتها والتفاف الجماهير حول رؤيتها وبرنامجها، لافتاً إلى أن "حماس باتت قادرة على قيادة الجماهير، وأصبحت لاعبًا مهمًا وقويًا في الساحة الفلسطينية ورقمًا كبيرًا لا يمكن تجاوزه".
وحول تطور حركة حماس في المجال التقني والاستخباري، يبين حبيب أن الحركة وذراعها العسكري كتائب القسام باتت تمتلك أذرعًا أمنية قادرة على توجيه ضربات أمنية ضد الاحتلال الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن الضربات الأمنية التي وجهتها حماس أظهرت تفوقًا كبيرًا للمقاومة في حرب العقول.
تجربة سياسية مهمة
بينما يقول الكاتب والمحلل السياسي ذو الفقار سويرجو إن حركة حماس لها تجربة مهمة وكبيرة في العمل السياسي الفلسطيني، لافتًا إلى أنها "شكلت نقلة نوعية في التاريخ الفلسطيني، وقلبت المفاهيم في المقاومة وخلقت نوعًا من التوازن بالرعب والندية مع الاحتلال".
ويرى سويرجو أن "حماس سجلت بعض نقاط الفشل خاصة في المواءمة بين العمل المقاوم والحكومي، رغم وجود نقاط نجاح كثيرة لها".
ويبين أن "حركة حماس سجلت تطورًا فكريًا وسياسيًا وباتت قادرة على استيعاب الآخر وخلق حالة وطنية جامعة، ونجحت في كثير المحطات رغم بقاء الانقسام".
وحول التقييم العام لأداء حماس بعد 35 عامًا على تأسيسها، يعتقد سويرجو أن "الحركة نجحت في المجمل العام في أدائها الوطني، وهي مرشحة في الاستمرار بهذا النجاح لأنها انتقلت من إدارة الجماعة إلى إدارة المجتمع".
ويدعو سويرجو حركة حماس إلى تعزيز الشراكة السياسية الحقيقية "وألا تستخدم شعبيتها في الشارع كونها تشكل نسبة كبيرة من الجمهور الفلسطيني في إقصاء الآخرين".
وأوصى المحلل السياسي حماس بـ"ألا تستغل إمكانياتها الشعبية والحكومية في فرض رأيها على الآخرين"، مشددًا على أن احترام توجهات الآخرين يحقق نجاحًا في العمل الفلسطيني.
وتعد حماس إحدى الفصائل الفلسطينية الكبرى، وحظيت باهتمام وتأييد محلي وعلى الصعيد الشعبي عربيًا وإسلاميًا، وتنتهج الفكر "الإسلامي الوسطي"، وحصرت نضالها داخل فلسطين المحتلة.
وتراكم الحركة قوتها وتطور أدواتها في اطار سعيها لتحرير فلسطين، وباتت بعد 35 عاما ًمن تأسيسها أكثر حضورًا وقوة في الساحة الفلسطينية، وفق المختصين.