في مثل هذا اليوم وقبل 29 عاما استشهد القائد في كتائب الشهيد عز الدين القسام، عماد عقل، المطارد رقم واحد لجيش الاحتلال وصاحب سلسلة العمليات النوعية، التي امتازت بكونها نُفّذت من "مسافة صفر".
وخلال سنوات قليلة، أصبح الشاب "عقل" رقمًا صعبًا أمام قوات الاحتلال وقدوة جهادية للفلسطينيين، إذ نفذ خلال سنتين من المطاردة أكثر من أربعين عملية بطولية، كان أبرزها عملية مسجد مصعب بن عمير، التي تعدّ أول عملية مصورة في تاريخ المقاومة الفلسطينية.
ميلاده ونشأته
ولد الشهيد عماد عقل في 19 يونيو/حزيران 1971 في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، وكان والده يعمل مؤذنًا لمسجد الشهداء في المخيم، وهاجر أهله بعد نكبة عام 1948 من قرية "برير" القريبة من المجدل.
درس الشهيد عقل في إحدى مدارس مخيم جباليا في المرحلة الابتدائية وحصل على ترتيب بين الخمسة الأوائل بين أقرانه ثم انتقل إلى المدرسة الإعدادية، وبرز تفوقه مرة أخرى بحصوله على مرتبة متقدمة بين الأوائل، وأنهى المرحلة الثانوية عام 1988 من ثانوية الفالوجة وأحرز المرتبة الأولى على مستوى المدرسة وبيت حانون والمخيم.
الاعتقال
تقدم عماد عقل بأوراقه وشهاداته العلمية إلى معهد "الأمل" في مدينة غزة لدراسة الصيدلة، إلا أنه ما إن أتم إجراءات التسجيل ودفع الرسوم حتى اعتقلته قوات الاحتلال وأودعته السجن في 23/9/1988 ليقدم للمحاكمة بتهمة الانتماء لحركة "حماس" والمشاركة في فعاليات الانتفاضة الأولى؛ فقضى 18 شهرًا في المعتقل ليخرج في شهر 3/1990.
وفي العام الدراسي 1991-1992 تم قبوله في كلية حطين في عمّان قسم "الشريعة"، إلا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي منعته من التوجه إلى الأردن؛ بسبب نشاطه ومشاركته في الانتفاضة.
نشاطه وعملياته
في بداية عام 1991 تمّ اختيار عماد عقل ليكون ضابط اتصال بين "مجموعة الشهداء"، وهي أولى مجموعات كتائب القسام وبين قيادة كتائب القسام، والتي كانت تعمل بشكل أساسي في قتل المتعاونين الخطيرين مع الاحتلال إلى حين الحصول على قطع لتسليح أفراد المجموعة استعدادًا لتنفيذ عمليات عسكرية ضد دوريات وجنود الاحتلال.
وفي 26/12/1991 أصبح مطاردًا لجيش الاحتلال وأجهزته الأمنية بعد اعترافات انتزعت من مقاومين بعد تعرضهم لتعذيب شديد.
وفي 22/5/1992 انتقل إلى الضفة الغربية وعمل على تشكيل مجموعات لكتائب القسام هناك.
وفي 13/11/1992 عاد إلى قطاع غزة بعد أن نظّم العمل العسكري في الضفة الغربية، وجاءت عودته بعدما اعتقلت قوات الاحتلال العشرات من مقاتلي "كتائب القسام" في الضفة؛ الأمر الذي اضطره للعودة إلى القطاع.
ورفض القائد عقل الخروج من قطاع غزة إلى خارج فلسطين في شهر 12/1992، وأصرّ على البقاء.
وخلال عامين من المطاردة الإسرائيلية الشرسة، ظل عماد عقل يجوب الضفة الغربية وقطاع غزة ينفذ عملياته ويشكل مجموعات المقاومين، ونفذ العديد من العمليات والمعارك منها تحطيم سيارة مخابرات إسرائيلية وإصابة ركابها، في حي الشيخ عجلين جنوب غزة وذلك بتاريخ 5/4/1992، وجرح 4 جنود بينهم امرأة برتبة ضابط بالخليل في 21/10/1992، وقتل جنديًا وجرح آخر بالخليل في 25/10/1992، وقتل ثلاثة جنود بينهم ضابط بطريق الشجاعية في 7/12/1992، وجرح جنديين في غزة في 12/2/1993.
وكانت أبرز عمليات الشهيد عقل هي عملية مسجد "مصعب بن عمير" في حي الزيتون بغزة والتي نشرت كتائب القسام صور الضباط والجنود القتلى الذين قام عقل برفقة مجموعته بقتلهم داخل جيبهم العسكري.
وشكّلت هذه العملية بداية مرحلة جديدة من عمليات مجموعة الشهداء في كتائب القسام؛ فقد كانت أول عملية مصورة في تاريخ المقاومة الفلسطينية، وأول عملية يتم التخطيط لها بشكل محكم، وموجهة ضد الآلة العسكرية الإسرائيلية، إذ اقتصر عمل المجموعة بعد المطاردة على العمليات التطهيرية للعملاء ومروجي الفساد والمخدرات.
استشهاده
لم يدّخر جيش الاحتلال الإسرائيلي أي جهد لاغتيال عماد عقل أو الوصول إليه، وقد حاول اغتياله أكثر من مرة، وجند عملاءه ومخابراته لذلك، ووضعه على رأس قائمة المطلوبين.
وفي يوم الأربعاء 24/11/1993 وبعد أن تناول عماد عقل طعام الإفطار -إذ كان صائما- مع بعض رفاقه في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، وعند خروجه من المنزل الذي كان فيه، قام أحد العملاء – تم قتله لاحقا- بالدلالة على المكان الذي يتواجد فيه عماد، فحاصرت قوات الاحتلال الحي، وحدث تبادل إطلاق نار بين الشهيد وقوات الاحتلال أسفر عن مصرع عدد من جنود الاحتلال، واستشهاد عماد عقل بعد أن أصابت جسده إحدى القذائف المضادة للدروع الذي استخدمها الجنود في معركتهم مع عماد وقد أصابت القذيفة وجهه.